كشف موقع Middle East Eye الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021 أن وزارة الخارجية الأمريكية أثارت في تقريرها السنوي بشأن حقوق الإنسان مخاوف تتعلق بواقع الاختفاء القسري لعدد من كبار أفراد العائلة المالكة السعودية، ومنهم ولي العهد السابق محمد بن نايف، والأمير أحمد بن عبدالعزيز آل سعود، شقيق الملك سلمان.
حقوق الإنسان في السعودية
ويتناول التقرير الذي صدر الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021 حالة حقوق الإنسان العالمية في عام 2020 حسب الدول كما قد وثّق عدداً لا يُحصى من الانتهاكات في المملكة، مشيراً إلى التحسينات والتشريعات التي أُدخلت لإصلاح الأوضاع القانونية والنظام القضائي في المملكة.
وبينما أحجمت واشنطن إلى حدٍّ كبير عن التعليق على السياسة الداخلية للعائلة المالكة السعودية، أقرت الوثيقة الصادرة بانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتُكبت ضد أفراد العائلة المالكة السعودية دون إبداء تعليق على التداعيات السياسية.
كان ولي العهد محمد بن سلمان، وفي سياق عملية "تطهير" غير مسبوقة بدأها في عام 2017، قد احتجز معارضيه ومنافسيه المحتملين على الحكم في المملكة، وشملت القائمة العديد من أبناء عمومته من العائلة المالكة، وكل ذلك في محاولة لتوطيد سلطته وسيطرته على البلاد.
ويُوثق التقرير ذلك بالإشارة إلى أنه "في أوائل مارس/آذار 2020، ورد أن السلطات السعودية اعتقلت أربعة أمراء كبار: الأمير أحمد بن عبدالعزيز، الأخ الشقيق للملك سلمان، وابنه الأمير نايف بن أحمد، الرئيس السابق لمخابرات الجيش، والأمير محمد بن نايف، ولي العهد السابق ووزير الداخلية، وشقيقه الأصغر الأمير نواف بن نايف".
تفاصيل التقرير
يعدُّ ذلك التقرير أول تقرير من نوعه تنشره إدارة بايدن بعد تقوليها، ومن المفترض أن تكون الوثائق خالية من أي تأثير سياسي وتعتمد بالأساس على تقارير لمسؤولين بيروقراطيين وموظفين من مصادر مختلفة.
ومع ذلك، فقد اختار بايدن عدم فرض عقوبات على ولي العهد، فقد قال مساعدوه إنهم يخشون أن تؤدي معاقبة بن سلمان إلى "قطع" العلاقات مع الرياض.
وعلى خلاف التقارير السابقة عن المملكة، سلَّطت وثيقة هذا العام الضوءَ على الجهود السعودية للتضييق على المعارضين في الخارج، مستشهدةً باحتجاز السلطات السعودية لأبناء مسؤول الاستخبارات السابق سعد الجبري.
ويقول التقرير: "في 16 مارس/آذار، اعتقلت السلطات عمر الجبري، البالغ من العمر 21 عاماً، وسارة الجبري، البالغة من العمر 20 عاماً، واحتجزتهما بمعزل عن العالم الخارجي، وفقاً لما أوردته منظمة هيومن رايتس ووتش. وهما ابنا مسؤول الاستخبارات السابق سعد الجبري الذي يعيش في المنفى بدولة كندا منذ عام 2017".
كما أشارت الوثيقة إلى أن المملكة أدخلت تحسينات على نظامها القانوني، وشمل ذلك حظر عقوبة الإعدام ضد القاصرين ورفع بعض القيود المفروضة على النساء، وفي معرض الحديث عن حقوق الإنسان في السعودية، قال التقرير: تشمل القضايا المهمة المتعلقة بحقوق الإنسان ما يلي: القتل خارج إطار القانون، والإعدام على جرائم غير عنيفة، وحالات الاختفاء القسري… والاعتقال والاحتجاز التعسُّفيين، وما يتعلق بالمعتقلين أو المحتجزين السياسيين، والقيود الشديدة على حرية التعبير والصحافة والإنترنت، وما يشمله ذلك من تهديد بالعنف أو الاعتقالات التعسفية أو الملاحقات القضائية ضد الصحفيين وفرض الرقابة وحجب المواقع، علاوة على أعمال المضايقة والترهيب ضد المعارضين السعوديين الذين يعيشون في الخارج.
كما تعهد الرئيس الأمريكي في وقت سابق بإعادة ضبط العلاقات مع السعودية وسط انتقادات متزايدة للرياض في واشنطن، وفي الشهر الماضي، أصدرت الإدارة تقرير الاستخبارات الأمريكية بشأن اغتيال جمال خاشقجي، والذي خلُص إلى أن بن سلمان وافق على عملية الاغتيال.
لا تركيز على محمد بن سلمان!
فيليب ناصيف، مدير برنامج كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في فرع الولايات المتحدة الأمريكية لمنظمة العفو الدولية، انتقد التقريرَ لامتناعه عن تسليط الضوء على دور بن سلمان في انتهاكات المملكة لحقوق الإنسان. ولم يُذكر ولي العهد، على الرغم من أنه الحاكم الفعلي للمملكة، إلا مرة واحدة، في خضم إشارة إلى احتجاز المدونة والناشطة السعودية أماني الزين، وذلك على خلفية مقطع فيديو بدا أنها سخرت فيه من ولي العهد العام الماضي.
نصيف قال في بيانه: "هناك قليل من الإشارة إلى دور ولي العهد محمد بن سلمان في تنامي أوضاع الاستبداد المدفوع بجنون العظمة في المجتمع السعودي، على الرغم من وجود كثير من الإشارات إلى أفراد معتقلين في المملكة، وعمليات قتل تعسفي، وممارسات تعذيب، علاوة على دور الحكومة السعودية في حرب اليمن"، كما شدد نصيف على أنه "يجب أن تكون هناك محاسبة على أفعال السعودية في اليمن وضد شعبها، وهذه المحاسبة تبدأ من الأعلى، أي تبدأ من محمد بن سلمان".
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب موقع MEE للتعليق حتى وقت النشر.
تغييرات في العلاقات السعودية الأمريكية
يُذكر أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أشار في سياق تقديمه للتقارير التي تتناول أوضاع حقوق الإنسان في جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى أن بايدن ملتزم بوضع حقوق الإنسان "في المركز" من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية، وقال بلينكن للصحفيين: "ستستعين الولايات المتحدة بكل أدواتها الدبلوماسية للدفاع عن حقوق الإنسان وتحميل مرتكبي الانتهاكات المسؤولية التامة عن أفعالهم".
فيما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، من جهته، إنه أبلغ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أنه "سيحاسب المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان"، وأن الولايات المتحدة ستعلن تغييرات كبيرة في العلاقات مع الرياض، يومي الجمعة والإثنين المقبل.
وفرضت الولايات المتحدة ضمن الإجراءات العقابية التي اتخذتها في وقت سابق، حظر تأشيرات على بعض السعوديين الذين تعتقد تورطهم في قتل خاشقجي، وعقوبات على آخرين، منهم نائب رئيس المخابرات السابق اللواء أحمد العسيري، تقضي بتجميد أصولهم الأمريكية، ومنع الأمريكيين من التعامل معهم.
لكن العقوبات لم تشمل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وقالت وكالة رويترز إن بايدن يحاول أن يوضح أن قتل الخصوم السياسيين غير مقبول لدى الولايات المتحدة، في حين يحافظ على العلاقات مع ولي العهد، الذي قد يحكم واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم لعقود، وقد يكون حليفاً مهماً ضد العدو المشترك إيران.