قال تحقيق للأمم المتحدة، الثلاثاء 30 مارس/آذار 2021، إن ضربة جوية نفذها الجيش الفرنسي في مالي، في 3 يناير/كانون الثاني الماضي، تسببت في مقتل 19 مدنياً، بعد أن كانت باريس قد نفت ذلك، وقالت إن غارات قواتها "استهدفت تجمعاً لمقاتلين متشددين".
كان قرويون من طائفة الفولاني قد قالوا إن الزفاف تعرّض لهجوم بمروحية، وتسبّب في مقتل 20 مدنياً على الأقل، كما نُشرت قائمة تضم أسماء 18 ضحية في حفل زفاف العروسين علاي وإيساتا على وسائل التواصل الاجتماعي.
إدانة الأمم المتحدة لفرنسا
ذكر التقرير، الذي أعدته لجنة حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة بمالي، أن المدنيين القتلى "كانوا مجتمعين لحضور حفل زفاف قرب قرية مونتي، وسط مالي"، حسبما نقل موقع "فرانس 24″، الثلاثاء.
كما أشار أن البعثة الأممية "قادرة على تأكيد إقامة حفل زفاف جمع في موقع الضربة نحو 100 مدني، كان بينهم 5 مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى كتيبة جهادية".
بينما قالت وزارة الدفاع الفرنسية في بيان إنها تعيد التأكيد على أن الضربة التي وجهها الجيش الفرنسي استهدفت من وصفتهم بأنهم إرهابيون مسلحون، مضيفة أن لها عدة تحفظات على النهج الذي استخدم في وضع تقرير الأمم المتحدة.
معلومات متضاربة حول الحادث
بعد يومين من مزاعم القيادات العسكرية الفرنسية في المنطقة، التي يقاتل بها 5000 جندي فرنسي عدداً من الميليشيات، بوقوع خطأ فادح، قالت إن طائرات مقاتلة تسببت في مقتل عشرات الجهاديين في وسط مالي.
من جانبها، قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، التي تعمل في المنطقة، إنها عالجت ثمانية أشخاص أصيبوا بشظايا في قريتين، بعد الهجوم المُميت على حفل الزفاف، ولم تتمكن من تأكيد مزاعم الجيش الفرنسي بوجود ضربتين منفصلتين.
كما قال وقتها خوان كارلوس كانو، رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في مالي: "لسنا واثقين من أن هجومين قد وقعا، أو من انتقال جرحى من قرية إلى أخرى". وقالت المؤسسة الخيرية إن الجرحى كانوا مصابين بأعيرة نارية وجروح غائرة في البشرة ناجمة عن انفجارات.
أما المتحدث باسم الجيش الفرنسي في باريس، فريديريك باربري، فقال إن إحداثيات الضربة الفرنسية كانت في نفس موقع بونتي، المكان الذي أصيبت فيه مجموعة الزفاف، بحسب صحيفة Libération.
فيما بعد خرجت حكومة مالي عن صمتها، ودعمت الرواية الفرنسية للحادث، وقالت: "لم تُظهر المناطق المحيطة المرصودة أي مشهد زفاف، أو أطفال أو نساء. وجميع المعلومات التي كانت ترد في وقتها أوضحت أن الأهداف المصابة كانت أهدافاً عسكرية مؤكدة". لكنها أضافت أن الوزارة تحقق في الحادث.
الجيش الفرنسي في مالي
كانت قوّة برخان الفرنسيّة التي تقاتل "جهاديين" في منطقة الساحل، وجَّهت ضربة جديدة في مالي قبل يوم من شنِّها ضربات جوية، وخسرت جنديّاً وجندية من عناصرها في هجوم بعبوة ناسفة، وذلك بعد مقتل ثلاثة جنود في ظروف مماثلة قبل أيام.
بمقتل الجنديَّين، يرتفع إلى خمسين عدد جنود الجيش الفرنسي الذين قُتلوا في منطقة الساحل منذ 2013 في عمليّتَي سيرفال وبرخان المناهضتين للجهاديّين، بحسب ما أوضحت أركان الجيش، ونقلت عنها وكالة الأنباء الفرنسية.
تنتشر قوة برخان الفرنسية التي ارتفع عددها عام 2020 إلى 5100 جندي مع تعزيزها بـ600 عنصر، في 5 دول من منطقة الساحل، حيث تواجه جماعات جهادية من مجموعة دول الساحل الخمس، تضم جنوداً من موريتانيا وتشاد ومالي وبوركينافاسو والنيجر.
في مواجهة استمرار العنف بالإضافة إلى النزاعات الإثنية، لا تستبعد السلطات الانتقالية في مالي الدخول في مفاوضات مع الجماعات المسلحة، وهو ما فعله قبلها الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا، الذي أطاح به انقلاب في أغسطس/آب 2020.