قال الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة"، في تغريدة له، السبت 8 مايو/أيار 2021: "نحيي صمود أهلنا المرابطين في القدس والأقصى، ونقول لهم إن قائد أركان القسام، محمد الضيف، وعدكم ولن يخلف وعده".
تغريدة "أبو عبيدة" تأتي بعد أيام من توجيه قائد هيئة الأركان في كتائب القسام، محمد الضيف، تحذيراً أخيراً إلى الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، في ظل العدوان المتواصل على أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلّة.
إذ نقل الناطق باسم كتائب القسام، "أبو عبيدة"، عن الضيف تأكيده أن قيادة المقاومة وكتائب القسام تراقب ما يجري من كثب.
أضاف "أبو عبيدة": "يوجه قائد الأركان، محمد الضيف، تحذيراً واضحاً وأخيراً للاحتلال ومغتصبيه، بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا بحي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً".
"إحنا رجال محمد الضيف"
بات هو الشعار الأكثر ترديداً مؤخراً، من قِبل الشبان الفلسطينيين في مدينة القدس الشرقية. و"محمد الضيف" هو قائد الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ويقيم في قطاع غزة.
بُعيد صلاة الفجر، الجمعة، هتف آلاف الفلسطينيين بحياة "الضيف" في المسجد الأقصى، وتكرر المشهد بعد صلاة الجمعة.
عادة، لا يهتف الفلسطينيون في المسجد الأقصى، لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية، بحسب مراقبين مقدسيين.
بدأ الشبان في الهتافات المشيدة بـ"محمد الضيف"، في "باب العامود"، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان، حينما احتجوا على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
بعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخاً من قطاع غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل، وأزالت حواجزها من "باب العامود". وآنذاك، حذّرت كتائب القسام إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها بالقدس.
اسم "الضيف" تكرر في الاحتجاجات
لاحقاً، تكرر اسم "محمد الضيف"، في مظاهرات تم تنظيمها بـ"الشيخ جراح" في المدينة، احتجاجاً على قرارات إجلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلهم في الحي لصالح مستوطنين.
على أثر ذلك، خصّ "الضيف"، الثلاثاء 4 مايو/أيار الجاري، سكان "الشيخ جراح"، بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
قال في تصريحه المكتوب: "يتوجه قائد هيئة الأركان، في كتائب القسام، (أبو خالد)، محمد الضيف، بالتحية إلى أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، ويؤكد أن قيادة المقاومة والقسام تراقب ما يجري عن كثب".
أضاف: "يوجّه قائد الأركان تحذيراً واضحاً وأخيراً للاحتلال ومغتصبيه، بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا بحي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غالياً".
الشبان ليسوا من "حماس"
يجمع المراقبون بالقدس على أن الشبان الذين يهتفون لـ"الضيف" بالقدس، ليسوا عناصر في حركة "حماس" ولا أي تنظيم فلسطيني آخر.
يقول الدكتور مهدي عبدالهادي، المحلل السياسي البارز بشؤون القدس، إنه لا يملك تفسيراً محدداً لسبب تكرار هتافات الإعجاب بـ"الضيف".
لكنه يضيف مستدركاً، في حديث خاص لوكالة الأناضول: "من الممكن أن يكون (الضيف) يمثل بالنسبة للشباب، رمزاً للصمود والكبرياء الوطنية". ويدور الحديث حول شباب في أوائل العشرينيات من أعمارهم، بقَصات شعر حديثة.
لم ينعكس الأمر فقط على هتافاتهم، بل إن هؤلاء الشبان باتوا يَسمَعون في سياراتهم بالقدس، أناشيد حركة "حماس".
تابع عبدالهادي: "إنهم (الشباب) يبحثون عن عنوان للمقاومة، لم تستطع إسرائيل أن تصل إليه، على الرغم من عدة حروب شنتها على غزة".
أكمل موضحاً: "الكل يحاول أن يقول لأهل القدس إنهم ليسوا وحدهم، وإن هناك من يقف الى جانبهم، علماً بأن أهل القدس سيبقون وحدهم". واستدرك: "لكن أن تشعر بأن هناك من يقف إلى جانبك، هو بالتأكيد أفضل من أن تشعر بأنك وحدك".
من هو "الضيف"؟
تطارد إسرائيل "الضيف"، منذ بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي، لكنها لم تنجح في الوصول إليه.
وُلِد الضيف عام 1965 لأسرة فلسطينية لاجئة، في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة. وانضم باكراً إلى حركة "حماس"، التي تأسست نهاية عام 1987.
اعتقلته إسرائيل عام 1989، خلال ضربة واسعة وجهتها لحركة حماس، وقضى 16 شهراً في سجونها موقوفاً دون محاكمة، بتهمة العمل في الجهاز العسكري الأول لـ"ح" (سبق تأسيس كتائب القسام، وكان اسمه "المجاهدون الفلسطينيون").
بعد خروج "الضيف" من السجن، كانت كتائب الشهيد عز الدين القسام بدأت تظهر كتشكيل عسكري، وكان "الضيف" من مؤسسيها وفي طليعة العاملين فيها. وبدأت قوات الاحتلال في ملاحقته عام 1992، ولم تنجح في الوصول إليه حتى الآن.
يقول نشطاء بحركة حماس، إنه يمتلك ملكات فريدة في التخفي. وأقرت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، حسب الصحف العبرية، بأنها بذلت جهوداً مضنية في مطاردته.
كما تتهمه بالوقوف خلف سلسلة طويلة من العمليات الهجومية التي أدت إلى مقتل وجرح مئات الإسرائيليين.