تسريب يكشف كيف يتحايل فاحشو الثراء الأجانب على مالطا.. ثغرات جديدة في جوازات السفر الذهبية بمالطا

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/22 الساعة 19:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/22 الساعة 19:38 بتوقيت غرينتش
جوازات السفر المالطية أثارت ضجة في الاتحاد الأوروبي

كشف تسريب من إحدى شركات الوساطة في إصدار جوازات السفر عن قدرة الروسيين والصينيين والسعوديين فاحشي الثراء على الوصول بشكل غير مقيّد إلى الاتحاد الأوروبي من خلال مخطط جوازات السفر الذهبية من مالطا، ولا يتطلب الأمر منهم قضاء أكثر من ثلاثة أسابيع فقط في البلاد، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 22 أبريل/نيسان 2021.

كانت مالطا أطلقت في عام 2013، برنامجاً مثيراً للجدل لشراء جوازات السفر الذهبية. وللحصول على الوثيقة، يتوجَّب على المتقدم دفع مبلغ 743 ألف دولار لصندوقٍ وطني للتنمية، واستثمار 170 ألف دولار في الأسهم والسندات الحكومية.

إذ يمنح جواز السفر حامله حرية التنقل داخل دول الاتحاد الأوروبي؛ لأنَّ حامله يحصل تلقائياً على الجنسية الأوروبية، لكن البرنامج أثار الكثير من الشكوك بخصوص نزاهته؛ ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التحقيق في ذلك.

التظاهر بأنهم "مقيمون" داخل البلد

كشف التسريب أن بعض المتقدمين الذين يسعون لشراء جوازات السفر الذهبية المالطي من خلال مخطط الاستثمار الحكومي، تمكنوا من التظاهر بأنهم "مقيمون" داخل البلد لمدة عام كامل عن طريق استئجار شقق سكنية وتركها خاوية.

فقد مكنت الثغرة بعض المتقدمين، الذين يدفعون أكثر من مليون يورو (1.2 مليون دولار) بموجب هذا المخطط، من ادعاء أن لديهم "روابط أصلية" بمالطا، المطلب القانوني الأساسي، بينما لا يقضون داخل البلد أكثر من أسبوعين ما بين عطلة وبعض الأنشطة السطحية التي تلفت الأنظار إلى وجودهم مثل استئجار يخت فاره أو التبرع لمؤسسة خيرية محلية.

جانب من جزيرة مالطا
جانب من جزيرة مالطا

من المرجح أن يثير هذا التسريب قلق المفوضية الأوروبية، التي شرعت مؤخراً في اتباع الخطوات الأولية للإجراءات القانونية المحتملة ضد مالطا، بسبب بيعها جوازات السفر الذهبية. واتهمت المفوضية حكومة مالطا ببيع الجنسية التي تتيح لمن يحملها الوصول لكل دول الاتحاد الأوروبي، لأفراد لا تربطهم أي صلة بالبلد.

فيما ترفض الحكومة المالطية أي إشارة إلى أن متطلبات الإقامة بها مزيفة. وتقول إنها من يملك الكلمة القانونية النهائية، وليس الاتحاد الأوروبي، بشأن من يمكن أن يصدر له جواز سفر من عدمه، وإنها تتحقق جيداً من الخلفية الأمنية للمتقدمين قبل حصولهم على تصريح الإقامة. 

إلا أن الملفات تكشف أنه خلال السنوات الأولى من المخطط، أخبر العديد من المتقدمين صراحةً ومقدماً، أنهم يخططون لإظهار بعض الروابط السطحية داخل البلد، وكشف معظمهم أنهم يخططون للإقامة أسابيع قليلة فقط في مالطا بينما يفترض أن تصل مدة الإقامة القانونية إلى 12 شهراً.

قلق أوروبي من بيع جوازات السفر الذهبية

أعلنت مالطا عن خطتها لبيع الجنسية منذ ثماني سنوات؛ مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التعبير عن قلقه بشأن إمكانية حصول من يشتري الجنسية المالطية على وصول غير مقيّد وحرية الحركة بين الدول الأعضاء.

في يناير/كانون الثاني 2014، ألقى متحدث باسم المفوضية الأوروبية خطاباً شجب فيه المقترح، وشدد على ضرورة أن يقتصر منح جوازات السفر الذهبية من الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي على الأفراد الذين لديهم "اتصال حقيقي" ببلدهم.

تجنبت الحكومة المالطية هذا المأزق عندما أصدرت بعدها بأسبوعين، مع المفوضية الأوروبية، بياناً مشتركاً تعلن من خلاله أن أي شخص يشتري الجنسية المالطية ينبغي أن يقيم في البلاد لمدة عام كامل، مع إثبات أصالة الروابط التي تجمعه بموطنه الجديد. 

إلا أن مخطط جوازات السفر الذهبية من الحكومة المالطية لم يحدد ماهية "الإقامة" بشكل واضح. وراوغت الحكومة المالطية في السابق عند سؤالها عن نسبة المتقدمين الذين تتوقع أن يكونوا موجودين داخل البلاد فعلياً لمدة 12 شهراً. 

راجعت صحيفة The Guardian أكثر من 250 من "خطابات نوايا" المتقدمين، والتي يفترض أن يشرحوا فيها للحكومة كيف ينوون توطيد وترسيخ روابطهم وعلاقاتهم داخل مالطا. لكن العديد من أصحاب تلك الخطابات حصلوا على الجنسية المالطية دون الالتزام بقضاء الوقت المقرر لهم داخل البلاد.

ومن بين 250 خطاباً، كان متوسط مدة إقامة المتقدم الواحد في مالطا 16 يوماً فقط.

مالطا تؤكد الخضوع لفحوصات أمنية صارمة

ضمن متطلبات إظهار النوايا والالتزام تجاه الموطن الجديد، يُطلب من المتقدمين للحصول على جوازات السفر الذهبية من مالطا استثمار 1.15 مليون يورو (1.4 مليون دولار) داخل البلاد، من ضمنها شراء عقار بقيمة 350.000 يورو (420.000 دولار) أو استئجار عقار لمدة خمس سنوات بقيمة 80.000 يورو (96.000 دولار). 

كانت بعض العقارات التي استئجرت أصغر بكثير من حجم عائلة المتقدم، بطريقة يستحيل معها تخيّل إقامتهم الفعلية فيه. في إحدى الحالات، استأجر مواطن صيني شقة بغرفتي نوم مقابل 1.500 يورو (1.800 دولار) شهرياً رغم تقدمه للحصول على الجنسية لاثني عشر فرداً من عائلته، من بينهم ستة أطفال.

في حالة أخرى، طلب أحد المتقدمين من وكالة وسيطة أن تعثر له على عقار مناسب، وعندما طُلب منه تحديد بعض التفاصيل مثل السعر أو عدد غرف النوم أو الإطلالة المفضلة على البحر أو غيره، كتب إليهم: "لا أهتم بكل ذلك، أريد أرخص عقار ممكن يتوافق مع متطلبات البرنامج".

رفض جوزيف كول، المفوض السامي لمالطا في المملكة المتحدة، وصف أي من متطلبات الإقامة لمدة 12 شهراً، بـ"غير الواقعية". لكن من ناحية أخرى، لم تعارض حكومة مالطا أياً من النتائج التي توصلت إليها صحيفة The Guardian، واكتفت بتأكيد خضوع المتقدمين للحصول على جوازات السفر الذهبية لفحوصات أمنية صارمة.

تحميل المزيد