بعد تطبيق تيك توك، الذي يعتبر أشهر تطبيقات الشبكات الاجتماعية الصينية التي تحقق رواجاً ساحقاً في الخارج، حقق تطبيق الدردشة الصوتية والألعاب Yalla -"يلا"- ارتفاعاً كبيراً من حيث عدد المستخدمين في منطقة الشرق الأوسط، وبات من بين أكثر المنصات اجتياحاً للمنطقة في الفترة الأخيرة، إذ تضاعف عدد مستخدميه الشهري بخمسة أضعاف.
حسب تقرير لصحيفة The Financial Times البريطانية، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021، فقد وصل عدد مستعملي التطبيق في المنطقة إلى أكثر من 12 مليون منذ بداية العام الماضي وحتى يونيو/حزيران من نفس العام، وارتفع كذلك سعر أسهمه بثلاثة أضعاف منذ الطرح العام الأولي في نيويورك في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ماذا يقول صاحب التطبيق؟
استطاعت الشركة، التي يقع مقرها الرئيسي في دبي، توطين نفسها جيداً، لدرجة أنَّ العديد من المستخدمين لا يدركون أنَّ فريقها الهندسي ومؤسسيها جميعهم في هانغتشو، بالقرب من شنغهاي- وهو مثال نادر على شركة تكنولوجيا هجينة صينية- أجنبية ناجحة.
يانغ تاو، المدير التنفيذي للشركة، قال إنه توصل إلى فكرة التطبيق أثناء سفره في جميع أنحاء المنطقة، من مصر إلى أفغانستان، وملاحظة مقدار الوقت الذي يقضيه الناس في التحدث على الهاتف.
لذا قرر إنشاء شبكة اجتماعية قائمة على الدردشة بدلاً من الكتابة، واليوم يقضي كل مستخدم لـ"يلا" ما معدله خمس ساعات على التطبيق، والكثير منهم لا يتحدث بنشاط، بل يتسكعون أو يستمعون لآخرين، وكأنَّما هناك راديو يعمل في الخلفية.
كما أشار يانغ إلى أنه في بداية عمله، لم تحظَ المنطقة باهتمام يُذكر، وقال: "كان الشرق الأوسط عالماً يغفله أصحاب رؤوس الأموال"، مستدركاً أنَّ تطوير تطبيق في الشرق الأوسط أسهل بكثير منه في سوقه المحلية، الصين.
بماذا يختلف هذا التطبيق عن غيره؟
استوحى يانغ الفكرة في البداية من منصات البث المباشر في الصين، التي يتابع من خلالها ملايين المستخدمين نجومهم المفضلين، لكنه قرر بعد ذلك إنشاء تطبيق يُمكّن الأشخاص من التواصل الاجتماعي في مجموعات صغيرة.
ترتكز فكرة "يلا" في الغالب على غرفة دردشة صغيرة تتسع لما يصل إلى 20 شخصاً، يتلقون دعوات من أصدقائهم.
ووصف يانغ الفكرة بأنها مجلس افتراضي، في إشارة إلى التجمعات التي اعتاد حضورها في أبوظبي، ومثل المجلس، يجلب الضيوف الهدايا؛ وتأتي أرباح "يلا" من الهدايا الافتراضية داخل التطبيق التي يرسلها المستخدمون لبعضهم البعض.
وشهدت الشركة نمواً هائلاً خلال فترة الإغلاق المرتبطة بـ"كوفيد-19″ في العام الماضي، وقال يانغ إنَّ التطبيق يتمتع الآن بزخم بعد التوصية به على الصفحات الرئيسية لمتجر تطبيقات Apple ومتجر تطبيقات Google في المنطقة لعدة أشهر.
من جانبه، عزا رئيس المجموعة، سيفي إسماعيل، نجاح "يلا" إلى أنَّ لغة التطبيق وشكله والانطباع الذي يثيره تتمحور جميعها حول اللغة العربية.
شروط صارمة ومراقبة المحتوى
يقول بهذا الخصوص: "نلمس كل قلب عربي من خلال التحدث بلغته والاحتفال والتفاعل مع ما يشعر به ويعبر عنه ويفعله".
وتنص القاعدة الأساسية للمنصة على: حظر السياسة والدين والإباحية. ويستنتج يانغ أنَّ "السبب الذي يجعل الجميع يتعايشون بانسجام هو أننا لا نتحدث عن [أشياء معينة]". وانتهاك هذه القاعدة يعرض المستخدم لخسارة حسابه.
يتبع الفريق نهجاً جاداً في إدارة المحتوى، وهو أمر مُكلِّف؛ لأنَّ أجهزة الكمبيوتر ليست قادرة بعد على تصفية الكلام بفاعلية. وبدلاً من ذلك، هناك حاجة إلى تدخل بشري للحكم على سياق المحادثات.
ونتيجة لذلك، تمتلك شركة "يلا" 200 شاشة مراقبة للاستماع إلى قنوات الدردشة آنياً، وتُراقَب بحرص الغرف الكبيرة على وجه الخصوص- التي يمكن أن تمتد إلى الآلاف. ويساعدها في ذلك تقديم عشرات الآلاف من المستخدمين طواعية تقارير شكاوى، وحقيقة أنَّ النظام الأساسي للمنصة ومجتمع المستخدمين لا يركزان على السياسة، بل على المحادثات غير رسمية.
وقال يانغ، الذي قضى وقتاً في مراقبة تطبيق Clubhouse قبل أن يحظر مراقبو الإنترنت في بكين التطبيق، بعدما أصبح مكاناً شائعاً لمناقشة مواضيع مثل الاعتقال الجماعي لمسلمي الإيغور في شينغيانغ: "بدون مراقبة المحتوى، ستواجه مشكلات في العديد من البلدان المختلفة".