أصبح الوضع في نيبال مُروِّعاً للغاية، بعد أن تدهور الوضع الوبائي في البلاد بشكل غير مسبوق، إذ ارتفعت حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتكتظ المستشفيات بالمرضى، بينما لجأ رئيس الوزراء إلى طلب المساعدة من الدول الأخرى.
سجلت نيبال، الخميس 6 مايو/أيار 2021، نحو 20 حالة إصابة بكوفيد-19 لكلِّ 100 ألف شخص في اليوم الواحد، وهو العدد نفسه الذي وصلت إليه الهند قبل أسبوعين.
حسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية، الخميس، فإن العديد من الخبراء لا يستبعدون أن تكون الهند سبب هذا الارتفاع الصاروخي في الإصابات والوفيات، بسبب فتح الحدود بين البلدين، وفي نهاية الأسبوع الماضي، جاءت نسبة 44% من اختبارات الإصابة بالفيروس في نيبال إيجابية، وفقاً للأرقام الحكومية التي نقلها الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي حذَّرَ من أزمةٍ وشيكة.
أزمة مدمرة قد تفوق الهند
في السياق، قال رئيس الصليب الأحمر النيبالي، الدكتور نيترا براساد تيمسينا، في بيانٍ له: "ما يحدث بالهند شكلٌ مُسبق ومُروِّع لما سيحدث في نيبال إذا لم نتمكَّن من احتواء موجة الفيروس الأخيرة التي تودي بحياة مزيد من الأرواح في كلِّ دقيقة".
فقد أثار الانتشار السريع للفيروس مخاوف من أن نيبال تتأرجح على شفا أزمةٍ مُدمِّرة مثلها مثل الهند، إن لم تكن أسوأ.
ما يزيد من تأزيم الوضع أن لدى نيبال نظاماً صحياً هشاً، مع عددٍ أقل من الأطباء نسبةً إلى الفرد الواحد مقارنةً بالهند، ومعدَّل تطعيم أضعف من جارتها، ويشير المعدَّل المرتفع للنتائج الإيجابية للاختبارات إلى أن البلاد لا تسجِّل الحالات بما يكفي.
كما سمحت الفعاليات الجماهيرية العامة، وضمنها المهرجانات والتجمُّعات السياسية وحفلات الزفاف، بانتشار الحالات، إلى جانب الإهمال في احتياطات السلامة وبطء الإجراءات الحكومية.
الأوضاع تزداد سوءاً والهند قد تكون السبب
من جهته، قال الدكتور سامير أديكاري، المتحدِّث باسم وزارة الصحة والسكَّان النيبالية، الإثنين 3 مايو/أيار، إن "الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وقد تخرج عن نطاق السيطرة في المستقبل".
قبل شهرٍ واحدٍ فقط، كانت هذه الدولة الواقعة في جبال الهيمالايا، والتي يبلغ عدد سكانها 31 مليون نسمة، تبلّغ عن نحو 100 حالة في اليوم، أما الآن، فقد تجاوز العدد 8600.
بينما ألقى البعض باللوم في ذلك على الموجة الثانية المستعرة في الهند والتي امتدَّت إلى نيبال، التي تشترك في حدودٍ برية طويلة ومفتوحة مع جارتها.
لا يحتاج النيباليون إلى إظهار جواز سفرهم أو بطاقة هويتهم لدخول بلادهم، والعديد من النيباليين لديهم أعمال تجارية في الهند، والعكس صحيح، مِمَّا يعني أن حركة المرور عبر الحدود مرتفعة.
وقال أديكاري إنه في الأسابيع الأخيرة، فرَّ بعض الهنود من الموجة الثانية في بلادهم، على أمل الحصول على الرعاية الصحية في نيبال أو الهروب إلى دولة ثالثة.
كما أضاف: "من الصعب للغاية إيقاف كلِّ الحراك بين البلدين".
استفاقة متأخرة!
في الأيام الأخيرة، شدَّدَت نيبال القواعد، وبإمكان المواطنين النيباليين الآن العبور من الهند فقط في 13 من أصل 35 نقطة حدودية، وفقاً لوزير الخارجية النيبالي، براديب كومار جياوالي.
لكن العائدين يحتاجون الخضوع للاختبار على الحدود، وفقاً لشنكر بهادور بيستا، مساعد رئيس منطقة بانكي، المتاخمة للهند.
وأضاف أن بإمكان أيِّ شخصٍ كانت نتيجة اختباره سلبيةً العودة إلى الوطن، لكن الحالات الإيجابية يجب أن تدخل منشأة الحجر الصحي أو المستشفى.
ومع ذلك، يقول الدكتور سامير ماني ديكسيت، عالم أبحاث الصحة العامة في نيبال، إن هذه الإجراءات جاءت بعد فوات الأوان، إذ كان الفيروس يتفشَّى بالفعل داخل البلاد.
بدأت أزمة نيبال بالظهور في أوائل أبريل/نيسان الماضي، وحينها وصف رئيس الوزراء، شارما أولي، علاجاً أوَّلياً غير مُثبَت لفيروس كوفيد-19.
وقال أولي إن المرض يمكن علاجه بالغرغرة بأوراق الجوافة، مضيفاً في تصريحاته المثيرة للسخرية، العام الماضي، أن النيباليين يتمتَّعون بجهاز مناعة أقوى، بسبب تناولهم اليومي للتوابل.
ومع مرور الأيام في شهر أبريل/نيسان، عندما كانت البلاد تسجِّل أكثر من 2400 حالة جديدة في اليوم، تجمَّعت وسائل الإعلام حول رئيس الوزراء أثناء افتتاحه برجاً جديداً بدلاً من آخر دُمِّرَ في زلزال 2015.
وبعد خمسة أيام، في 29 أبريل/نيسان، عندما تضاعفت الحالات اليومية إلى أكثر من 4800، فرضت الحكومة إغلاقاً لمدة أسبوعين في العاصمة. وفي اليوم التالي، أقرَّت وزارة الصحة والسكان بأنها تعاني من ضغطٍ شديد.
في الاتجاه نفسه، ذكرت صحيفة Theguardian البريطانية، أن عدم اتِّخاذ الحكومة إجراءات احترازية أثار غضب الناس في نيبال. ويقول الخبراء إنه في حين لم يكن من الممكن منع الموجة الثانية، كان بإمكان الحكومة فعل المزيد للسيطرة عليها.
علاوة على ذلك، تُعَدُّ نيبال من أفقر بلدان العالم، وينعكس ذلك في نظام الرعاية الصحية فيها. ووفقاً لخطة الاستجابة الحكومية في مايو/أيار من العام الماضي، لا تملك نيبال سوى 1595 سريراً للعناية المركزة و480 جهاز تنفُّس صناعي لنحو 30 مليون شخص.
وتعاني نيبال نقصاً كبيراً في الأطباء، حيث يوجد 0.7 طبيب فقط لكلِّ 100 ألف شخص، وفقاً لبيانات البنك الدولي، أي أقل من الهند التي تبلغ فيها النسبة 0.9 طبيب لكلِّ 100 ألف شخص. ويُستدعَى العاملون الصحيون الذين كانوا في إجازةٍ طويلة الأمد، للمساعدة في إدارة الأزمة، فيما وجَّه الجيش النيبالي الطاقم الطبي المتقاعد، الأربعاء 5 مايو/أيار، للاستعداد للاستدعاء لاحتواء الأزمة.