قال مصدرون وتجار إن بعض المصدرين الأتراك يحولون مسار مواد غذائية وملابس وغيرها من السلع للالتفاف على مقاطعة غير رسمية منذ أشهر من جانب السعودية أدت إلى تراجع حركة التجارة إلى مستويات متدنية لم تشهدها من قبل.
هكذا تصدّر تركيا منتجاتها بعد المقاطعة
تجار ودبلوماسيون كشفوا لوكالة رويترز أن الإنتاج في دول قريبة يسمح للمصدرين بالحصول على وثائق جمركية وإزالة عبارة "صنع في تركيا" من السلع بما يسمح بتصديرها للمملكة.
مستورد لمواد البناء إلى السعودية، طلب عدم نشر اسمه، قال: "بدأت تظهر الآن سوق سوداء ينقل فيها سماسرة البضائع التركية إلى موانئ أخرى ويزيفون الوثائق حتى تبدو (السلع) وكأنها قادمة من الصين أو أوروبا مقابل عمولات".
كما توضح البيانات التجارية قفزات موازية غير معتادة بنسب تتراوح بين 200 و400% في صادرات الملبوسات والمنسوجات والكيماويات والحلي التركية القادمة إلى سلطنة عمان ولبنان.
فيما قال مسؤول آخر بشركة تجارية لرويترز: "بعض الشركات التي تعتمد على السعودية كزبون رئيسي حولت خطوط إنتاجها من أجل مواصلة القدرة على البيع".
من جانبه، قال شريف فايد، رئيس المجلس التركي للملبوسات، إن المصنّعين يفكرون في إرسال الأقمشة إلى جهة أخرى مثل بلغاريا وصربيا "لوضع اللمسات النهائية" على البضائع المتجهة إلى السعودية، مضيفاً أنه يمكن بهذه الطريقة للشركات التركية أن تفي بتعاقداتها مع الشركات المالكة للعلامات التجارية على مستوى التجزئة التي تلزمها بتسليم البضائع على المستوى العالمي بما في ذلك السعودية، وتابع: "المصدرون يحاولون التغلب على الحصار، لكن هذا يعني تكاليف إضافية من أموالهم".
ولم تتلق رويترز تعليقاً على الفور من مجالس الأعمال التركية المختصة بكل من سلطنة عمان ولبنان والسعودية.
سياسات مقيدة
ثلاثة تجار كشفوا من جهتهم لوكالة رويترز أن شركات تركية كبرى أجرت مباحثات في السعودية في الشهور الأخيرة لإعادة فتح التجارة مع المملكة دون تحقيق أي انفراجة واضحة.
فيما قال دبلوماسي طلب عدم نشر اسمه إن التجار السعوديين خسروا مليارات الريالات العام الماضي جراء تكدس البضائع في الجمارك، وأضاف أن التجار اشتكوا للسلطات وفي النهاية توصلوا إلى حل "لإدخال المنتجات التركية لا سيما المنتجات التي ليس لها بدائل أفضل".
وهذا الأسبوع أثارت أنقرة المقاطعة للمرة الأولى في اجتماع لمجلس السلع بمنظمة التجارة العالمية في جنيف، طرحت فيه "السياسات والممارسات المقيدة" التي تتبعها السعودية فيما يتعلق بتركيا ضمن جدول أعمال الاجتماع الذي يستمر يومين.
تراجع صادرات تركيا في المملكة
فيما أظهرت مراجعة لبيانات التجارة الرسمية أن صادرات تركيا إلى السعودية في أول شهرين من العام الجاري هوت بمعدل سنوي يبلغ 93% لتصل إلى 38 مليون دولار.
وقالت رابطة الصادرات التركية إن صادرات الأجهزة الإلكترونية والملبوسات والحلي والسيارات انخفضت كلها بما يفوق 90% عما كانت عليه قبل عام.
ولم تسلم الرياض رسمياً قط بمقاطعة تركيا، غير أن رجال أعمال سعوديين كباراً أقروا بها في العام الماضي وقالوا إنها رد على ما وصفوه بـ"عداء" من جانب أنقرة.
كما لم يعلق مكتب التواصل الحكومي في الرياض على المقاطعة.
وكان وزير الخارجية قال في مقابلة في نوفمبر/تشرين الثاني قبل بدء الانخفاض الحاد في حركة التجارة، إنه لا يوجد من البيانات ما يشير إلى المقاطعة، وأدى دعم رجال أعمال كبار في السعودية للمقاطعة إلى شكاوى من منظمات تجارية تركية، لكن رد فعل الحكومة التركية كان هادئاً.
وقد حاولت أنقرة والرياض في الأشهر الأخيرة إصلاح بعض الضرر الدبلوماسي، وذلك بعد توتر العلاقات على مدار نحو عشر سنوات، خاصة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز قد اتفقا في نوفمبر/تشرين الثاني على "إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتحسين العلاقات الثنائية والتغلب على المشاكل".