تحمَّم أكثر من مليوني مُتعبِّد في نهر الغانج، الإثنين 12 أبريل/نيسان 2021، رغم الارتفاع الحاد في إصابات "كوفيد-19" في أنحاء الهند، التي تشهد حالياً موجة ثانية من الفيروس طالت نجوم بوليوود، ودفعت العمال النازحين للفرار من المدن، وأسفرت عن إبطاء وتيرة برامج التلقيح في أنحاء العالم.
صحيفة The Guardian البريطانية، قالت إن أكبر يوم للاستحمام في الديانة الهندوسية، وهو مهرجان كومبه ميلا أو الإبريق المقدس، في المدينة الهندية الشمالية هاريدوار، سلَّط الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها المسؤولون في محاولة تطبيق التباعد الاجتماعي، بينما تجاوزت إصابات "كوفيد-19" الجديدة 16 ألف حالة في نهاية الأسبوع، في أعلى معدل تسجله الهند منذ بداية الوباء.
تقليد ديني قد يؤزم الأوضاع في الهند
فيما ذكرت الشرطة في مدينة هاريدوار أنها حاولت إبقاء المُتعبِّدين على مسافة من بعضهم، لكن لم يكن خياراً عملياً فرض غرامات في يوم مقدس تحتشد فيه جموع ضخمة على ضفتي النهر انتظاراً لفرصة الاستحمام، في مياه يعتقدون أنها تطهرهم من الذنوب وتحررهم من دائرة الموت والبعث.
سانجاي غونجيال، المفتش العام لقوات الشرطة المحلية، في تصريح لوكالة Asian News International، قال "قد يحدث اندفاع جماعي لو قررنا فرض التباعد عند الغات (السلالم التي تقود إلى مياه النهر)؛ لذا لم نستطع فرض التباعد الاجتماعي هنا".
فيما أظهرت مقاطع فيديو مأخوذة لضفة النهر حشوداً هائلة غير مُقنَّعة من الرجال والنساء يتدافعون للحصول على مكان للوقوف. وقال أحد الحجاج لقناة NDTV الهندية من موقع الاستحمام يوم الإثنين: "لا يوجد فيروس كورونا المستجد، الغانج سيحميك، لا يوجد ما يستدعي القلق".
وتصطدم هذه المشاهد مع فيديوهات أخرى بثها التلفزيون الهندي لأشخاص يرقدون في الشوارع خارج بعض المستشفيات غير قادرين على العثور على سرير، وتحذيرات من أطباء في بعض الولايات من أنَّ إمدادات الأوكسجين وأجهزة التنفس وعقار ريمديزفير المُستخدَمة لعلاج الحالات الخطيرة من "كوفيد-19″، بدأت في النفاد.
وتقدم تجربة الهند مثالاً على عدم إمكانية التنبؤ بفيروس كورونا المستجد. فقد كانت التوقعات المبكرة بأنَّ البلد شبه القاري، مع ما يعانيه من تردي الرعاية الصحية في العديد من المناطق الريفية والتكدس في المدن، سيغرق في الفيروس، لكنه أثار دهشة بمعدل وفيات منخفض نسبياً، وتراجع حاد في الإصابات الجديدة خلال فصل الشتاء، على عكس القفزة في الحالات الجديدة في أماكن أخرى من العالم.
ارتفاع إصابات كورونا في الهند
ويُرجِع خبراء الصحة الهنود عودة ارتفاع الإصابات إلى مُتغيِّر جديد معدٍ "طفرة مزدوجة"، لكنهم يلقون باللوم أيضاً على المواقف المتراخية حتى بين أولئك الذين يستطيعون الحفاظ على مسافة اجتماعية، بما في ذلك ممثلو بوليوود مثل أكشاي كومار وكاترينا كيف، وجميع الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس في الأسابيع الأخيرة.
وفي هذا السياق، قال رانديب غوليريا، وهو طبيب وعضو في فريق العمل الوطني المعني بمكافحة الفيروس في الهند، في عطلة نهاية الأسبوع: "خلال الذروة السابقة، كان باستطاعة المريض الواحد نقل العدوى إلى 30-40% من الدائرة الخاصة به. لكن هذه المرة يصبح 80-90% من الأشخاص الذين يخالطون مريضاً إيجابيين".
وكان لعودة ارتفاع الإصابات بالفيروس في الهند آثار غير مباشرة على جهود التطعيم العالمية. فعندما كانت المعدلات منخفضة في بداية هذا العام، سمحت الحكومة الهندية بتصدير ما يقرب من 65 مليون جرعة في صورة هدايا أو مبيعات لحكومات أجنبية.
لكن مع تزايُد أعداد الإصابات محلياً، خفَّضت الحكومة موافقات التصدير هذه؛ ما ترك جرعات أقل متاحة للعملاء، بما في ذلك آلية مشاركة اللقاحات العالمية المدعومة من الأمم المتحدة "كوفاكس"، وهي مصدر رئيسي لوصول البلدان النامية للقاح.
وأظهرت بيانات وزارة الصحة أن الهند سجلت 161736 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا، اليوم الثلاثاء، لتصل إلى أعلى حصيلة يومية في العالم مرة أخرى. ووصل إجمالي عدد حالات الإصابة إلى 13.69 مليون حالة.
كما ارتفعت الوفيات بواقع 879 إلى 171058. وعادة ما تتراجع الأرقام أيام الثلاثاء، بسبب تأخر نتائج المسحات التي أجريت خلال مطلع الأسبوع.