رفضت ألمانيا التنازل عن براءات اختراع لقاحات كورونا، وقالت برلين إن هذه الخطوة لن تزيد الإنتاج، بل ستعرقل أبحاث القطاع الخاص في المستقبل، وهو ما تسبب في خلاف مع أمريكا، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
الصحيفة أوضحت في تقرير لها، الخميس 6 مايو/أيار 2021، أن هذا هو أول خلاف كبير بين القوتين الاقتصاديتين منذ تولى جو بايدن منصبه، ويهدد بتأزيم المناقشات في منظمة التجارة العالمية، وتعكير صفو العلاقات داخل مجموعة الدول السبع الكبرى للديمقراطيات الصناعية.
إذا كانت منظمة التجارة العالمية ستتخذ قراراً بالتنازل عن براءات اختراع لقاحات كورونا، فلا بد أن يُصوَّت عليه بالإجماع، ومن ثم تمثل المعارضة الألمانية عقبة كبيرة أمام تعليق حقوق الملكية الفكرية على اللقاحات المضادة لـ"كوفيد-19″.
التنازل عن براءات اختراع لقاحات كورونا
ورحَّبت منظمة الصحة العالمية بإعلان إدارة بايدن يوم الأربعاء 4 مايو/أيار، عن دعمها للتنازل عن براءات اختراع لقاحات كورونا باعتبارها خطوة نحو مزيد من المساواة العالمية، في وقت لا تتمتع فيه البلدان الفقيرة بإمكانية الحصول على اللقاحات، والموجة المدمرة التي تجتاح جنوب آسيا حالياً.
لكن حكومة أنجيلا ميركل أعلنت معارضتها لهذه الخطوة يوم الخميس، 6 مايو/أيار. وقالت متحدثة باسم الحكومة الألمانية: "اقتراح الولايات المتحدة برفع حماية براءات الاختراع للقاحات فيروس كورونا له آثار كبيرة على إنتاج اللقاح ككل".
كما أضافت أنَّ "العوامل التي تحِد من إنتاج اللقاحات هي القدرات الإنتاجية ومعايير الجودة العالية وليست براءات الاختراع"، مشيرة إلى أنَّ الشركات تتعاون بالفعل مع شركاء لتعزيز قدرات التصنيع.
فيما أكدت المتحدثة: "حماية الملكية الفكرية هي مصدر للابتكار ويجب أن تظل كذلك في المستقبل".
فكرة أمريكية "مرفوضة"
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي، توني بلينكن، إنَّ التنازل عن براءات اختراع لقاحات كورونا كان مجرد واحدة من مجموعة متنوعة من الوسائل التي تنظر فيها الإدارة لتكثيف النضال لاحتواء الوباء.
في تصريح لقناة MSNBC الأمريكية خلال زيارة إلى أوكرانيا، أضاف بلينكن: "الشيء الأهم هو أن علينا تسريع هذه الجهود. بالنظر إلى المسار الراهن، ما لم نفعل المزيد.. ما لم يفعل العالم بأسره المزيد، فلن يُلقَّح سكان العالم حتى عام 2024. لكن يمكننا تسريع الأمور، وإنجاز الهدف، في وقت أقصر بكثير في رأيي. وإذا نجحنا في ذلك، فسنكون جميعاً في وضع أفضل".
من جهتها، ردت شركات الأدوية بالغضب على قرار الولايات المتحدة، وتراجعت أسهم شركات تصنيع اللقاحات الصينية والأمريكية.
أعربت كذلك بعض الدول عن دهشتها في تصريحات غير رسمية، واتهم أحد الدبلوماسيين الولايات المتحدة بالاستعراض من خلال تقديم حلول مبسطة ترضي الجماهير لمشكلات طويلة الأجل.
في الأوقات العادية، تحافظ براءات الاختراع على أرباح الشركات متعددة الجنسيات التي تُصنِّع الأدوية واللقاحات؛ مما يجعل من غير القانوني للمنافسين إنتاج نسخ رخيصة مُقلَّدة منها لمدة تصل إلى 20 عاماً.
لكن في خضم الوباء، تقول منظمة الصحة العالمية إنه لا يوجد أحد آمن حتى يصبح الجميع آمنين، ويقول نشطاء إنَّ هناك حجة أخلاقية قوية للتخلي عن براءات اختراع لقاحات كورونا.
الإعلان تسبب في انقسام أوروبي
فيما أثار إعلان بايدن بشأن الإعفاءات انقساماً داخل الاتحاد الأوروبي. فقد أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن "تأييده التام" لهذه الخطوة، في تحول ملحوظ بالنسبة لفرنسا، التي جادلت سابقاً بأنَّ التنازل عن براءة الاختراع من شأنه تثبيط الابتكار.
إذ قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إنَّ الاتحاد منفتح على نقاش المسألة. وأشارت إلى أنَّ جهود التلقيح في الاتحاد الأوروبي تتسارع، ويحصل 30 أوروبياً على اللقاح كل ثانية، مع تصدير أكثر من 200 مليون جرعة.
كما أوضحت: "لهذا السبب نحن على استعداد لمناقشة كيف يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال تطبيق اقتراح الولايات المتحدة بالتنازل عن حماية الملكية الفكرية بشأن براءات اختراع لقاحات كورونا".