حذّر وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، الجمعة 26 مارس/آذار 2021، من حرب لقاحات بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، كما اتهم لندن بـ"الابتزاز" بشأن كيفية تعاملها مع صادرات لقاحات فيروس كورونا، وسط استمرار التوترات بشأن سلاسل التوريد.
جاء ذلك في ردّ الوزير الفرنسي عندما سُئل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي قد "خدع" بإرساله ملايين الجرعات إلى المملكة المتحدة، بينما يواجه طرح اللقاحات في دول الاتحاد تعثراً.
إذ قال لراديو "فرانس إنفو": "نحن بحاجة لبناء علاقة تعاونية". وأضاف: "لكن لا يمكننا التعامل بهذه الطريقة". ودعت فرنسا الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق ضوابط أكثر صرامة على صادرات لقاحات كورونا.
الاتحاد الأوروبي "لا ينبغي أن يدفع الثمن"
قال لو دريان إنّ الاتحاد الأوروبي "لا ينبغي أن يدفع الثمن" لسياسة التلقيح في المملكة المتحدة، كما انتقد نهجها في شراء الجرعات، مضيفاً أنّ المملكة المتحدة ستواجه صعوبة في توفير جرعات ثانية لمواطنيها من لقاحات كورونا.
الوزير الفرنسي أضاف أن المملكة المتحدة تفتخر كثيراً بالتلقيح الجيد بالجرعة الأولى، إلا أنها تعاني من مشكلة في توفير الجرعة الثانية، وأضاف: "لا يمكن للمرء أن يلعب بالابتزاز". وأضاف: "لا يمكنك التصرف بهذه الطريقة".
لم يحدد وزير الخارجية ما يراه ابتزازاً، لكنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، حذّر في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن قيود الاتحاد الأوروبي الصارمة على الصادرات قد تضر بالاستثمارات في الدول الأعضاء.
كما قال: "أود أن أوضح بلطف لأي شخص يفكر في فرض حصار… أن الشركات قد تنظر في مثل هذه الإجراءات وتتوصل إلى استنتاجات حول ما إذا كان من الجيد أن تقوم باستثمارات مستقبلية أم لا".
انتقادات الشركات المصنعة للقاحات كورونا
بدأت عمليات طرح لقاحات كورونا ببطء في شتى أنحاء التكتل، وألقى الاتحاد الأوروبي باللوم على شركات الأدوية -وعلى أسترازينيكا في المقام الأول- لعدم تقديمها الجرعات الموعودة. ونفت أسترازينيكا أنها فشلت في احترام اتفاقها.
إذ يتوقع الاتحاد الأوروبي أن يتلقى حوالي 30 مليون جرعة من أسترازينيكا بحلول نهاية مارس/آذار، أي أقل من ثلث ما كان يأمل فيه.
في غضون ذلك، فإن حملة التلقيح ضد كورونا في المملكة المتحدة حتى الآن أكثر نجاحاً من تلك التي حققتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة.
فقد قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الخميس 25 مارس/آذار، عقب قمة عبر الإنترنت ناقش فيها قادة الاتحاد الأوروبي إمدادات اللقاح، إنّ الكتلة هي "المنطقة التي تصدّر معظم اللقاحات في جميع أنحاء العالم"، ودعت الدول الأخرى إلى "مواكبة انفتاحنا".
كما قالت أيضاً إنه يتعين على أسترازينيكا "إكمال" عمليات التسليم إلى دول الاتحاد الأوروبي، قبل تصدير الجرعات إلى مكان آخر من العالم.
حرب اللقاحات بدلاً من عدالة التوزيع
شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، لحظة محورية في وباء كورونا، عندما بدأ القادة في إظهار بعض الوحدة مع اقتراب عدد الوفيات في العالم من مليون شخص. وقالوا إنهم تعلموا دروساً قاسية من الضرر الذي أحدثه تخزين معدات الحماية. وزعموا أنه عندما يتم تطوير لقاح سيكون الأشخاص الأكثر ضعفاً في العالم في المرتبة الأولى.
الآن تم التوصل للقاحات في وقت قياسي، بينما تلاشى هذا التضامن بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأفسح المجال لمعركة شاملة حول من يحق له الحصول على عشرات الملايين من الجرعات التي تنتجها شركة الأدوية البريطانية السويدية AstraZeneca. وفي الوقت نفسه، لا يزال يتعين على العديد من البلدان في جنوب الكرة الأرضية محاولة تنظيم الحصول على لقاح واحد.
إن النزعة القومية القبيحة للقاح كورونا، التي تخشى منها منظمة الصحة العالمية وغيرها من دعاة الصحة العامة ظهرت بقوة، وها هي تبدأ في أوروبا، المنطقة التي عادة ما تفتخر بأعلى مستويات المساواة في العالم، حسبما وصف موقع CNN الأمريكي.
يدور الخلاف حول صفقة الاتحاد الأوروبي مع شركة AstraZeneca، التي تنتج ما يُعرف بلقاح أكسفورد، والتي أبلغت الكتلة الأوروبية مؤخراً أنها لن تكون قادرة على توفير عدد اللقاحات التي كان الاتحاد الأوروبي يأمل فيها بحلول نهاية مارس/آذار.
يشعر قادة الاتحاد الأوروبي بالغضب من أن الشركة يبدو أنها تفي بالتسليم لسوق المملكة المتحدة وليس لسوقهم.
رغم أن شكاوى الاتحاد الأوروبي موجهة إلى حد كبير إلى AstraZeneca، فقد أثار النزاع العداء على جانبي القناة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، بعد أن خرج الجانبان للتو من أربع سنوات من المشاحنات حول شروط طلاقهما.