وسط مخاوف وقلق محلي ودولي، قررت الحكومة اليابانية، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، التخلص من كميات هائلة من المياه المعالجة والمشعّة في الوقت نفسه بخزانات محطة فوكوشيما النووية المحطمة عبر تصريفها في المحيط الهادئ، وهي نهاية توقعها كثيرون لكنها تأخرت لسنوات، في ظل الاحتجاجات والمخاوف بشأن أمان تلك الخطوة، حسبما أفادت وسائل إعلام يابانية.
كان رئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوغا، قد قال لكبار مسؤولي اتحاد مصايد الأسماك، الأربعاء 8 أبريل/نيسان 2021، إنه يريد اتخاذ قرار بشأن المياه الملوثة من محطة فوكوشيما النووية قريباً، لافتاً إلى أن حكومته تعتقد أن تصريف المياه في البحر هو الخيار الأكثر واقعية، وسيُتخذ القرار النهائي "في غضون أيام".
فيما توقع مسؤولون بوزارة الصناعة، الجمعة 9 أبريل/نيسان الجاري، إصدار إعلان رسمي قريباً خلال اجتماع لوزراء بارزين معنيين بالشأن. ورفضوا تأكيد التقارير الصادرة عن وكالة أنباء Kyodo News ووسائل الإعلام الأخرى بشأن اجتماع الوزراء في وقت مبكر من يوم الثلاثاء الماضي وتوصّلهم إلى قرار نهائي.
الطريقة الأكثر واقعية
يذكر أن لجنة حكومية كانت قد أعدَّت تقريراً قبل عامين، يشير إلى أنَّ صرف المياه في البحر هو الطريقة الأكثر واقعية، وذكر التقرير أن التبخر كان خياراً أقل استحساناً من صرف المياه، وذلك بعد سبع سنوات من النقاش حول كيفية التخلص من المياه دون الإضرار بصورة فوكوشيما، ومصايد الأسماك في المنطقة، وغيرها من الأعمال التجارية.
من المتوقع أن يبدأ صرف المياه، في غضون عامين تقريباً، بعد أن تؤسس شركة طوكيو للطاقة الكهربائية منشأة وافقت عليها السلطات النووية. وحسب التقديرات الأولية، من المتوقع أن ينتهي الصرف التدريجي للمياه قبل انتهاء عملية إخلاء محطة الطاقة النووية.
كانت مسألة صرف المياه في البحر قد قوبلت بمعارضة شرسة من الصيادين المحليين والسكان، حيث قال رئيس تعاونيات مصايد الأسماك اليابانية، هيروشي كيشي، إنه يرفض خطة رئيس الوزراء الياباني المقترحة لصرف المياه، مطالباً الحكومة بشرح كيفية معالجة الأضرار التي ستلحق بصناعة صيد الأسماك.
إلا أن الحكومة أشارت إلى أنها ستبذل قصارى جهدها لدعم مصايد الأسماك المحلية وتقديم تعويضات عن أي أضرار.
قلق المستهلكين والدول المجاورة
فضلاً عن ذلك، أوضحت وكالة أنباء كيودو اليابانية، أنه من المرجح أن يثير قرار تصريف المياه الملوثة من المحطة المدمرة في البحر، والتي تحتوي على التريتيوم المشع الذي يقال إنه لا يشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان، قلق المستهلكين والدول المجاورة مثل الصين وكوريا الجنوبية.
يشار إلى أن زلزالاً (بلغت قوته 9.0 ريختر) وتسونامي 11 مارس/آذار 2011 تسببا في إتلاف أنظمة التبريد بمحطة فوكوشيما النووية، مما تسبب في انصهار قلب ثلاثة مفاعلات.
حينها كان على مشغّل المحطة، وهي شركة طوكيو للطاقة الكهربائية "تبيكو"، أن تتعامل مع كميات هائلة من المياه الملوثة المتراكمة في موقع محطة فوكوشيما، التي أصيبت بالشلل حينها. وهي الأحداث التي أدت إلى وفاة أو فقدان 18.400 شخص.
سبق أن ذكرت تلك الشركة في فبراير/شباط 2021، أن كمية محدودة من المياه تسربت من برك تخزين الوقود النووي المستهلك في عدد من المفاعلات نتيجة زلزال قوي ضرب البلاد، منوهة إلى أن التسرب وقع في المفاعلين الخامس والسادس لمحطة "فوكوشيما –1″، والمفاعل الأول في محطة "فوكوشيما -2".
فيما أكدت الشركة أن كمية المياه كانت قليلة، وأن الحادث لم يتسبب في تغيير خطير بمستويات الإشعاع حول المحطة، كما أنه لا يشكل خطراً على سلامة المنشآت النووية في البلاد.
آثار الإشعاع الذري
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه يفكّر في أولئك الذين ظلوا نازحين، وغير قادرين على العودة إلى منازلهم، بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة المحيطة بمحطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية المدمرة، مرحباً بالنتائج المطمئنة التي توصلت إليها لجنة الأمم المتحدة العلمية بشأن آثار الإشعاع الذري.
كما شدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن اليابان تقود العالم فيما يتعلق بالوقاية من الكوارث، كما أنها استثمرت بشكل كبير في إعادة البناء بشكل أكثر أمناً على مدار الأعوام العشرة الماضية، مضيفاً: "لمنع الكوارث وإدارتها، تحتاج البلدان إلى التخطيط والاستثمار وإعطاء الإنذارات المبكرة وتوفير التثقيف بشأن ما ينبغي القيام به".
جدير بالذكر أنه في العِقد الماضي، كانت مياه التبريد تتسرب باستمرار من أوعية الاحتواء الأولية التالفة إلى أقبية مباني المفاعل. ولتعويض خسارة المفاعلات المتضررة، جرى ضخ مياه إضافية في المفاعلات لتبريد الوقود المنصهر المتبقي بداخلها. ثم ضخ المياه للخارج، ومعالجتها، وإعادة تدوير جزء منها كمياه تبريد، على أن تُخزَّن الكمية المتبقية في نحو 1000 خزان بالمحطة.
بينما كانت شركة طوكيو للطاقة الكهربية، المعروفة أيضاً باسم تيبكو، تتعامل مع نحو 1.24 مليون طن من المياه المشعة، لافتة إلى أن سعة الخزانات البالغة 1.37 مليون طن، ستمتلئ خلال عام 2022، وستكون ثمة حاجة إلى إزالة تلك الخزانات لإفساح المجال لإيقاف تشغيل المنشأة، طبقاً لما أوردته صحيفة Washington Post الأمريكية، الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021.
يشار إلى أن اليابان قد سعت إلى مشاركة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراجعات السلامة والمراقبة، من أجل زيادة الشفافية وتعزيز ثقة الجمهور.