كشف أحد كبار زعماء حكومة ميانمار المُختَبئة خارج البلاد، بعد الانقلاب الذي نفذه الجيش، فبراير/شباط الماضي، عن رغبة لدى المسؤولين بإصلاح "الأخطاء" التي ارتكبتها أونغ سان سوكي في معاملتها لمسلمي الروهينغا، وذلك في إشارة إلى المجازر التي ارتكبت بحقهم أثناء فترة حكم رئيس الوزراء المحتجزة حالياً لدى الجيش.
واحتجزت الحكومة العسكرية أونغ (75 عاماً)، بعد الاستيلاء على السلطة في انقلاب قبل عشرة أسابيع. وفي غيابها أقر السياسيون الديمقراطيون الذين نجوا من الاعتقال صراحةً بالإخفاقات التي وقعت خلال سنواتها الخمس في السلطة، وخصوصاً في التعامل مع الأقليات المسلمة.
صحيفة The Times البريطانية نقلت الجمعة 9 أبريل/نيسان 2021، عن الدكتور ساسا، مبعوث "حكومة وحدة" إلى الأمم المتحدة، التي نشأت في المنفى وتُعارِض المجلس العسكري قوله "لقد ارتُكِبَت بعض الأخطاء وأتمنى لو نستطيع تصحيح الماضي، لكنه ولّى".
وأضاف الدكتور ساسا: "شئنا أم أبينا هي الزعيمة المنتخبة ديمقراطياً للبلاد، يجب أن تُحتَرَم، لكن فيما يتعلق بالتنفيذ كانت هناك بعض نقاط الضعف وسوء الإدارة والأخطاء، لقد كنت أعمل بجد لإصلاح كل الأضرار".
ومن بين تلك الأخطاء التطهير العرقي الذي نفذته أونغ بحق أكثر من 700 ألف من الروهينغا في البلاد في عام 2017. وعلى الرغم من تاريخها بوصفها مدافعة عن حقوق الإنسان تعاملت أونغ مع الروهينغا مثلما يُعرِّفهم قانون ميانمار، على أنهم أشخاص عديمو الجنسية بدون حقوق مواطنة.
وسافرت أونغ إلى لاهاي لتنفي التهمة، المدعومة بأدلة من الأمم المتحدة، بأنَّ حكومتها كانت مسؤولة عن الإبادة الجماعية. وبفعل ذلك خسرت العديد من مؤيديها في جميع أنحاء العالم.
ومنذ الانقلاب واعتقالها يحاول جيل جديد من السياسيين، بما في ذلك ساسا، استعادة النوايا الحسنة التي فُقِدَت من خلال النأي بأنفسهم عن المرأة التي لا تزال إلى حد بعيد الشخصية السياسية الأكثر شعبية في البلاد.
تعديل القانون
قال ساسا، وهو عضو لجنة تمثيل الجمعية الوطنية (البرلمان)، ومن أقلية تشين الإثنية: "شعب الروهينغا موجودون هناك منذ قرون- إنهم جزء من البلاد".
وأشار إلى ضرورة إلغاء قانون المواطنة لعام 1982، وهو التشريع الذي يهمش الروهينغا، من أية حكومة ديمقراطية، وأضاف: "في ميانمار المستقبلية لا يمثل تحديد ما إذا كنت من السكان الأصليين أو غير الأصليين مشكلة. ستُحتَرَم جميع حقوقك، لن يكون هناك مجال للتمييز مرة أخرى، آمل أن يكون ذلك يتردد واضحاً وعالياً".
لكن يعتقد آخرون أنَّ الحكومة في المنفى تقدم تعهدات لن توافق عليها الزعيمة أونغ.
وقال ديفيد ماتيسون، المحلل المستقل في شؤون ميانمار: "وافقت أونغ سان سو كي على الفيدرالية من حيث المبدأ، لكن لم تبذل أي جهد سياسي حقيقي فيها. وتدرك [الحكومة في المنفى] هذا الخلل الجسيم وتحاول البحث عن طرق أكثر شمولاً للمضي قدماً، لكن السؤال هنا هو ما إذا كان الوقت متأخراً للغاية".
ويختبئ أعضاء لجنة تمثيل الجمعية الوطنية -التي تضم الساسة الذين منعهم الانقلاب من شغل مناصبهم- داخل ميانمار وخارجها، لكنهم يشكلون "حكومة وحدة وطنية" تدَّعي أنها القوة الشرعية في البلاد، بما في ذلك مجموعات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، والأهم من ذلك منظمات الأقليات العرقية.
قبضة عسكرية وإعدامات
يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه محطة ماياوادي التلفزيونية التابعة للجيش في ميانمار، الجمعة، أن أحكاماً بالإعدام صدرت بحق 19 شخصاً اتهموا بقتل معاون لقيادي بالجيش.
وتلك هي أول أحكام من هذا النوع تعلن منذ انقلاب عسكري، في الأول من فبراير/شباط، وحملة أمنية على المحتجين عليه.
وذكر التقرير أن عملية القتل وقعت في 27 مارس/آذار، في منطقة نورث أوكالابا في مدينة يانجون، أكبر مدن البلاد. وجرى إعلان الأحكام العرفية في المنطقة بما سمح للمحاكم بإعلان الأحكام الصادرة.
وقال المجلس العسكري في ميانمار، الجمعة، إن حملة الاحتجاج ضد حكمه تنحسر، معللاً ذلك برغبة المواطنين في السلام، وإنه سيجري انتخابات خلال عامين في أول إطار زمني يعلنه لعودة محتملة للديمقراطية.
وقال شهود وتقارير في محطات إخبارية إن قوات الأمن أطلقت قنابل يدوية على محتجين مناهضين للانقلاب، الجمعة، في مدينة باجو قرب يانجون. وأضافوا أن عشرة أشخاص على الأقل قتلوا، وأن جثثهم مكدسة داخل أحد المعابد.
وقالت محطة ميانمار الآن، ومجلة إخبارية، إن 20 شخصاً على الأقل قتلوا وأصيب كثيرون، لكن من الصعب التحقق من حصيلة محددة، لأن قوات الأمن طوقت المنطقة المحيطة بالمعبد.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري البريجادير زاو مين تون في مؤتمر صحفي بالعاصمة نايبيداو، إن البلاد تعود لطبيعتها، وإن الوزارات الحكومية ستستأنف العمل بكامل طاقتها في القريب العاجل.
ووفقاً لجماعة حقوقية، قتلت قوات الأمن أكثر من 600 محتج أثناء قمعها للاحتجاجات على انقلاب الأول من فبراير/شباط، الذي أطاح فيه الجيش بحكومة أونج سان سو تشي المنتخبة. وأُصيبت الحياة بالشلل في الدولة الواقعة بجنوب شرق آسيا، بسبب حملة الاحتجاج وموجات الإضراب على نطاق واسع.
وحث نواب سابقون في ميانمار مجلس الأمن الدولي، الجمعة، على اتخاذ خطوات ضد الجيش في بلادهم. وناشدت متحدثة باسمهم أعضاء المجلس وضع ضغوط مباشرة وغير مباشرة على المجلس العسكري.