أعمال طالها مقص الرقابة وأخرى سقطت في الرتابة.. دراما رمضان في الجزائر تتحدث عن كل شيء إلا السياسة

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/29 الساعة 09:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/29 الساعة 10:06 بتوقيت غرينتش
"عاشور العاشر" من بين أشهر الأعمال الرمضانية في الجزائر (مواقع التواصل الاجتماعي)

كعادتها خلال السنوات الأخيرة لم تُشِبع الأعمال الرمضانية الجزائرية فضول متابعيها، إذ أفسد مقص الرقابة عملين جماهريين بسبب مواضيعهما السياسية، بينما اعتمدت الأعمال الأخرى على الإبهار البصري وأهملت المضمون الذي لم يخرج عن رتابة السنوات الماضية.

والمميّز في الدراما الرمضانية الجزائرية هذه السنة هو الكم، بحيث تعتبر السنة الأكثر إنتاجاً خلال العشر سنوات الأخيرة.

السياسة والفن.. الخطان لا يلتقيان

اشتكى مثقفون وفنانون في الجزائر من مقص الرقابة الذي كان حاداً هذه السنة على الأعمال الدرامية الرمضانية، تزامناً مع الوضع السياسي والاجتماعي الصعب الذي تمرّ به البلاد.

وتعيش الجزائر وضعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً صعباً، كما تشهد تراجعاً كبيراً في الحريات السياسية ناهيك عن الثقافية والفنية حسب المتابعين.

ويتجلى هذا التراجع في الرقابة التي مورست على عملين يتمتعان بشعبية كبيرة في الجزائر وهما سلسلة "عاشور العاشر" وسلسلة "دقيوس ومقيوس" في موسميهما الثالث.

حسان مرابط الصحفي المختص في المجال الفني قال لـ"عربي بوست" إن "الرقابة على الأعمال الرمضانية في الجزائر ليست وليدة اليوم، ولكنها موجودة منذ سنوات".

من جهته يرى الصحفي والناقد محمد علال في حديث مع "عربي بوست" أن "الرقابة في الجزائر على الأعمال الفنية هي رقابة ذاتية، تبدأ من المنتج والمخرج وكاتب السيناريو الذين يعرفون جيداً ما يقدمون".

عرفت الأعمال الرمضانية لهذه السنة تنوعاً لكنها سقطت في الرتابة (فيسبوك)
عرفت الأعمال الرمضانية لهذه السنة تنوعاً لكنها سقطت في الرتابة (فيسبوك)

مقص الرقابة "شر" لا بُد منه

ينتظر الملايين من المشاهدين في الجزائر سلسلتي "عاشور العاشر" و"دقيوس ومقيوس" وجديدهما بفارغ الصبر كل موسم رمضاني، لِمَ يُقدمانه من جرعة كوميدية ممزوجة بالقليل من الإسقاطات السياسية التي باتت تشكل صداعاً رمضانياً للسلطة.

وكانت السلطات الجزائرية قد منعت السنة الماضية بث سلسلة "دقيوس ومقيوس" التي تدور أحداثها داخل سجن، وتحاكي طريقة عيش رجالات بوتفليقة وشقيقه داخله.

ورُحّلت السلسلة إلى هذه السنة، بعدما تمت إعادة تركيبها وحذف بعض المشاهد التي لا تروق للرقابة، حسب ما كشفه مصدر خاص لـ"عربي بوست" .

وفيما يخصّ "عاشور العاشر" فعبّر بعض نجومه عن خيبة أملهم بعد أن تم حذف مشاهد كثيرة منه في الحلقات الأولى، كما تم إلغاء بث الحلقة الأولى لأسباب يقولون إنها مجهولة.

ويقول الصحفي والناقد محمد علال، إنه "لا يعتقد أن التلفزيون العمومي الجزائري الذي يبثّ سلسلة "عاشور العاشر" قد حذف مشاهد كما يدعي بعض نجومه"، مؤكداً أن "الذي يحقّ له الحديث عن الحذف هو مخرج العمل جعفر قاسم وهو لم يتحدّث عن أي رقابة لحد الساعة".

ويضيف علال في تصريح لـ"عربي بوست" أن "منتج العمل يحق له التصرف في العمل كما يراه مناسباً، وإن كان التلفزيون العمومي قد قصّ بعض المشاهد من السلسلة فهذا من حقه".

وعن سلسلة "دقيوس ومقيوس"، يرى علال أن السلسلة مُنعت السنة الماضية وسمح بعرضها هذه السنة رغم أنها تعتمد تجسيداً مباشراً لشخصيات من النظام، وهذا دليل على ازدياد مساحة الحرية وليس العكس.

سلسلة
سلسلة "دقيوس ومقيوس" التي تدور أحداثها داخل سجن، وتحاكي طريقة عيش رجالات بوتفليقة وشقيقه داخله

الرقابة على الأعمال الرمضانية في الجزائر

يتفق النقاد الذين تحدث إليهم "عربي بوست" على أن الأعمال الرمضانية الجزائرية هذه السنة لم تخرج عن المألوف وكرّرت نفسها رغم أنها تطورت كثيراً من الجانب التقني بحيث قدمت صوتاً وصورة وديكوراً مبهراً، على حد قولهم.

وأكد الصحفي حسان مرابط أن "هناك تبايناً واختلافاً بين مستوى الأعمال الرمضانية الكوميدية والدرامية معاً، سواء من ناحية السيناريو أو أداء الممثلين، غير أنّ أغلبها ركّز على عنصر الإبهار البصري بداية من البوستر، الذي كان مهملاً عند الكثير".

وأضاف المتحدّث: "ما لوحظ في رمضان الحالي هو -إن صح التعبير- وجود إنتاجات متنوعة، سواء على شاشة التلفزيون العمومي (الحكومي) أو على القنوات الخاصة".

وقال مرابط: "اللافت هو ظهور طاقات ومواهب شابة قدِمت من مجال السوشيال ميديا، صحيح قد يفتقرون إلى التكوين في التمثيل ولكن هناك منهم من أبدع في دوره، إلى جانب ممثلين كبار".

من جهته، يعتقد الناقد فيصل شيباني أن "الشيء الجيد هذه السنة بالنسبة للإنتاج التلفزيوني الدرامي في الجزائر، هو الكم، ورغم أن هذا الكم لا يعكس بالضرورة النوعية، ولكن يُمكن القول إن هناك تطوراً كبيراً في الأعمال الدرامية سواء على مستوى الطرح أو من حيث الجانب الفني والتقني، وهذا ما ظهر جلياً في بعض الأعمال التي استطاعت أن تستعيد الجمهور الجزائري الذي كان لسنوات طويلة رهين المسلسلات الأجنبية".

وانتقد شيباني الأعمال الكوميدية قائلاً: "الملاحظ هذا الموسم هو سقوط الأعمال الكوميدية في فخ السطحية والتهريج لدرجة الابتذال، ناهيك عن الرسائل السياسية المباشر الفجة، التي لم تخدم هذه الأعمال".

ووافق الناقد محمد علال بقية النقاد، بحيث أبدى إعجابه بالجانب التقني والبصري للأعمال الرمضانية، لكنه انتقد مضامينها معتبراً إياها رتيبة ومكررة.

تحميل المزيد