قال موقع Business Insider الأمريكي، الثلاثاء 20 أبريل/نيسان 2021، إن طاقم سفينة شحن الحاويات العملاقة إيفرغيفن، التي تسببت الشهر الماضي بجنوحها في سد المجرى الملاحي، لا يزالون عالقين على متنها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، بعد تعويم السفينة في قناة السويس.
حيث إن الطاقم المكون من 26 عضواً لا يستطيع مغادرة السفينة الراسية في بحيرة صناعية بجانب قناة السويس، في ظل الاستثناءات المحدودة. فقد احتجزت السلطات المصرية السفينة في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على تعويضات كبيرة من مالكيها ومشغليها، وهو ما يتسبب في حصار طاقم السفينة.
هذا الموقف المصري دفع ممثل أحد اتحادات البحارة للتحذير من احتجاز طاقم السفينة واعتبارهم رهائن في إطار النزاع القضائي، وهو موقف متكرر بالنسبة للبحارة الذين تعلق سفنهم في مشكلات قضائية.
بينما سبق أن أعلنت هيئة قناة السويس، يوم الخميس 15 أبريل/نيسان الجاري، أن فردين من أفراد طاقم سفينة إيفرغيفن سيتم السماح لهما بمغادرة السفينة للعودة للهند بسبب ظروف شخصية طارئة.
كانت السفينة إيفرغيفن، البالغ طولها 400 متر، قد جنحت بعرض القناة في الجزء الجنوبي من الممر المائي، وسط رياح قوية، يوم 23 مارس/آذار المنصرم. وظلت السفينة عالقة ستة أيام فمنعت مئات السفن من العبور، وأضرت كثيراً بحركة التجارة العالمية.
احتجاز في منطقة بحيرات الإسماعيلية
بعد تعويمها في 29 مارس/آذار الماضي، نُقلت السفينة إلى منطقة بحيرات الإسماعيلية، التي تفصل بين قطاعي القناة، حيث تجري هيئة قناة السويس تحقيقات فيما حدث. وهي محل نزاع قانوني متعلق بمطالبة بتعويضات قيمتها 916 مليون دولار تطالب بها هيئة قناة السويس من الشركة اليابانية المالكة للسفينة، وذلك كمقابل عن الأضرار التي لحقت بالقناة بسبب جنوح السفينة في مجرى القناة وتعطل الحركة الملاحية.
يذكر أن السفينة "إيفرغيفن" مملوكة لشركة "شوي كيسن" اليابانية، ومسجلة في بنما، وتستأجرها شركة "إيفرغرين" التايوانية، ومؤمن عليها في نادي التأمين في لندن.
يأتي ذلك في الوقت الذي صرّحت فيه هيئة قناة السويس، قبل أيام، بأنها لا تدخر جهداً لضمان نجاح المفاوضات، وتتعاون بشكل تام لتلبية كافة متطلبات طاقم السفينة، وفق قولها.
دعوى قضائية
لكن الشركة المالكة طعنت على الدعوى القضائية، وليس هناك إشارة حالية إلى أن طاقم السفينة الهندي سوف يتمكنون من المغادرة في أي وقت قريب، حتى في الوقت الذي أعلنت فيه إيفرغيفن نفسها أنها تصلح للإبحار بحسب آراء المفتشين.
من جانبه، قال عبدالغني سرانج، السكرتير العام للاتحاد الوطني للبحارة في الهند، في حديثه مع صحيفة The Guardian: "هؤلاء فنيون ليس لهم علاقة بالحادث ولا يجب احتجازهم رهائن"، داعياً إلى استمرار المفاوضات لبحث ما ستصل إليه، لكن لا يجب برأيه أن "ينبع الموقف من منطلق أن بحارتنا في مصر هم الطرف المتلقي للنتائج. فلا يجب أن يواجهوا أي مشكلة على الإطلاق من هذه الحادثة برمتها".
في حين لفت سرانج، في تصريحات لموقع Insider، إلى أن طاقم السفينة في وضع آمن وفي صحة جيدة، وهو ما أكدته في 14 أبريل/نيسان شركة Bernhard Schulte Shipmanagement، المسؤولة عن الإدارة الفنية للسفينة.
استبدال ثلاثة أشخاص من طاقم السفينة بآخرين
كذلك قال سرانج في حديثه مع صحيفة The Guardian، إن الاتحاد الوطني للبحارة فى الهند يأمل أن يُسمح لثلاثة آخرين من طاقم السفينة، وهم الذين تنتهي عقودهم قريباً، بمغادرة السفينة، ولكن سيتوجب استبدال ثلاثة بحارة آخرين بهم.
بدورها، أوضحت شركة P&I البريطانية، وهي شركة التأمين التي تمثل مالكي سفينة إيفرغيفن، في بيان، أن هيئة قناة السويس لم تقدم المبررات الكافية لهذا المبلغ "الضخم للغاية" الذي يطالبون به، مضيفة: "إننا أيضاً محبطون من تعليقات هيئة قناة السويس بأن السفينة سوف تُحتجز في مصر حتى يُدفع التعويض، وأن طاقم السفينة لن يكون قادراً على مغادرة السفينة حتى هذا الوقت".
بحسب موقع Lloyd's List، الموقع المتخصص في أخبار وبيانات الشحن العالمية، تتردد بين دوائر شركات التأمين البحري وجهة نظر تقول إن المبلغ الذي تطالب به هيئة قناة السويس مبالغ فيه بدرجة شديدة، منوهاً إلى أن "الشعور السائد خلف الكواليس هو أن المبلغ المطلوب كبير للغاية، وليس بطريقة سخيفة فحسب بل وشائنة".
في غضون ذلك، لا يزال معظم أعضاء الطاقم عالقين بدون أدنى أمل بحدوث انفراجة سريعة.
لن تتحرك قبل دفع التعويضات
كان رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع، قد أكد، السبت 10 أبريل/نيسان 2021، أن السفينة "إيفرغيفن" لن تغادر البلاد، وسيظلون متحفظين عليها لحين انتهاء جميع التحقيقات في أسباب جنوحها، ومراجعة صلاحيتها الفنية، ودفع التعويضات التي قال إنها يجب عليها دفعها أولاً.
المسؤول المصري أشار في تصريحات إعلامية إلى أنه في حال رفض أصحاب السفينة "إيفرغيفن" دفع التعويضات ودياً، فسيذهبون إلى القضاء للفصل بينهما في هذه الأزمة، وفقاً لقانون البحار، مشدداً على أن "السفينة ستبقى في القناة حتى يجري دفع التعويضات (…)، خاصة أن جنوح السفينة وصمة عار في تاريخ أي قبطان".
سبق أن أوردت صحيفة "الشروق" (خاصة)، عن ربيع قوله قبل أيام، إن هيئة قناة السويس جاهزة لجميع السيناريوهات، وتسعى حالياً لحل الموضوع بشكل سلمي، والحصول على التعويض دون اللجوء للقضاء الذي قال إنه "لن يؤثر على هيئة قناة السويس، بل على الشركة المالكة، على اعتبار أن السفينة خرجت من التعويم من دون أية تلفيات، وبالتالي فإن التأخير في الوصول إلى حل سلمي سيلحق بها خسائر".
شركات إعادة التأمين تتحمل معظم تكاليف الأزمة
إلى ذلك، قالت مصادر بقطاع التأمين، في 8 أبريل/نيسان 2021، إن شركات إعادة التأمين ستتحمل معظم تكاليف أزمة سفينة "إيفرغيفن"، وبمدفوعات من المتوقع أن تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.
حيث قال آلان ماكينون، مدير المطالبات لدى نادي الحماية والتعويض البريطاني، الجهة المؤمنة على إيفرغيفن، إن النادي يتوقع مطالبات بحق مالك السفينة من هيئة القناة عن الأضرار المحتملة وفقد الإيرادات، فضلاً عن مطالبات من بعض مالكي السفن التي تعطلت رحلاتها، متوقعاً تلقي مطالبة من السلطات المصرية قريباً، وأن تتوالى مطالبات مالكي السفن الأخرى على مدار الأشهر المقبلة.
حسب وكالة رويترز، سيغطي النادي البريطاني أول عشرة ملايين دولار من خسائر الحماية والتعويض. وما يزيد على ذلك ستغطيه محفظة أوسع من نوادي الحماية والتعويض، بما يصل إلى 100 مليون دولار، ثم يحل دور شركات إعادة التأمين مثل لويدز لندن بما يصل إلى 2.1 مليار دولار. وتساهم نوادي الحماية والتعويض ضمن جزء إضافي قدره مليار دولار من الغطاء التأميني.
فيما أجاب ماكينون عندما سُئل إن كانت المطالبات قد تصل إلى المستويات العليا من الغطاء التأميني بين 2.1 و3.1 مليار دولار بالقول: "نحن على ثقة من أننا لسنا في ذلك النطاق على الإطلاق"، متابعاً: "ليست تلك لحظة حياة أو موت لقطاع الحماية والتعويض. قد تكون مطالبة ضخمة، لكن هيكلنا يسمح لنا بالتعامل مع المطالبات الضخمة".
فضلاً عن ذلك، أكد محللون لدى دي.بي.آر.إس مورننجستار أن إجمالي الخسائر المؤمن عليها "سيظل في المتناول في ضوء أن إغلاق القناة كان لفترة قصيرة نسبياً".
جدير بالذكر أنه غالباً ما يكون لدى السفن تأمين حماية وتعويض، يغطي مطالبات الأطراف الثالثة في مسائل مثل الإضرار بالبيئة والإصابات البشرية. وتغطي خطط تأمين منفصلة الأضرار المادية التي قد تلحق بجسم السفينة أو معداتها.
وتجدر الإشارة إلى أن قناة السويس تدرس وتخطط لاحتمال توسعة القطاع الجنوبي من القناة، وهو الجزء الذي جنحت فيه السفينة إيفرغيفن.
إذ قال ربيع: "بنخطط حتى عملية التوسيع، لو هنعمل توسيع في قناة السويس في الجزء اللي هو الجنوبي دا، لو في حتة (مكان) 250 متر محتاجين نعملها 400 متر".