أعدم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) رجلين من أبناء القبائل البدوية في شمال سيناء المصرية، بعد اتهامهما بالتعاون مع الجيش المصري، وفق ما ذكره موقع Middle East Eye البريطاني، الثلاثاء 13 أبريل/نيسان 2021، نقلاً عن مصادر محلية في سيناء.
عملية الإعدام تعتبر أحدث حلقة من سلسلة الانتقام الذي يتبعه التنظيم ضد المخبرين المدنيين السريين، إذ إن أبناء القبائل الموجودة في سيناء وجدوا أنفسهم بمفردهم في مواجهة تهديدات "داعش"، الذي يعمل على الانتقام منهم بعد أن كانوا يساعدون القوات الحكومية المصرية.
في الأسبوع الماضي، قال موقع Middle East Eye إن 14 رجلاً من قبيلة الدواغرة، المعروفة بعلاقاتها الوثيقة بقوات الأمن في سيناء، اختطفوا. وبحسب مصادر قبلية، أُطلق سراح 12 منهم يوم الخميس 8 أبريل/نيسان، بينما قُتل محمد إبراهيم حمدان، 23 عاماً، وسويلم أحمد سويلم، 44 عاماً، على يد مقاتلي التنظيم.
اعتراف بالتعاون مع الجيش المصري
أوضح الموقع أن كلا الرجلين يعمل بائع أسماك في السوق المحلي ببئر العبد. أما الـ12 رجلاً الآخرون، فقد حقق مقاتلو التنظيم معهم وأطلقوا سراحهم بعد تحذيرهم من التعاون أو العمل مع الجيش أو الحكومة المصرية.
كما نشر التنظيم فيديو يوم السبت 10 أبريل/نيسان على إحدى قنواته في تطبيق تلغرام، ويظهر فيه حمدان وسويلم وهما يعترفان بتجنيد قوات الجيش المصري لهما ليكونا مخبرين، قبل أن يُعدما بالرصاص.
يُسمع سويلم في الفيديو وهو يقول إنه كان مرشداً مع رائد في الاستخبارات العسكرية يدعى جابر، وكان يطلب منه الإبلاغ عن تحركات مقاتلي داعش. وأوضح أنه في إحدى الحوادث انتظر الجيش ونصب كميناً لجنود التنظيم، وقُتل ثلاثة منهم.
أوضح سويلم كذلك أنه قاد سيارة لضباط كانوا مغادرين لسيناء في عطلة، ذهاباً وإياباً. ولم تتضح الطريقة التي تعاون بها حمدان مع الجيش.
كذلك ظهر سويلم في الفيديو وهو يحفر قبره بيديه في منطقة مجهولة. ويمكن رؤية أحد مقاتلي التنظيم يقف فوقه، ويقول إنهم اليوم ينتقمون من أجل مقاتلي التنظيم الآخرين الذين قُتلوا بسبب سويلم قبل أكثر من سنة.
فيما أوضح موقع Middle East Eye أن داعش لا يستهدف فقط المخبرين الذين يعملون مع قوات الأمن، لكنه يستهدف كذلك العمال والسائقين والبائعين الذين يقدمون خدمات إلى الحكومة.
فيديو صادم لـ"شهيدَي الأمة"
صدم الفيديو أبناء قبيلة الدواغرة، الذين كانوا ينتظرون أي أنباء حول أقاربهم المختطفين. وتعد قبيلة الدواغرة من القبائل العديدة في شمال سيناء التي كانت تساعد قوات الشرطة والجيش في المنطقة المضطربة منذ 2014.
كما أعرب عدد من القبائل في سيناء عن تعازيها وإدانتها في بيانات، ووصفت حمدان وسويلم بـ"شهيدَي الأمة".
في حديثه مع موقع Middle East Eye، قال مغنم، وهو أحد أبناء القبيلة، إن قريته في حداد منذ أن سمعت الأخبار. وأضاف: "كنا نأمل أن يطلقوا سراحهم مع الآخرين. لم نكن قادرين على النوم منذ أن عرفنا الأخبار. حدث أسوأ ما كنا نخشاه".
تعاني القبيلة من صدمة لأن جثتي اثنين من أبنائها دُفنتا في مكان مجهول. قال أحد أبناء القبيلة: "لم نحظَ بفرصة حتى للتعبير عن الاحترام لهما".
بينما أكد مغنم أنهم لم يتلقوا أي اتصال من الجيش، وتلقوا اتصالات فقط من اتحاد قبائل سيناء. وأضاف: "كبار القبيلة قالوا إنهم لن يقبلوا العزاء حتى يحدث القصاص، لكنهم قالوا ذلك من قبل".
في مارس/آذار، قتل المسلحون رجلين من أبناء قبيلة الدواغرة لتعاونهما مع الجيش.
الجيش تخلى عن شباب سيناء
وسط غياب المؤسسات الرسمية ووسائل الإعلام المصرية، وصف اتحاد قبائل سيناء القتل في بيان بأنه "جريمة أخرى تُضاف إلى جرائم العناصر التكفيرية في محافظة شمال سيناء، العناصر التكفيرية المجرمة تقوم بقتل مواطنين اثنين من قبيلة الدواغرة في مشهد تمثيلي هزلي وتحت تهديد السلاح والبطش وبتهمة تعاونهما مع القوات المسلحة المصرية والشرطة".
كما وجَّه اتحاد قبائل سيناء، الذي يدعم علناً الجيش ويعد الذراع المسلحة للدولة المصرية في شمال سيناء، اتهامات إلى منظمات حقوق الإنسان لفشلها في الإبلاغ في تقاريرها عن قتل مئات المدنيين عن طريق عناصر داعش.
في إطار جهود التصدي لتنظيم داعش، لجأت قوات الأمن المصرية لمساعدة القبائل المحلية، إما عن طريق تجنيدهم مخبرين أو جماعات شبه مسلحة.
مثل عديد من الحوادث والتفاصيل المتعلقة بالحرب التي تخوضها مصر ضد مقاتلي داعش في شمال سيناء، لم يُكتب أو يبلغ عن الكثير بشأن هذا التعاون باستثناء المقالات الوطنية التي تحتفي بدور غير محدد للقبائل في مكافحة الجماعات المسلحة.
لكن منذ عام 2013، بعد تكثيف العمليات المسلحة في أعقاب الفض الدموي لاعتصام رابعة العدوية، قال كثيرون من أبناء القبائل، الذين تعاونوا طوعاً أو تحت ضغوط مع الجيش للتصدي لمقاتلي تنظيم داعش، إنهم تُركوا وحيدين في مواجهة عواقب هذا التعاون.
فقد تعرض كثيرون للإعدام -بل وقُطعت رؤوسهم في بعض الأحيان- والخطف عن طريق مقاتلي داعش، بدون أي ذكر لهم في الصحف المحلية أو البيانات العسكرية، وبدون أي اعتراف أو تقدير لهم ولعائلاتهم.