قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، الأربعاء 12 مايو/أيار 2021، إن إيران مستعدة لإقامة علاقات وثيقة مع السعودية، والتعاون معها من أجل أن يسود السلام والاستقرار منطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد عقد لقاءات بين مسؤولين من البلدين بالعراق.
جاءت تصريحات ظريف خلال حديثه للصحفيين في دمشق، وقال: "نحن يقيناً على استعداد وكنا دائماً على استعداد لإقامة علاقات وثيقة مع السعودية. وأنا على يقين من أن أشقاءنا السوريين يرحبون دائماً بالتعاون في العالم العربي ونحن أيضاً معهم في ذلك".
كذلك أكد ظريف إجراء بعض الاتصالات مع السعودية، وأعرب عن أمنيته بأن "تؤتي ثمارها من خلال تعاون أكبر بين إيران والمملكة من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة لا سيما في اليمن الذي يعاني من كارثة إنسانية مروعة".
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية قد أكد علناً لأول مرة يوم الاثنين الماضي، أن طهران تجري محادثات مع السعودية، موضحاً أنها ستبذل ما في وسعها لحل المسائل الخلافية بينهما.
من جانبه، قال السفير رائد قرملي، مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية السعودية، لرويترز الأسبوع الماضي، إن المحادثات بين السعودية وإيران تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة.
لكن قرملي اعتبر أنه من السابق لأوانه الحكم على النتيجة، موضحاً أن الرياض تريد أن ترى "أفعالاً يمكن التحقق منها".
كان مسؤول إيراني كبير ومصدران إقليميان قد قالا لوكالة رويترز، إن إجراء المحادثات بين السعودية وإيران بالعراق، تأتي مع سعي واشنطن لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع طهران في 2015 وإنهاء الحرب في اليمن.
ذكر أحد المصدرين أن الاجتماع بين مسؤولين سعوديين وإيرانيين الذي رتبه رئيس الوزراء العراقي الذي زار السعودية أوائل أبريل/نيسان الماضي، ركز على اليمن؛ حيث يحارب تحالف عسكري بقيادة الرياض حركة الحوثي المتحالفة مع إيران.
تاريخ من العلاقات المتوترة
منذ مطلع 2016، توترت العلاقات بين السعودية وإيران بشكل غير مسبوق، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما، إثر إعدام الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر، وتبع ذلك اعتداءات على المنشآت الدبلوماسية السعودية في إيران.
كما أنه منذ تأسيس الحكومة المذهبية في إيران عقب الثورة التي جرت عام 1979، اعتبرت السلطات السعودية هذه الحكومة منافسة جديدة لها في المنطقة، واستمرت العلاقات الثنائية بين البلدين منذ ذلك الحين على هذا الأساس.
وظلت العلاقات بين إيران والسعودية حافلة بالتوترات، وهذه أبرز محطاتها:
– في عام 1988، تمّ احتلال السفارة السعودية بالعاصمة الإيرانية طهران، وقتل أحد الدبلوماسيين السعوديين فيها، الأمر الذي أدى إلى إعلان الرياض قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، واستمرت هذه القطيعة حتى عام 1991.
– أدى تسليم الولايات المتحدة الأمريكية إدارة العراق في عام 2003 إلى الجماعات الشيعية الموالية للإيرانيين إلى زيادة المخاوف الأمنية للسعوديين.
– تم تفسير التفوق النفسي والسياسي النسبي الذي حققه حزب الله اللبناني المدعوم من قِبل الإيرانيين، على إسرائيل، في حرب عام 2006، على أنه صعود الجيوسياسية الشيعية في المنطقة.
– تعاظُم النفوذ الإيراني في العراق عام 2007، أدّى إلى إحداث قلق لدى حكومات دول المنطقة.
– رفعت السعودية من حجم ضغوطها على الولايات المتحدة الأمريكية عام 2008، وذلك بداعي أن الإدارة الأمريكية أسهمت في خلق مساحة للنفوذ الإيراني في العراق.
– أرسلت السعودية عام 2011 وحدات عسكرية لإخماد المظاهرات التي نظمتها حركات شيعية مدعومة إيرانياً في البحرين.
– في عام 2011 اعتُقل شخصان يحملان الجنسية الإيرانية، عقب محاولتهما اغتيال السفير السعودي السابق لدى واشنطن، عادل الجبير.
– دعمت القيادة الإيرانية وحزب الله اللبناني نظام بشار الأسد في الحرب السورية، التي بدأت 2011، حيث تدخّلا بشكل فعلي في هذا الصراع، من خلال إرسال قوات مقاتلة إلى جانب النظام، فيما تبنّت المملكة موقفاً داعماً للمعارضة.
– سيطر الحوثيون المدعومون من طهران، عام 2015، على أجزاء واسعة في اليمن، ولجأ الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إثر ذلك إلى السعودية، حيث بدأت قوات التحالف العربي، الذي تشكل لاحقاً بقيادة المملكة بقصف مواقع الحوثيين في اليمن.
– أعدمت السلطات السعودية في عام 2016، 47 محكوماً، بينهم رجل الدّين الشيعي نمر باقر النمر، وعبّر الشارع الإيراني عن سخطه بإحراق السفارة السعودية في طهران، وقنصليتها في مشهد، الأمر الذي دفع المملكة إلى إعلان السفير الإيراني لدى الرياض شخصاً غير مرغوب فيه.