انتهت معاناة البحار السوري، محمد عائشة، بعد أن سمحت له السلطات المصرية بالعودة إلى بلاده، بعد أن ظلّ عالقاً على متن سفينة وحيداً في قناة السويس لِمَا يقرب من أربع سنوات، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 23 أبريل/نيسان 2021.
إذ نشرت هيئة البث البريطانية bbc، الناطقة بالعربية، الأربعاء 7 أبريل/نيسان، قصة أحد البحارة السوريين الذي يقيم في سفينة قبالة السواحل المصرية، بعدما احتُجزت سفينته بمصر منذ 2017.
فقد شغل محمد منصب كبير الضباط على السفينة MV Aman البحرينية لمدة شهرين، قبل أن تحتجزها السلطات المصرية في مايو/أيار عام 2017، بسبب انتهاء صلاحية شهادات معدات السلامة.
ظهرت عليه أعراض سوء التغذية
في حديثه مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC، يوم الخميس 22 أبريل/نيسان، قبل ركوب طائرته إلى سوريا، قال محمد إنه شعر وكأنه يغادر السجن. وقال البحار السوري: "شعوري كأنني خرجت أخيراً من سجن، أخيراً سأعود إلى أسرتي، وسأراهم مرة أخرى".
أضاف أن أصعب وقت مر عليه في السنوات الأربع التي قضاها على متن السفينة كان حين توفيت والدته.
بينما قال طبيب أجرى فحصاً على البحار السوري قبل أن يبدأ رحلته إلى وطنه، إنه ظهرت عليه أعراض سوء التغذية وفقر الدم وأعراض يُصاب بها عادة "شخص مسجون في ظروف سيئة".
قصة احتجاز البحار السوري
كشف البحار السوري محمد عائشة أن المحكمة المصرية أصدرت قراراً بشأن سفينته، أجبرته به على توقيع حكم يفيد بأن يكون حارساً للسفينة المهجورة، التي هي حالياً معروضة للبيع في مزاد، كما قال محمد إنه لم يدرك معنى الحكم.
كما صادرت السلطات جواز سفره السوري، لذلك لا يستطيع مغادرتها لحين إيجاد بديل له، أو بيع السفينة التي تُركت من دون وقود منذ ذلك الحين.
الشاب السوري محمد قال لـ"بي بي سي" إن الحياة على السفينة كانت كسجن انفرادي يعيش فيه منذ 4 سنوات، حيث تقطن معه على متن السفينة فئران وحشرات، دون أن يتمكن من رؤية أو سماع شيء.
كما نوّه البحار السوري بأن أكثر ما يفتقده هو عائلته وأسرته، مشيراً إلى أنه لم يتمكن من رؤية والدته التي توفيت منذ عامين، وهو لا يزال على متن السفينة.
محمد البالغ من العمر 33 عاماً، قال إنه باشر عمله على السفينة التجارية البحرينية (أمان)، في الشهر الخامس من عام 2017، برتبة ضابط ملاحة أول.
بعد أول أسبوعين من العمل على متنها تنقلت السفينة بين عدة موانئ، ووصلت إلى ميناء الأدبية في مدينة السويس المصرية، ليتفاجأ طاقم العمل حينها بمحضر حجز على الباخرة، بسبب مستحقات مالية على مالكها.
مساعدة الاتحاد الدولي لعمال النقل
انتهت محنة البحار السوري بعد إعلان ممثل من الاتحاد الدولي لعمال النقل (ITF) في محكمة مصرية، أنه سيحل محل محمد وسيصبح الوصي القانوني على السفينة.
إذ قال محمد الرشيدي، الذي ينتمي للاتحاد الدولي لعمال النقل: "كانت هذه الحالة من أصعب حالات التخلي عن البحّارة التي عملت عليها، لأن محمد عاش وضعاً يائساً لفترة طويلة جداً".
كما أوضح أنه كان يمكن تفادي وقوع هذه المحنة التي ألمت بمحمد بشكل كامل لو أن أصحاب السفينة والأطراف الأخرى الملتزمة تجاهه فعلوا الشيء الصحيح من البداية.
أضاف: "لقد تغير الكثير في السنوات الأربع الماضية، وقد لا يتمكن محمد من التعرف على منزله في سوريا. وقد توفي بعض أفراد عائلته منذ سنوات، ولن يتمكن من رؤية والدته مرة أخرى، وهذا يبعث على الأسى".
قانون مصري مثير للجدل
قال الرشيدي إن مشكلة محمد تسلط الضوء على "نظام الوصاية القانونية" المصري المثير للجدل في قضايا التخلي عن البحارة.
إذ إن حالته مشابهة لحالة قبطان تركي علق على سفينة في قناة السويس لعدة أشهر، بعدما عينته محكمة مصرية الوصي القانوني على السفينة المسماة MV Kenan Mete، في فبراير/شباط عام 2021.
أُطلق سراح القبطان كارا في النهاية ليعيش في فندق قريب، لكنه لا يزال عاجزاً عن مغادرة مصر.
وفقاً لمنظمة العمل الدولية، توجد أكثر من 250 حالة حول العالم تخلى فيها أصحاب السفن عن البحارة العاملين لديهم. وأشارت الأمم المتحدة إلى تسجيل 85 حالة جديدة العام الماضي، أي بما يزيد عن الحالات المسجلة العام السابق له بمقدار الضعف.