تعهّدت السعودية وباكستان، السبت 8 مايو/أيار 2021، بتعزيز علاقاتهما، ووقعتا اتفاقيات لتنهيا بذلك توترات دبلوماسية مستمرة منذ أشهر بين الحليفين التقليديين، على خلفية منطقة كشمير التي تتنازع باكستان السيادة عليها مع الهند.
جاء ذلك خلال زيارة هي السابعة لرئيس وزراء باكستان عمران خان إلى السعودية، منذ انتخابه رئيساً للحكومة الباكستانية في 2018، وحظي خان باستقبال رسمي في مدينة جدة على البحر الأحمر، لدى وصوله مساء الجمعة في زيارة تستمر ثلاثة أيام، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، استقبل خان ثم اصطحبه إلى الديوان الملكي بقصر السلام، حيث عقدا جلسة محادثات وجرى التوقيع على الاتفاقيات.
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء الحكومية السعودية أنه جرى خلال اللقاء "التأكيد على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وأهمية توسيع وتكثيف آفاق التعاون والتنسيق الثنائي وتعزيزه في مختلف المجالات".
علاقات شابها التوتر
ومع أنّ المملكة كانت أول دولة أجنبية زارها رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بعد انتخابه العام 2018، بدت الرياض مستاءة من إسلام آباد العام الماضي.
ففي بيان شديد اللهجة في أغسطس/آب الماضي، دعا وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي منظمة التعاون الإسلامي ومقرها السعودية إلى عقد اجتماع رفيع المستوى بشأن كشمير المتنازع عليها مع الهند.
أثار التعليق غضب الرياض، التي رأت فيه تحذيراً من أن باكستان تستعد للدعوة لعقد اجتماع لدول إسلامية خارج منظمة التعاون، وبالتالي محاولة لتقويض قيادتها للمنظمة الإسلامية المكونة من 57 عضواً.
وبينما دعمت الرياض إسلام آباد بمساعدات وقروض بمليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، يقول مراقبون إن المملكة حريصة أيضاً على عدم إغضاب الهند، وهي شريك تجاري رئيسي لها ومستورد للنفط السعودي.
كذلك كانت السعودية قد استرجعت مليار دولار من قرض بقيمة 3 مليارات دولار من باكستان التي تعاني من ضائقة مالية، كما لم يتم تجديد تسهيل ائتماني نفطي منتهي الصلاحية بمليارات الدولارات، حسبما أفاد مصدر دبلوماسي، في سبتمبر/أيلول الماضي، للوكالة الفرنسية.
قبل ذلك، تجنّبت باكستان الرد على طلبات سعودية لقواتها البرية لدعم الحملة العسكرية التي تقودها الرياض في اليمن، ضد المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.
اتفاقيات جديدة
لكن يبدو أن زيارة خان نجحت في إعادة إطلاق العلاقات الوثيقة بين البلدين الإسلاميين المنخرطين في "الحرب على الإرهاب"، التي تتطلب تبادل المعلومات الاستخبارية فيما يتعلق بالتهديدات والعناصر المتطرفة.
فالبيان السعودي قال إنّ الوفدين أكّدا في جدة على "ضرورة تضافر جهود العالم الإسلامي لمواجهة التطرف والعنف ونبذ الطائفية".
علاوة على ذلك، وقّع مسؤولون من البلدين اتفاقي تعاون "في مجال المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية" ومكافحة الجريمة، ومذكرتي تفاهم في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات وتمويل مشاريع في مجالات الطاقة والبنية التحتية والنقل والمياه والاتصالات.
كذلك اتّفقوا على إنشاء مجلس للتنسيق الأعلى بين البلدين، وجاء في بيان باكستاني رسمي أنّه "خلال الاجتماع تم الاتفاق على زيادة تعزيز وتعميق وتنويع العلاقات الثنائية القائمة، السياسية والاقتصادية والتجارية والدفاعية والأمنية".
وتقيم باكستان علاقات وطيدة مع السعودية، حيث يعيش ويعمل أكثر من 2,5 مليون من مواطنيها، لكنها تحافظ أيضاً على علاقات وثيقة مع إيران، وتمثّل المصالح القنصلية لطهران في الولايات المتحدة.
وعلى مدى عقود حاولت الدولة تحقيق التوازن بين علاقاتها القوية مع السعودية وإيران، التي لها حدود مشتركة معها تمتد على ألف كيلومتر تقريباً. وفي العام 2019 قام رئيس الوزراء الباكستاني بزيارة مكوكية بين السعودية وإيران، في محاولة لتهدئة العلاقات بين الخصمين اللدودين.