قال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء 14 أبريل/نيسان 2021، إن الولايات المتحدة ستبدأ في سحب قواتها بصورة نهائية من أفغانستان اعتباراً من الأول من مايو/أيار على أن تكمل ذلك قبل 11 سبتمبر/أيلول، وذلك في تأخير لبضعة أشهر عن موعد قد أعلنت عنه إدارة دونالد ترامب السابقة.
الرئيس الأميركي أعلن رسمياً سحب كافة القوات الأمريكية من أفغانستان قبل الذكرى العشرين لاعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، لينهي بذلك أخيراً أطول حرب في تاريخ الولايات المتحدة، رغم المخاوف المتزايدة من عودة حركة طالبان بقوة.
وهذا الانسحاب يؤخر فقط ببضعة أشهر اتفاقاً كانت أبرمته إدارة دونالد ترامب السابقة لسحب القوات بحلول الأول من مايو/أيار، وذلك وسط مفاوضات تجريها الحكومة الأفغانية مع حركة طالبان بدأت في الدوحة العام الماضي، وذلك لضمان سلام دائم.
وقال بايدن في إعلانه إن "الولايات المتحدة ستبدأ انسحابها النهائي في الأول من مايو هذا العام"، مشيراً إلى أن واشنطن لن تنفذ خروجاً متعجلاً، "سنفعل ذلك بشكل مسؤول وآمن وبالتنسيق الكامل مع حلفائنا وشركائنا الذين لديهم الآن قوات أكثر منا في أفغانستان".
من جانبه، أكد حلف شمال الأطلسي في بيان الأربعاء توافقه مع ما أعلنه الرئيس الأمريكي، وأن الحلفاء وافقوا على البدء في سحب قواتهم من أفغانستان بحلول الأول من مايو/أيار المقبل.
وقالت الدول الثلاثون الأعضاء: "الحلفاء قرروا أننا سنبدأ في سحب قوات مهمة الدعم الحازم بحلول الأول من مايو، نعتزم الانتهاء من سحب جميع القوات الأمريكية وتلك التابعة لمهمة الدعم الحازم خلال بضعة أشهر".
ويأتي القرار فيما أعلنت تركيا عن مؤتمر سلام دولي حول أفغانستان على أمل التوصل الى اتفاق يحمل الاستقرار إلى بلد يعاني 40 عاماً من الحرب، لكن حركة طالبان قالت إنها ستقاطع المؤتمر.
استقرار على قرار الانسحاب
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد قال في وقت سابق اليوم إن الوقت حان لسحب القوات المنتشرة في أفغانستان، مضيفاً أن واشنطن ستعمل مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي لتأمين انسحاب "منسق".
وقال بلينكن قبل محادثات مع شركاء في الحلف في بروكسل "حققنا معاً الأهداف التي وضعناها والآن حان الوقت لإعادة قواتنا إلى الوطن".
من جهتها، صرحت وزيرة الدفاع الألمانية أنيغريت كرامب كارنباور أن قوات حلف شمال الأطلسي ستنسحب في أيلول/سبتمبر على الأرجح من أفغانستان، على غرار القوات الأمريكية.
وقالت كرامب كارنباور للإذاعة العامة الألمانية قبل اجتماع لوزراء الدفاع والخارجية للدول الأعضاء في حلف الأطلسي "قلنا دائما: ندخل معاً (مع الأمريكيين) ونخرج معاً". وأضافت "أنا مع انسحاب منظم لذلك أفترض أننا سنقرر ذلك اليوم".
كما ستتبع بريطانيا خطى الولايات المتحدة وتسحب قواتها من أفغانستان بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، على ما جاء في تقرير الأربعاء، لم تنفه الحكومة.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية لوكالة فرانس برس تعليقاً على تقرير نشرته صحيفة ذا تايمز "إننا نعمل عن كثب مع الولايات المتحدة وحلف الأطلسي والشركاء لدعم أفغانستان آمنة ومستقرة". وتابع أنّ "أي تغيير لتواجدنا الأمني سيتم بالاتفاق مع الحلفاء وبعد مشاورة الشركاء".
تهديد طالبان
لكن تأجيل استحقاق 1 مايو/أيار بأكثر من أربعة أشهر أثار غضب حركة طالبان.
وكتب الناطق باسم طالبان في قطر محمد نعيم في تغريدة "إلى أن تنسحب كل القوات الأجنبية من بلادنا، لن نشارك في أي مؤتمر قد تتّخذ خلاله قرارات بشأن أفغانستان" وذلك بعد إعلان تركيا عن محادثات سلام "رفيعة المستوى" من 24 نيسان/أبريل وحتى 4 مايو/أيار في إسطنبول.
من جهته قال المسؤول الأمريكي "أبلغنا حركة طالبان من دون أي التباس أننا سنرد بقوة على أي هجوم على الجنود الأمريكيين خلال قيامنا بانسحاب منظم وآمن".
وكانت حركة طالبان حذرت في الآونة الأخيرة واشنطن من أي تجاوز لموعد الأول من مايو مهددة بالرد بالقوة، فيما امتنعت عن أي هجوم ضد القوات الأجنبية منذ الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان في 2020.
وتستمر أعمال العنف بشكل كبير على الأرض بين حركة طالبان والقوات الأفغانية.
وفي رسالة وجهها إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني في الآونة الأخيرة، حذر بلينكن من أن انسحاباً أمريكياً يمكن أن يؤدي إلى "مكاسب ميدانية سريعة" لطالبان. واعتبرت الاستخبارات الأمريكية في تقرير نشر الثلاثاء أن الحكومة الأفغانية "ستواجه صعوبات" في حال رحيل قوات التحالف الدولي.
وتدخلت الولايات المتحدة في أفغانستان غداة اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع. وسرعان ما أطاحت بنظام طالبان الذي اتهم بإيواء تنظيم القاعدة الجهادي المسؤول عن الاعتداءات وزعيمه الراحل أسامة بن لادن.
وفي أوج انتشار الجيش الأمريكي، كان هناك حوالي مئة ألف جندي أمريكي في أفغانستان في 2010-2011. وخفض الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما عناصره إلى 8400 عنصر عند نهاية ولايته الثانية ثم أرسل الرئيس السابق دونالد ترامب تعزيزات وأصبح العدد 14 ألفاً في 2017.
لكنه تعهد لاحقاً بالقيام بانسحاب تدريجي، ولم يعد هناك سوى 2500 جندي أمريكي في أفغانستان.