سحب بايدن قوات أمريكا من أفغانستان يُعارض توصيات قادة الجيش: قلقون من تأثير قرار الرئيس

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/04/18 الساعة 09:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/18 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن/رويترز

كشفت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، السبت 17 أبريل/نيسان 2021، أن قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن، بسحب جميع قوات أمريكا من أفغانستان جاء متعارضاً مع توصيات كبار قادته العسكريين، الذين أبدوا قلقهم من أن يُفضي هذا القرار إلى تقويض الأمن في البلاد. 

بحسب ما نقلته صحيفة عن مسؤولين أمريكيين، فإن الجنرال فرانك ماكنزي، قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط (قائد القيادة المركزية الأمريكية)، والجنرال أوستن "سكوت" ميلر، الذي يقود قوات الناتو في أفغانستان، والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، جميعهم أوصوا بالإبقاء على القوة الحالية التي تبلغ 2500 جندي أمريكي، مع تكثيف الجهود الدبلوماسية لمحاولة ترسيخ اتفاق سلام بين الأطراف المتصارعة هناك.

كما قال المسؤولون للصحيفة إن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وهو نفسه قائد عسكري متقاعد سبق له أن تولى قيادة تلك المنطقة العسكرية، شاركَ الضباط في مخاوفهم، وحذّر من أن سحب جميع القوات الأمريكية من شأنه إلغاء ما بات يعدُّ الضمانة الوحيدة للحفاظ على قدرٍ ولو ضئيلاً من الاستقرار في البلاد.

بايدن اتّخذ قراره 

وقال المسؤولون إن بايدن أنصت بعناية لتقديرات الجيش وتوصيات قادته، لكنه كان مصمماً على المضي في قراره بإنهاء الحرب الأمريكية الأطول أمداً بحلول 11 سبتمبر/أيلول المقبل، أو الذكرى العشرين لهجمات 2001، التي  أدّت إلى التدخل العسكري الأمريكي في أفغانستان.

وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أن وزير الدفاع أوستن والجنرال ميلي علِما لأول مرة أن بايدن قد حسم قراره بشأن الانسحاب، في 6 أبريل/نيسان الماضي، وذلك أثناء تقديم الإحاطة الاستخباراتية اليومية، إذ أوجز بايدن يومها أفكاره بشأن أفغانستان، وسألوه هم عما إذا كان قد توصل إلى قراره، فأجاب بايدن: "نعم".

في المقابل، يعكس قرار بايدن، وهو أهم قرار اتخذه حتى الآن منذ أصبح القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية، التفاته إلى التقديرات التي تشير إلى أن احتمالات التهديدات الإرهابية في أفغانستان قد تضاءلت، وأنه لا شيء سوى إعلان موعدٍ محدد لإخراج القوات الأمريكية من البلاد يمكن أن يحُول دون تجدد القتال مع طالبان، والتزام عسكري جديد بخوض معركة طويلة الأجل لا يُعرف أمدها.

تخوفات القادة العسكريين 

يقول البيت الأبيض إنه سيحتاط لأي خطر إرهابي جديد في أفغانستان، عن طريق الاحتفاظ بمقاتلات حربية وغيرها من معدات واستعدادات مكافحة الإرهاب في قواعد قريبة خارج الدولة الحبيسة.

مع ذلك، يقول مسؤولون عسكريون حاليون وسابقون إن الافتقار إلى حضور عسكري ضئيل، لكن على قدرٍ مناسب من التجهيز والقدرة، في أفغانستان، وما يشمله ذلك من طائرات الاستطلاع المسيّرة على سبيل المثال، سيُعقِّد أي جهود أمريكية مستقبلية لإرسال قوة من القواعد الجوية القريبة في الخليج العربي أو حاملات الطائرات أو غيرها من القواعد المحتملة في وسط آسيا. وبحسب ما يقول هؤلاء، فإن حتى حماية السفارة الأمريكية في كابول، تحت هذه الظروف، قد تشكّل تحدياً.

من جانبه، قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في تصريحات أدلى بها في بروكسل الأربعاء الماضي: "ما يمكنني قوله إن التوصل إلى هذا القرار كان عملية شملت الجميع، وقد استُمع إلى آرائهم وأُخذت مخاوفهم بعين الاعتبار، لكن الآن بعد أن اتُّخِذ القرار أدعوهم إلى نقله إلى قواتهم، وقيادتها بموجب هذا القرار [للعمل على تنفيذه]" خلال الفترة المقبلة.

على هذا النحو، ومع دخول أوامر بايدن حيز التنفيذ الآن، قال مسؤولون مشاركون في التخطيط إن الجيش يأمل في سحب القوات من أفغانستان بحلول أوائل يوليو/تموز.

وقال أحد الأشخاص المشاركين في التخطيط لعملية الانسحاب: "داخلياً، الهدف هو أن تحتفل جميع القوات المتبقية بعطلة الرابع من يوليو/تموز (عيد الاستقلال الوطني في الولايات المتحدة) من مازلهم في الوطن. هذا هو الهدف الذي حدَّده الجيش لنفسه".

وجدير بالذكر أن جزءاً كبيراً من الرؤية العسكرية لعملية المغادرة مبنيٌّ على جهود وإعدادات سابقة كانت إدارة أوباما قد أعدَّتها في عام 2011، أثناء التخطيط لما سمّته "نقطة نهاية تتحلى بالمسؤولية" للصراع في العراق، من خلال سحب القوات من البلاد.

الخوف من تكرار تجربة العراق 

كان كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، ومنهم أوستن، الذي كان آنذاك قائد القوات الأمريكية في العراق، قد وضعوا حينها خططاً للاحتفاظ بآلاف القوات في البلاد لتدريب القوات العراقية، لكن فشل المفاوضين الأمريكيين والعراقيين في التوصل إلى اتفاق بشان استمرار الوجود العسكري الأمريكي ورغبة أوباما في نهاية صريحة للحرب أفضيا إلى سحب جميع القوات الأمريكية.

غير أن ذلك تبعه سقوط الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في أيدي مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، لتتذرّع الولايات المتحدة بذلك وتعيد الآلاف من المستشارين الأمريكيين وقوات العمليات الخاصة بعد ثلاث سنوات.

تعليقاً على ذلك، يقول الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي خلف أوستن في القيادة المركزية، ويعكس تفكيره آراء العديد من القادة العسكريين الأمريكيين حالياً: "تجربة الجيش الأمريكي في العراق بالانسحاب في عام 2011 تشير إلى أن الولايات المتحدة قد تكون الآن تتخذ استراتيجية عالية المخاطر، بافتراضِها أن المجموعات الإرهابية لن تنمو وتتوسع، وأن القوات الحكومية الأفغانية يمكنها الدفاع عن البلاد".

مع ذلك، فإن التجربة التي كوّنها بايدن حيال هذا الأمر تعود بالأساس إلى السنوات الأولى من إدارة أوباما، عندما حثَّ البنتاغون وأصدر توصياته بزيادة القوات لمحاولة اغتنام زمام المبادرة في الحرب.

بايدن، الذي كان نائباً للرئيس الأمريكي أوباما آنذاك، حذَّر وقتها من إرسال عشرات الآلاف من القوات الإضافية إلى صراع اعتبره "مستنقعاً خطيراً"، بحسب ما أورد أوباما في مذكراته.

من جهة أخرى، يشدد مسؤولو إدارة بايدن على أن الرئيس الأمريكي بدأ مراجعته للموقف في أفغانستان بعقل متفتح، وخاض عملية تقييم شاقة ترأس فيها أربعة اجتماعات على الأقل مع قادته ومساعديه في غرف العمليات.

مع ذلك، رفض بايدن افتراضات صمدت على مدى سنوات عديدة حول دور الولايات المتحدة في أفغانستان. وأحدها أن الإبقاء على قوات هناك أعطى الولايات المتحدة وحلفاءها نفوذاً على طالبان.

ويذهب البيت الأبيض إلى أن تمديد انتشار القوات الأمريكية هناك يهدد بإشعال العمليات القتالية بين الولايات المتحدة وطالبان مرة أخرى، وإذا نما هذا الصراع فقد تضطر الولايات المتحدة إلى إعادة إرسال المزيد من القوات الأمريكية، بحسب مسؤول بالإدارة الأمريكية.

تحميل المزيد