دعا رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة، الخميس 8 أبريل/نيسان 2021، فرنسا لتسليم بلاده خرائط حول أماكن التجارب النووية التي أُجريت بصحراء بلاده في ستينيات القرن الماضي، لتطهير المنطقة من الإشعاعات.
جاء ذلك خلال استقباله بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي بالعاصمة الجزائر، رئيس أركان الجيوش الفرنسية فرانسوا لوكوانتر، الذي بدأ الخميس زيارة إلى البلاد، حسب بيان لوزارة الدفاع الجزائرية.
أشار البيان إلى أن زيارة لوكوانتر (لم يحدد مدتها) تهدف لبحث التعاون العسكري الثنائي وتبادل الآراء حول القضايا ذات الاهتمام المشترك (دون تحديدها).
طلب خرائط التجارب النووية الفرنسية
قال شنقريحة في كلمة بالمناسبة: "أنتظر دعمكم خلال انعقاد الدورة 17 للفوج المختلط الجزائري- الفرنسي (حول ملف التجارب)، المزمع عقدها خلال شهر مايو (أيار) 2021″.
أوضح أن انعقاد الدورة 17 يهدف إلى "التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي رڨان وإن إكر (جرت بهما التجارب)، وكذلك مساندتكم في هذا الإطار، بموافاتنا بالخرائط الطبوغرافية، لتمكيننا من تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة حتى اليوم".
فقد أجرت السلطات الاستعمارية الفرنسية سلسلة من التجارب النووية بالصحراء الجزائرية (4 فوق الأرض و13 تحت الأرض)، في الفترة ما بين 1960- 1966.
بينما ظل ملف التجارب النووية الفرنسية موضوع مطالب جزائرية رسمية وأخرى من منظمات أهلية، من أجل الكشف عن أماكن النفايات وتعويض الضحايا من قتلى ومواطنين تعرضوا لعاهات مستدامة بسبب الإشعاعات.
فرنسا "يجب أن تتحمل المسؤولية"
سبق أن قال رئيس قسم هندسة القتال بقيادة القوات البرية الجزائرية، العميد بوزيد بوفريوة: "يجب أن تتحمل فرنسا مسؤوليتها التاريخية" في ملف التجارب النووية الفرنسية بالجزائر، التي أجرتها في الصحراء الجزائرية خلال الستينيات.
أضاف كذلك أنه "يجب أن تتحمل فرنسا مسؤوليتها التاريخية تجاه هذه المسألة، خاصة بعدما تمت المصادقة من طرف 122 دولة في جمعية الأمم المتحدة يوم 7 يوليو/تموز 2017 على معاهدة جديدة لمنع استعمال الأسلحة النووية (تيان) تضاف إلى المعاهدات السابقة".
وأشار إلى أنه جرى "الاعتراف بصورة واضحة وصريحة بمبدأ الملوِّث يدفع، وهذه أول مرة يطالب فيها المجتمع الدولي القوى النووية بمعالجة أخطاء الماضي".
17 تجربة نووية
بحسب شبكة فرانس 24، فقد نفذت فرنسا، التي احتلت الجزائر بين 1830 و1962، ما مجموعه 17 تجربة نووية في الصحراء بين 1960 و1966 في منطقتي رقان وإن إيكر.
جرت 11 من تلك التجارب، وجميعها تحت الأرض، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، التي قادت لاستقلال الجزائر، لكنها تضمنت بنوداً تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى عام 1967.
كانت السلطات الفرنسية قد أكدت بعد ثلاثة أيام من تجربة 13 فبراير/شباط 1960، أن الإشعاع أدنى من مستويات السلامة المقبولة.
لكن وثائق رُفعت عنها السرية عام 2013، أظهرت أن إشعاع التجارب النووية أعلى بكثير مما أُعلن حينها، ويصل إلى كامل غرب إفريقيا وجنوب أوروبا.
وأكد العميد بوزيد بوفريوة أن تلك التجارب النووية الفرنسية بالجزائر "تركت آثاراً ذات أخطار صحية على السكان المحليين، إلى جانب الآثار السلبية على البيئة عموماً، وكذا الثروة الحيوانية والنباتية". وأشار إلى "غياب المعلومات التقنية عن طبيعة التفجيرات النووية والعتاد الملوث إشعاعياً الذي تم دفنه".
أضاف مقال آخر نُشر في العدد نفسه من مجلة الجيش إلى أنه "بعد مرور أكثر من ستين سنة على هذه التفجيرات، تصر فرنسا على إخفاء الخرائط التي من شأنها كشف أماكن مخلفاتها النووية، باعتبارها حقاً من حقوق الدولة الجزائرية، إلى جانب المماطلة في مناقشة قضية التعويضات التي تخص المتضررين الجزائريين".
بلغت قوة إحداها 4 أضعاف قنبلة هيروشيما
بينما قال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، السبت 13 فبراير/شباط 2021، إن التفجير النووي لفرنسا بصحراء بلاده في الستينيات كان يعادل من 3 إلى 4 أضعاف قنبلة هيروشيما باليابان، وإن لهذا الانفجار تداعيات إشعاعية كارثية لا تزال قائمة.
وزير الخارجية الجزائري قال ذلك في تغريدة له بتويتر، بمناسبة الذكرى الـ61 لأول التجارب النووية الفرنسية بصحراء الجزائر، في 13 فبراير/شباط 1960.
غرّد بوقادوم قائلاً: "في مثل هذا اليوم من عام 1960 قامت فرنسا الاستعمارية بأول تفجير نووي في منطقة رقان بالصحراء الجزائرية، في عملية سُميت بالجربوع الأزرق"، مشيراً إلى أن التفجير النووي كان "بقوة 70 كيلوطناً، وهو ما يعادل من ثلاثة إلى أربعة أضعاف قنبلة هيروشيما، وكان لهذا الانفجار تداعيات إشعاعية كارثية لا تزال قائمة".