توجَّه وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى منتدى التواصل الاجتماعي "كلوب هاوس" للإجابة عن أسئلة أمام 8 آلاف شخص، في خطوة اعتبر البعض أنها تُظهِر درجةً غير مسبوقة من الانفتاح، لكن البعض استنكرها باعتبارها حلاً لا يُسمَح فيه بأيِّ استفسارات غير مرغوب فيها نقلاً عن صحيفة The Guardian البريطانية.
جواد ظريف هو الأحدث في سلسلة من الساسة الذين حاولوا تجربة وسيلة تزداد شعبيتها في إيران وسط طلب متزايد على النقاش السياسي، ورغم أن المراقبين اعتبروا وجود جواد ظريف علامةً أخرى على أنه يختبر المياه قبل إجراءٍ مُحتَمَلٍ للانتخابات الرئاسية في يونيو/حزيران، فقد أقسم مرةً أخرى أنه لا ينوي الترشُّح وأصرَّ على أنه لا يتمتَّع بالقدرات الشخصية المطلوبة.
نقاش ظريف على كلوب هاوس
ظريف كشف للمشاركين في الغرفة أنه ليس لديه هاتف آيفون، وقال: "أنا لست ثرياً مثلكم، وقد تمكَّنت فقط من الحصول على البرنامج التجريبي الذي يسمح لأجهزة آندرويد باستخدام كلوب هاوس منذ ساعتين". وتم تنزيل البرنامج 20 ألف مرة في إيران، نظراً إلى أن أجهزة آيفون بعيدةٌ عن مُتناوَل معظم الإيرانيين العاديين.
بعد ذلك، دار نقاشٌ حيوي على وسائل التواصل الاجتماعي حول درجة التلاعب بالمناقشة لمنح انطباعٍ مُصطَنَع بالمشاركة الديمقراطية. وقال البعض إن ظريف أجاب عن أسئلة صعبة، بينما قال آخرون إن المشاركين قد فُحِصوا بعناية مُسبَّقاً. وأُثيرَ غضبٌ خاص من أن الصحافيين الناطقين بالفارسية العاملين في وسائل الإعلام الخارجية لم يُسمَح لهم بطرح الأسئلة.
وأشار المدافعون عن الحدث إلى صحيفة New York Times الأمريكية أن مضيف برنامج بودكاست مرموقاً في الولايات المتحدة وجَّه سؤالاً إلى ظريف، وقال فريد المدريسي، الصحافي الذي ترأس الاجتماع، بعد ذلك، إن معارضي النظام والصحافيين الناطقين بالفارسية العاملين خارج إيران قد مُنِعوا من التحدُّث، لكن هذا قرارٌ لم تتَّخِذه وزارة الخارجية.
فيما قالت إحدى المنتقدات، وهي جيسوا نيا، من المجلس الأطلسي، على منصة تويتر: "استخدام آيفون لطرح أسئلةٍ على مُرشَّح مُحتَمَل على تطبيق كلوب هاوس ليس بديلاً مناسباً للتعبير الحر عن الأحزاب السياسية الفعلية (وهو ما لا تملكه إيران)".
اتفاق الصين والاتفاق النووي على كلوب هاوس
الجلسة وُصِفَت بأنها تركِّز على اتفاقٍ مثيرٍ للجدل مدته 25 عاماً بين إيران والصين وُقِّعَ مطلع الأسبوع الجاري، لكن الأسئلة توسَّعَت مع بقاء وزير الخارجية إلى ما بعد منتصف الليل، رغم إدلائه بأن وقت نومه عادةً ما يكون في العاشرة مساءً.
ومع انتشار الشكوك حول بيع إيران سيادتها للصين من خلال توقيع اتفاقية تعاون مدتها 25 عاماً، دافع ظريف عن الصفقة، وأصرَّ أنها "لا تفرض أيَّ التزامٍ على أيٍّ من الطرفين".
وفي إشارةٍ إلى القيمة المالية للصفقة، قال إنها "ليس لها رقم"، و"لا تتنازل عن أيِّ منطقة أو حتى نقطة من إيران. لم يكن هناك ضغطٌ على وزارة الخارجية الإيرانية للتوقيع على الوثيقة".
وأضاف أن إيران لا تسعى فقط إلى التوجُّه نحو الشرق، لكنها تريد اتصالات شرقاً وغرباً.
أمضى ظريف جزءاً من وقته في مهاجمة مسلسل استخباراتي إيراني شبه خيالي يُدعى "غاندو"، ممَّا يشير إلى أن البعض في فريق التفاوض على الاتفاق النووي كانوا ضعفاء أو جواسيس. وقال إن حياته كانت ستصبح أسهل إذا سُمِحَ له فقط بمتابعة مهام وظيفته.
وأصرَّ مرةً أخرى على أنه يتعيَّن على الولايات المتحدة تغيير موقفها من أجل أن تبدأ المحادثات بشأن عودة إيران إلى الامتثال الكامل للاتفاق النووي، لكنه قال إن الأسس موجودةٌ للامتثال المُتبادَل المُخطَّط ما دامت إيران قادرة على التحقُّق من رفع العقوبات الأمريكية.
ويشار إلى أن الصين أبرمت مع إيران اتفاقية تعاون إستراتيجي واسعة النطاق، أُعدَّت في إطار خارطة طريق تمتد لمدى 25 عاماً، وهي خطوة مهمة لتحقيق شراكة إستراتيجية شاملة بين قوتين آسيويتين يجمعهما العديد من المصالح المشتركة.