يواجه الأطباء في العراق صراعاً مريراً مع المخاوف المتزايدة بين السكان من تلقي لقاحات كورونا، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ارتفاعاً في عدد الإصابات وقلقاً من انتقال محتمل لـ"السلالة الهندية" من الفيروس إلى بغداد، وهو ما قد يُهدد القطاع الصحي الذي يعاني من صعوبات وترهل أصلاً.
وبين الأطباء في العراق يتنامى شعور بالسخط إزاء انهيار البنية التحتية، وتقاعس الحكومة، وانتشار "الأخبار الكاذبة" عن سلامة اللقاحات، وهو ما يقوض محاولات وقف انتشار المرض، حسب ما وثق موقع Middle East Eye البريطاني، السبت 1 مايو/أيار 2021.
شهادات مكتومة
من جانبه، قال طبيب يعمل في دائرة صحة الرصافة في بغداد للموقع، إن الجهاز الطبي "لم يتمكن سوى من تطعيم 10 آلاف شخص يومياً"، قائلاً "بهذه الأرقام سنحتاج إلى سنوات للوصول إلى مناعة القطيع عن طريق التطعيم، وهذا أمر غاية في السوء، خاصة في ظل ظهور تحورات جديدة في الفيروس".
وأضاف الطبيب: "لدينا أشخاص يرفضون اللقاح، ومعظمهم يرفضون لقاح سينوفارم الصيني ويرفضون أسترازينيكا، لأن بعض الهيئات الأوروبية تقول إنه قد يسبب وفيات أو شيء من هذا القبيل".
وعن الجهود التي يبذلونها لإقناع المواطنين بتلقي اللقاح يقول: "نحاول أن نقول إن هذه أخبار كاذبة، وإنه إذا تلقى مليون شخص اللقاح فربما يموت أربعة أو خمسة، ولا توجد علاقة مباشرة بين الوفاة واللقاح، لكن الناس لا يصدقون ذلك، بل يصدقون الشائعات المنتشرة في شوارعنا، وهذا يزيد من صعوبة السيطرة على هذا الفيروس في الوقت الحالي".
والطبيب تحدث للموقع شريطة عدم الكشف عن هويته، بعد أن أصدرت وزارة الصحة العراقية العام الماضي حظراً شاملاً على حديث العاملين في مجال الصحة إلى وسائل الإعلام.
برنامج تلقيح بطيء
وقد بدأ العراق برنامج التطعيم، الشهر الماضي، حيث تلقى في البداية 50 ألف جرعة من لقاح سينوفارم (الموجه بصورة أساسية للكوادر الصحية)، ثم 336 ألف جرعة من لقاح أسترازينيكا عن طريق مبادرة تدعمها منظمة الصحة العالمية.
ولكن، حتى الآن، لم يتلقَّ اللقاح سوى ما يزيد قليلاً عن 100 ألف شخص من أصل 40 مليون شخص، هم عدد سكان العراق.
وكانت أحدث إحصاءات وزارة الصحة قد سجلت أكثر من مليون إصابة في البلاد، بالإضافة إلى ما لا يقل عن 15,465 حالة وفاة. على أن خبراء الصحة أشاروا إلى أن الأرقام قد تكون أعلى من ذلك، لأن العديد من العراقيين يتأخرون في التقدم للفحص حين يشتبهون في إصابتهم بالمرض.
ويعد العراق البلد العربي الأكثر تضرراً من الفيروس حتى اللحظة، كما أن نظامه الصحي يتعرض لخطر الانهيار في حال ازدياد الإصابات.
خطر السلالة الهندية
قبل أيام، حذرت خلية الأزمة في البرلمان العراقي من أن "السلالة الهندية" من فيروس كورونا "قريبة من الدخول إلى العراق"، مشددة على ضرورة اتخاذ "الإجراءات الصارمة القادرة على منعها".
وقال مقرر الخلية، جواد الموسوي، في بيان إن "السلالة الهندية لفيروس كورونا هي الأخطر حتى الآن، وهي قريبة جداً من الدخول للعراق"، مضيفاً أن "على السلطات الحكومية ووزارة الصحة اتخاذ إجراءات استباقية صارمة ومبكرة بمنع رعايا دولة الهند والدول المصابة الأخرى من الدخول للعراق لمدة شهر".
وحذر الموسوي من تعرض العراق "لكارثة"، بدخول هذه السلالة التي قال إنها قادرة على الانتشار "أربعين ضعفاً أكثر من السلالة الأصلية"، كما أنها "أشد فتكاً وتصيب كل أجهزة جسم الإنسان وجميع الأعمار".
من جانبها، قالت عضو الفريق الطبي الإعلامي في الوزارة، ربى فلاح، إن العراق لم يسجل أي إصابة بهذه السلالة حتى هذه اللحظة، لكن "كل شيء وارد"، وأن "السفر إلى دول موبوءة يمكن أن يجلب سلالات أكثر خطورة".
ودعت فلاح المواطنين إلى أخذ اللقاح والالتزام بإجراءات الصحة والسلامة والتباعد الاجتماعي.
جاء ذلك بعد أن أعلنت محافظة ذي قار العراقية عن حجر 21 شخصاً بعد الاشتباه بإصابتهم بالسلالة الهندية المتحورة من فيروس كورونا.