روسيا تستعرض قدراتها العسكرية في القطب الشمالي.. تختبر أحدث أسلحتها بمنطقة جليدية

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/05 الساعة 20:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/05 الساعة 20:48 بتوقيت غرينتش
تدريبات عسكرية روسية سابقة/ موقع وزارة الدفاع الروسية

نشرت شبكة CNN الأمريكية، الإثنين 5 أبريل/نيسان 2021، صوراً التقطتها أقمار صناعية كشفت ما يبدو أنه حشد روسي غير مسبوق لتعزيز الوجود العسكري في منطقة القطب الشمال، فضلاً عن أنها تختبر أحدث أسلحتها عالية التقنية بمنطقة جليدية خالية حوَّلتها إلى قاعدة عسكرية، وذلك بعد أيام فقط من تداول مقاطع فيديو لخروج ثلاث غواصات نووية روسية إلى السطح مخترقةً طبقة الجليد، في نوعٍ من استعراض القوة.

إذ تُبيِّن الصور أن الجيش الروسي أعاد بناء عديد من المرافق ووسَّع غيرها عبر القطب الشمالي في السنوات الأخيرة، وقد شمل ذلك تجديد مدارج الطائرات وإقامة أبراج إضافية للمراقبة وتنظيم الدفاع الجوي، وهو ما يكشف عن جهد حثيث من موسكو لتوسيع نطاق قدراتها في المنطقة القطبية.

كما التقطت الأقمار الصناعية صوراً تكشف عن وجود منشآت تخزين مقامة تحت الأرض، ويخشى الخبراء استخدامها لتخزين الطوربيد "بوسيدون 2 إم 39" Poseidon 2M39، وهي مسيّرةٌ تعمل بالطاقة النووية تحت الماء ويمكن إطلاقها من الغواصات وتحمل رؤوساً نووية.

صور الأقمار الصناعية، التي قدمتها شركة تكنولوجيا الفضاء Maxar لشبكة CNN الأمريكية، كشفت أيضاً عن وجود حشد لمقاتلات عسكرية وقاذفات، إضافة إلى أنظمة رادار جديدة بالقرب من ألاسكا.

هدف التحركات العسكرية غير المسبوقة

حسب شبكة CNN الأمريكية، فإن هدف روسيا من وراء هذه التحركات المثيرة هو محاولة تأمين ساحلها الشمالي، وفتح طريق شحن رئيسي من آسيا إلى أوروبا، بخلاف أنها تشير إلى الأولوية الكبيرة التي تمنحها موسكو لتعزيز وجودها العسكري في منطقة القطب الشمالي، التي يُعتقد أنها تحتوي على ما يصل إلى ربع احتياطيات النفط والغاز غير المكتشفة على الأرض.

كذلك، توضح صور الأقمار الصناعية الجديدة أن روسيا كانت تجري تحسينات على قواعدها القديمة خلال الحرب الباردة، إضافة إلى بناء منشآت جديدة في شبه جزيرة كولا التي تقع بالقرب من مدينة مورمانسك الروسية.

يشار إلى أن المناورات الروسية الأخيرة للغواصات أُجريت في نطاق جزيرة "ألكسندرا لاند"، وهي جزيرة تعد جزءاً من أرخبيل "فرانز جوزيف لاند" الذي يقع في أقصى شمالي روسيا، وبنى فيه الجيش الروسي مؤخراً قاعدة عسكرية.

من جهة أخرى، تحاول كل من روسيا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك والنرويج إثبات الولاية القضائية على أجزاء من القطب الشمالي، لاسيما مع ما يُتيحه تقلُّص الجليد القطبي من فرصٍ جديدة للاستفادة من الموارد وفتح ممرات شحن جديدة، طبقاً لما أوردته صحيفة The Daily Mail البريطانية.

تحدٍّ عسكري يفرضه الروس

في المقابل، قال مسؤول كبير بوزارة الخارجية الأمريكية لشبكة CNN: "من الواضح أن هناك تحدياً عسكرياً يفرضه الروس في القطب الشمالي. وهذا له تداعيات على الولايات المتحدة وحلفائها، لأسبابٍ أبرزها إبداء القدرة على توسيع نطاق القوة العسكرية حتى شمال الأطلسي".

حيث يخشى مسؤولون أمريكيون من أن هذه الجهود، وإن ظلت حتى الآن داخل الأراضي الروسية، فإن موسكو قد تستخدم تلك القواعد لفرض سيطرتها على مناطق أخرى من القطب الشمالي. ويُحذر الخبراء من أن هذا الاحتمال يزداد إمكانية، مع ذوبان الجليد في عديد من المناطق الشمالية بسبب التغير المناخي.

ذوبان الجليد يتزايد

في هذا الصدد، أشار مسؤول كبير بوزارة الخارجية إلى أن "ذوبان الجليد يتزايد على نحو أسرع مما توقعه العلماء أو اعتقدوا أنه ممكن قبل عدة سنوات. وينطوي استمرار الأمر على تحولٍ شديد التأثير في العقود المقبلة من حيث إمكانات الوصول المادي".

فيما استعرض المتحدث باسم البنتاغون، اللفتانت كولونيل توماس كامبل، ما قامت به روسيا من "تجديد للمطارات ومنشآت الرادار التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، إضافة إلى بناء موانئ جديدة ومراكز للبحث والإنقاذ، وزاد عليه أسطولها من كاسحات الجليد التي تعمل بالطاقة النووية والتقليدية"، منوهاً إلى أنها "تعمل أيضاً على توسيع نطاق شبكتها من أنظمة الدفاع الصاروخي الجوي والساحلي، ومن ثم تعزيز قدرتها على مقاومة أي محاولة لدخول المنطقة ومنع الوصول إلى أجزاء رئيسية من القطب الشمالي".

يُذكر أن تلك التحركات والمناورات الحربية الروسية تأتي وسط توترات محمومة في العلاقات مع الغرب، والتي انحدرت إلى أدنى مستوياتها بعد الحرب الباردة، في أعقاب استيلاء روسيا على منطقة القرم الأوكرانية عام 2014.

مناورات روسية

من جهته، قال الرئيس فلاديمير بوتين، إن التدريبات كانت غير مسبوقة للجيش الروسي، مشيداً بمستوى الكفاءة الذي أبدته، ومؤكداً أن المناورات أثبتت أيضاً موثوقية الأسلحة الروسية في الظروف القطبية.

بدوره، قال القائد العام للقوات البحرية الروسية، الأدميرال نيقولاي يفمينوف، إن مناورة الغواصات الروسية تضمنت تحليق مقاتلتين من طراز ميغ 31 فوق القطب الشمالي.

ثلاث غواصات صواريخ باليستية نووية

كان قائد أسطول الغواصات الروسي قال في اجتماع مع بوتين عبر الفيديو، الجمعة 26 مارس/آذار الماضي، إن ثلاث غواصات صواريخ باليستية نووية روسية صعدت إلى السطح في وقت واحد، محطِّمة جليد القطب الشمالي خلال تدريب.

إذ أكد القائد الأميرال نيكولاي يفمينوف أن الغواصات أجرت المناورة المعقدة "للمرة الأولى في تاريخ البحرية الروسية"، مشيراً إلى أن الغواصات صعدت في دائرةٍ نصف قطرها 300 متر، وأن سُمك الجليد الذي حطمته 1.5 متر.

يُذكر أن الكرملين عمِل على تعزيز الدفاعات الروسية في القطب الشمالي، الذي وصفه بوتين بأنه منطقة حيوية للمصالح الروسية بعد أن جعل تغيُّر المناخ الوصول إليه أسهل.

تدريب لا مثيل له في تاريخ روسيا

فيما نشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات للغواصات وهي تصعد من تحت الجليد مُحدِثةً ضوضاء عالية. وبعد أن صعدت إحداها ظهر بحّار فوقها ولوَّح بيده أمام كاميرا.

هذا التدريب أُجري بالقرب من أرخبيل جزر فرانز يوزيف لاند في المحيط المتجمد الشمالي، واستهدف اختبار المعدات العسكرية الروسية في ظروف الطقس شديد البرودة.

من جهته، قال بوتين: "حملة القطب الشمالي… لا مثيل لها في تاريخ روسيا السوفييتي والحديث".

سبق أن أشار بوتين في الماضي، إلى بيانات تُقدِّر قيمة الثروات المعدنية في القطب الشمالي بنحو 30 تريليون دولار أمريكي.

تحميل المزيد