بعد أن اعترف سابقاً للمرة الأولى بأن خطته الاقتصادية الخمسية لم تؤتِ ثمارها، أثار الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، مخاوف بشأن خطر نقص الغذاء في بلاده، داعياً مواطنيه إلى الاستعداد لمواجهة "أزمة حادة"، بل الأسوأ على الإطلاق، في ظل تحذيرات حقوقية من مواجهة البلاد شحاً كبيراً في المواد الغذائية، بسبب جائحة فيروس كورونا المُستجَد، وعدم الاستقرار الاقتصادي.
فقد قارن كيم، في حديثه بالحفل الختامي لمؤتمر الحزب، الوضع الحالي بمجاعةٍ مميتةٍ في التسعينيات من القرن الماضي، مطالباً الشعب بخوض "مسيرة شاقة" أخرى، "من أجل التخفيف عن شعبنا ولو قليلاً"، وهو مصطلحٌ يُستخدَم للإشارة إلى مجاعةٍ مدمِّرةٍ في نهاية القرن الماضي، حيث أكل الناس بعض لحاء الشجر للبقاء على قيد الحياة، طبقاً لما أوردته صحيفة The Independent البريطانية، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021.
جدير بالذكر أن المجاعة المُروِّعة، التي يُطلَق عليها "المسيرة الشاقة" أو "مسيرة المعاناة"، والتي راح ضحيتها ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص بين عامي 1994 و1998، كانت تلك فترة مجاعة جماعية عندما حدث نقصٌ واسع النطاق في الغذاء بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
أسعار الذرة "خيالية"
حسب تقارير حديثة، وصلت أسعار الذرة، وهي مكون أساسي للنظام الغذائي لكثيرين، مستويات خيالية، وبلغ سعر الكيلو الواحد منها قيمة الدخل الشهري للبعض.
كما ذكر الزعيم الكوري الشمالي أن "هناك العديد من العقبات والصعوبات التي تنتظرنا، وبالتالي فإن كفاحنا من أجل تنفيذ قرارات المؤتمر الثامن للحزب لن يكون سهلاً"، محذراً من أن البلاد تواجه وضعاً صعباً وتحديات غير مسبوقة.
جاء اعتراف كيم بالأزمة المتفاقمة، في ظل تراجع التجارة مع أكبر شريكٍ اقتصادي لكوريا الشمالية، ألا وهو الصين، ما يقرب من 80% مع عدم وجود وارداتٍ من الأغذية والأدوية خلال الجائحة.
فيضانات شديدة
فوفقاً لتقريرٍ صدر مؤخَّراً عن منظمة هيومان رايتس ووتش، كانت هناك علاماتٌ على نقص الغذاء، فيما قال مراقبون، إن الفيضانات الشديدة، العام الماضي، أثَّرَت أيضاً على الإنتاج الزراعي وفاقمت حالة نقص الغذاء.
كانت كوريا الشمالية قد أغلقت حدودها بسبب جائحة كورونا، وأوقفت التجارة مع الصين التي تعتمد عليها بشكل رئيسي.
يشار إلى أن العقوبات الاقتصادية الدولية الأكبر، التي فرضتها الولايات المتحدة واليابان، للضغط على نظام كيم للتخلي عن برنامجه النووي، زادت من حِدَّة المشكلات الاقتصادية.
الخطة لم تؤتِ ثمارها
تجدر الإشارة إلى أن كيم كان قد أدلى بتصريح نادر في المؤتمر الأول لحزب العمال الحاكم الذي يتزعمه منذ عام 2016؛ فقد اعترف للمرة الأولى لأتباعه المحبين بأن خطته الاقتصادية الخمسية لم تؤتِ ثمارها، طبقاً لما أورده موقع Daily Beast الأمريكي، الأربعاء 6 يناير/كانون الثاني 2021.
إذ اعترف كيم- بعد عام من الوباء، والأعاصير، والفيضانات- بوجود ثمة "أخطاء" تخللت "تنفيذ استراتيجية التنمية الاقتصادية الوطنية"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء المركزية الكورية في بيونغ يانغ.
بينما تناوب أكثر من 3000 مندوب بين تدوين الملاحظات بدأب والتهليل للزعيم، حلل كيم "الأوضاع الحالية للقطاعات الصناعية الرئيسية"، ووجد خطأً في كل منها، "وضمن ذلك قطاعات المعادن، والكيماويات، والكهرباء، والفحم، والآلات، والصناعات التعدينية".
مع ذلك، لا يعترف كيم بالفشل الشخصي، إذ يفضّل إلقاء اللائمة على المسؤولين من حوله، رغم اقترابه من الاعتراف بمشاكل بلده- حيث يعاني مواطنوه من الجوع والمرض- أكثر مما سبق، بحسب موقع Daily Beast الأمريكي، الذي قال إن "اعتراف كيم الاقتصادي الصادم يُعد أسلوباً مفاجئاً افتتح به المؤتمر الحزبي الثامن في البلاد، الذي يحاول فيه تكريم القوات المسلحة".
أمريكا مستعدة لنهج دبلوماسي مع كوريا الشمالية
يُذكر أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، قالت يوم الأربعاء 7 أبريل/نيسان 2021، إن بلادها مستعدة لاتباع النهج الدبلوماسي مع كوريا الشمالية إذا كان سيفضي إلى سبل لنزع السلاح النووي.
فيما رفضت ساكي، خلال إفادة صحفية اعتيادية، التعليق على تقارير من باحثين أمريكيين هذا الأسبوع عن أنشطة بحوض سينبو لبناء السفن في كوريا الشمالية، يقول عنها محللون إنها قد تكون جزءاً من تجهيزات لإجراء اختبار لإطلاق صاروخ باليستي من غواصة. وأحالت المتحدثة أسئلة الصحفيين بشأنها إلى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون). ساكي لفتت إلى أن لديهم "هدفاً واضحاً فيما يتعلق بكوريا الشمالية، ألا وهو نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية… نواصل بالطبع تطبيق العقوبات ونتشاور مع الحلفاء والشركاء. نحن على استعداد للنظر في شكل من أشكال الدبلوماسية إذا كان سيفضي إلى نزع السلاح النووي".