أثار إعلان الحكومة البريطانية أن قانون لمّ شمل الأسرة لم يعد سارياً، بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي "بريكست"، انتقادات واسعة النطاق، واتهامات بالفشل في لمّ شمل اللاجئين، الأمر الذي دفعها لإطلاق وعود بالسماح بمواصلة القضايا الجارية في تلك الفترة، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 27 أبريل/نيسان 2021.
إلا أن منظمة "الممر الآمن" الخيرية، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أخبرتا صحيفة The Guardian أنه منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم تكن هناك طريقة قانونية واضحة لترتيب عمليات نقل اللاجئين.
كما أشار محامون في اليونان وإيطاليا إلى أن وزارة الداخلية البريطانية توقفت عن الاستجابة لطلبات إعادة ترتيب حالات لمّ شمل الأسرة التي أُرجِئت بسبب جائحة كورونا.
في هذا الصدد، ظل زوجان أفغانيان، كلاهما ضحية التعذيب الشديد في ظل حكم حركة طالبان، عالقين في اليونان منذ ما يقرب من عام، بعد منحهما إذناً قانونياً للانضمام إلى ابنهما وعائلته في المملكة المتحدة.
إذ مُنِح الزوجان الموافقة على لم شمل العائلة في أغسطس/آب الماضي، وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي كان عليهما السفر إلى المملكة المتحدة في غضون ستة أشهر. لكن القيود على الرحلات بسبب "كوفيد-19" أدت إلى تأخير قضيتهما، والعديد من الحالات الأخرى. وقال محاموهم إنه بسبب مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي، لا يوجد طريق واضح لإعادة ترتيب نقلهما.
فيما أوضح محامون إن هذه القضية هي واحدة من 80 حالة على الأقل لأفراد لديهم الحق في أن يكونوا في المملكة المتحدة، لكن تقطعت بهم السبل، لأن وزارة الداخلية البريطانية لم توضح كيف يمكن إتمام عمليات النقل خارج قانون الاتحاد الأوروبي. وأكدت منظمة "الممر الآمن" أنها شهدت مشكلات مماثلة في إيطاليا وفرنسا.
بريطانيا فشلت في التواصل مع السلطات الأوروبية
من جهتها، صرحت بيثاني غاردينر-سميث، الرئيسة التنفيذية لمنظمة "الممر الآمن" غير الحكومية، بأنه قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت تُطبَّق عملية واضحة من أجل لم شمل الأطفال مع أسرهم في المملكة المتحدة، لكن منذ ذلك الحين فشلت الحكومة البريطانية في التواصل بفاعلية مع السلطات الأوروبية.
جراء ذلك، يمكث علي، صبي من إريتريا يبلغ من العمر 17 عاماً، وحيداً في إيطاليا منذ الصيف الماضي في انتظار الانضمام إلى عائلته في المملكة المتحدة. وقال: "لقد ساءت حياتي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. تلقيت إجابة إيجابية للانضمام لعائلتي منذ 10 أشهر، لكنني أعيش دائماً على أمل كاذب. أظل أفكر متى سأذهب إلى عائلتي في إنجلترا.. في اليوم التالي، أم في الشهر التالي. أكره حياتي".
التوقف عن التواصل مع اللاجئين
بدورهم، أعرب محامو علي عن اعتقادهم بأن وزارة الداخلية البريطانية توقفت عن التواصل معهم عمداً بسبب انقضاء مهلة النقل البالغة ستة أشهر؛ مما يعني أنهم قد يكونون قادرين على تجنب قبول قضيته.
في السياق ذاته، نوّهت جوليا جويتي، المحامية من منظمة Cidas الإيطالية للاجئين وطالبي اللجوء، إلى أنهم احتجوا إلى إعادة ترتيب عمليات النقل، لكن اعتباراً من 1 يناير/كانون الأول، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توقفت وزارة الداخلية عن الرد على كل الاتصالات. ليس فقط بالنسبة لهم، لكنهم لا يردون على وحدة تنفيذ إجراءات دبلن في إيطاليا، وفق قولها.
من جانبه، عبّر متحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في إيطاليا عن قلق المفوضية أيضاً بشأن نقص المعلومات الواردة من المملكة المتحدة، لافتاً إلى أن فترات الانتظار الطويلة لإجراء لم شمل الأسرة بموجب اتفاقية دبلن ازدادت تعقيداً في الأشهر التي أعقبت خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي،
المتحدث ذاته أضاف: "من دون إجابات واضحة، غالباً ما يفقد القاصرون الثقة في إمكانية لم شملهم مع أسرهم بمساعدة إجراء عادي، ويقررون محاولة الوصول إلى عائلاتهم بأنفسهم؛ مما يعرضهم لخطر الإساءة والاستغلال".
إبعاد طالبي اللجوء عن البلاد
يأتي ذلك في ظل ما قيل خلال الشهر المنصرم عن أن الحكومة البريطانية تدرس إبعاد طالبي اللجوء عن أراضيها لحين دراسة طلباتهم، وذلك ضمن إطار تعديل أكبر على قوانين الهجرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
حيث تسعى بريطانيا لتغيير قوانين اللجوء لوقف المهاجرين الذين تصفهم بغير القانونيين من محاولات عبور القناة الإنجليزية بين فرنسا وبريطانيا سعياً وراء طلب اللجوء.
فضلاً عن ذلك، تدرس المملكة المتحدة تأسيس مركز استقبال للاجئين في الأراضي التابعة لها في الخارج، من بين تلك الأراضي جبل طارق. هذا الأمر دفع حكومات الأراضي التابعة لبريطانيا في الخارج إلى الاستفسار عن أبعاد تلك الخطوة.
كان نظام الهجرة الحالي قد تعرض لانتقادات حكومية، فقد وصفت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، هذا النظام بأنه يعاني "من مشاكل في أساسه"، على حد قوله.
يشار إلى أنه خلال العام الجاري عبر أكثر من 650 شخصاً القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة نحو الأراضي البريطانية، وهو ضعف العدد الذي عبر العام الماضي خلال الفترة نفسها.
نقل لاجئين لأحياء تعج باليمين المتطرف
إلى ذلك، كشفت صحيفة The Independent البريطانية، السبت 3 أبريل/نيسان 2021، أن وزارة الداخلية البريطانية عرضت حياة اللاجئين للخطر، لعدم التزامها بتحذيرات السلطات المحلية من أن بعض المناطق التي نقل إليها لاجئون للسكن، تضم كثيراً من أنصار اليمين المتطرف.
بحسب الصحيفة فإنَّ المجالس البريطانية التي تؤوي طالبي اللجوء قد انسحبت من فعل ذلك بسبب فشل وزارة الداخلية في "التعامل الهادف" مع اللاجئين.
يأتي ذلك بعد أن أطلقت وزارة الداخلية تنفيذ "عملية البلوط" في فبراير/شباط الماضي، "لتسريع" نقل 9000 طالب لجوء سُكِّنوا في الفنادق بلندن أثناء الوباء إلى أماكن إقامة طويلة الأجل في عموم بريطانيا.
وفقاً لما تم نشره، فإن طالبي اللجوء ينقلون إلى المناطق بحسب نسبة موصى بها لا تتجاوز واحداً لكل 200 من السكان المحليين، ولكن النسب ارتفعت كثيراً في الآونة الأخيرة؛ وهو ما أثار غضب السلطات المحلية.