أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة 16 أبريل/نيسان 2021، موعد انطلاق الأعمال الميدانية لشق قناة إسطنبول، والتي تواجه معارضة سياسية قوية.
الرئيس التركي قال الجمعة في تصريح للصحفيين، إن بلاده تسعى لأن تبدأ في يونيو/حزيران المقبل في بناء أول جسر، وذلك تمهيداً لشق قناة إسطنبول الضخمة.
وأشار أردوغان إلى أن وزيري التوسع الحضري والنقل يعكفان على إيجاد شركة لتكون مسؤولة عن تشييد الجسر، مؤكداً على أن مشروع القناة قد يتم تمويله محلياً بالكامل أو عبر قروض خارجية.
ومن المقرر أن يربط مشروع القناة، الذي يواجه معارضة سياسية قوية، بين البحر الأسود شمالاً وبحر مرمرة جنوباً، ويقع على بعد 30 كم إلى الغرب من قناة البوسفور، وسيحول نصف إسطنبول الغربي إلى جزيرة.
مشروع القناة يعود إلى الواجهة
وعاد مشروع القناة، الذي كان قد أعلن عنه الرئيس رجب طيب أردوغان عام 2011، إلى الواجهة بعد بيان أصدره الضباط الأتراك المتقاعدون، مطلع أبريل الجاري، وحمل تهديداً مبطناً للحكومة المنتخبة، بشأن قناة إسطنبول.
فقد حذر البيان الذي أصدره 103 ضباط متقاعدين من القوات البحرية التركية، من المساس باتفاقية "مونترو" الدولية، والبدء في مشروع "قناة إسطنبول" ومن مساعي الرئيس أردوغان لصياغة دستور جديد للبلاد.
وجاء في البيان "أنهم استقبلوا بقلق النقاش حول الانسحاب المحتمل من المعاهدة. كما قال إنه يجب على القوات المسلحة التركية التمسك بمبادئ الدستور الذي ينص على الالتزام بالعلمانية، على سبيل المثال".
قناة إسنطبول
ومن شأن قناة إسطنبول تجاوز الوضع الحالي للمضائق التركية، التي تعد السيادة التركية عليها مقيدة نسبياً، جراء اتفاقية مونترو التي وقعت عام 1936 في عهد الرئيس التركي الراحل مصطفى كمال باشا الملقب بـ"كمال أتاتورك".
والمعروف أن اتفاقية مونترو قد وقعت عندما كانت تركيا قد خرجت من حرب الاستقلال، وكانت تخشى الصعود السوفيتي وكذلك صعود موسيليني في إيطاليا، الذي كان يحاول فرض سيطرته على البحر المتوسط.
ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسب أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي يعد ممراً أساسياً للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة. وحركة عبور المجرى المائي بين أوروبا وآسيا كثيفة وشهدت مؤخراً حوادث كثيرة.
وتهدف تركيا إلى تخفيض الضغط على قناة البوسفور التي يعبرها ما بين 40 و42 ألف سفينة سنوياً، رغم أن طاقتها تسمح بعبور 25 ألف سفينة فقط.
وتظهر تقديرات اقتصادية تركية أن مشروع قناة إسطنبول المائية سيدر أرباحاً مالية كبيرة على تركيا تعوّضها عن الأموال التي حرمتها اتفاقية مونترو من جبايتها في مضيق البوسفور.
وتقول التقارير الرسمية إن القناة الموازية ستدرّ على تركيا نحو 8 مليارات دولار سنوياً، تساهم في تعويضها عن 10 مليارات حُرمت منها بفعل تسعيرة المرور المخفضة عن السفن التي تعبر مضيق البوسفور، تبعاً لاتفاقية مونترو.
وتشير البيانات إلى أن عائدات القناة الجديدة ستغطي خلال عامين فقط تكاليف المشروع البالغة نحو 15 مليار دولار، وستحوّل مضيق البوسفور التاريخي إلى خط ثانوي للتجارة البحرية مقارنة بالقناة الجديدة التي ستجتذب السفن والناقلات العملاقة.
وتنبع القيمة الأهم للقناة من عدم خضوعها لاتفاقية مونترو، مما يسمح لتركيا بجباية 5.5 دولار عن كل طن من بضائع وحمولات السفن التي تعبرها يومياً.
ووفقاً لمعلومات أوردتها وزارة التجارة التركية فإن القناة -التي تربط شاطئ منطقة سليفري على بحر مرمرة بشاطئ كاراكوي على البحر الأسود- ستمنح تركيا أفضلية تنافسية في تجارة النقل الدولي التي يمر أكثر من 75% منها عبر البحار.
المعارضة ترفض المشروع
إلا أنه سبق لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو -التابع لحزب الشعب الجمهوري المعارض- أن قاد حملة معارضة شرسة لمشروع القناة، كما أشار في تصريح له إلى أن شق القناة ينتهك 7 اتفاقات دولية أهمها اتفاقية مونترو، حسب قوله.
كما عبر قادة أحزاب المعارضة مراراً عن رفضهم للمشروع، قائلين إنه يهدد جغرافيا المدينة ويهددها لأخطار بيئية وجيولوجية.