وُصف دور فرنسا قبل وأثناء الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994 بـ"الفشل الذريع" الذي ينبغي أن تقر به البلاد، بحسب ما قال المؤلف الرئيسي للتقرير الذي كلف بإعداده الرئيس إيمانويل ماكرون، بينما توشك البلاد على فتح سجلاتها الخاصة بتلك الفترة للعامة، وفق ما ذكرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الثلاثاء 6 أبريل/نيسان 2021.
خلص التقرير الذي نُشر في مارس/آذار 2021 إلى أن السلطات الفرنسية غضت الطرف عن التحضيرات للمذبحة بينما كانت تدعم الحكومة الرواندية "العنصرية" و"العنيفة" بقيادة الرئيس جوفينال هابياريمانا آنذاك، ثم كان رد فعلها بالغ البطء في تقدير حجم عمليات القتل الواقعة.
لكن التقرير الفرنسي برأ السلطات من تهمة التواطؤ في الإبادة الجماعية في رواندا التي أودت بحياة 800 ألف شخص، معظمهم من شعب التوتسي ومن الهوتو الذين حاولوا حمايتهم.
دور فرنسا في الإبادة الجماعية في رواندا
كان قرار ماكرون بتكليف إعداد التقرير -وفتح السجلات أمام للجمهور- جزءاً من جهوده لمواجهة السلطات الفرنسية بشكل أشمل في دورها في الإبادة الجماعية في رواندا، وتحسين العلاقات مع رواندا، بما في ذلك تخصيص يوم 7 أبريل/نيسان، وهو اليوم الذي بدأت فيه المذبحة، لتخليد ذكرى المذبحة سنوياً. وفي حين تأخرت هذه الخطوات للغاية، إلا أنها قد تساعد في مصالحة البلدين أخيراً.
نقلت وكالة AP الأمريكية عن المؤرخ فنسنت دوكلرت، الذي قاد اللجنة التي درست أفعال فرنسا في رواندا بين العامين 1990 و1994، قوله: "على مدار 30 عاماً، كان السجال حول الإبادة الجماعية في رواندا مليئاً بالأكاذيب والعنف والخداع والتهديدات والمحاكمات. كان ذلك جواً خانقاً".
قال دوكلرت إنه كان من المهم الإقرار بدور فرنسا كما هو: "فشل ذريع". وأضاف: "علينا قول الحقيقة. ونأمل أن تتيح الحقيقة لفرنسا فرصة إجراء حوار ومصالحة مع رواندا وإفريقيا".
وثائق سرية ستكون متاحة لعموم الشعب
قال ماكرون في بيان له إن التقرير يُعد "خطوة كبرى للأمام" تجاه فهم ما قامت به فرنسا في رواندا.
ستُتاح حوالي 8 آلاف من وثائق المحفوظات التي فحصتها اللجنة على مدار عامين، منها بعض الوثائق التي كانت سرية قبل ذلك، أمام عامة الشعب بداية من يوم الأربعاء 7 أبريل/نيسان 2021، في الذكرى الـ27 لبداية الإبادة الجماعية في رواندا.
قال دوكلرت إن الوثائق -ومعظمها من مقر الرئاسة الفرنسي ومكتب رئيس الوزراء- تُثبت كيف تشارك فرنسوا ميتران، الرئيس الفرنسي وقتها، والمجموعة الصغيرة المحيطة به من الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين، آراءً موروثة من العصور الاستعمارية، ومنها الرغبة في الحفاظ على نفوذهم في بلد يتحدث الفرنسية، وهو ما جعلهم يواصلون دعم هابياريمانا على الرغم من العلامات التحذيرية، بما في ذلك فترة تسلم الأسلحة والتدريب العسكري في السنوات التي سبقت المذبحة.
دعم فرنسا التصنيف العرقي والتطرف
أكد دوكلرت على أنه: "بدلاً من دعم عملية الديمقراطية وإحلال السلام في رواندا، دعمت السلطات الفرنسية في رواندا التصنيف العرقي والتطرف الذي مارسته حكومة هابياريمانا".
تابع: "لم تتواطأ فرنسا في جريمة الإبادة العرقية. لكن أفعالها ساهمت في تقوية آلياتها". وأضاف: "وهي مسؤولية فكرية ضخمة".
فيما انتقد التقرير أيضاً "السياسية السلبية" لفرنسا في أشد فترات المذبحة وطأة في الفترة ما بين أبريل/نيسان ومايو/أيار عام 1994.
كما أشار دوكلرت: "كان ذلك تضييعاً سيئاً للفرص. إذ في عام 1994، كان ثمة احتمال أن تتوقف المذبحة، لكن ذلك لم يحدث. وتتحمل فرنسا والعالم قدراً كبيراً من الذنب في ذلك".
لكنهم تدخلوا في النهاية. وذلك في العملية العسكرية "تركواز" التي قادتها فرنسا بدعم من الأمم المتحدة في 22 يونيو/حزيران.