قال تقرير دولي جديد، إن الدول المعتمدة على النفط، والتي لا تستعد للتكيف مع التحول العالمي بعيداً عن الوقود الأحفوري، تُعرّض استقرارها للخطر، لافتاً إلى أن الجزائر والعراق ونيجيريا هي أكثر الدول عرضةً لخطر "موجة عدم الاستقرار السياسي بالتصوير البطيء".
التقرير، الذي أصدرته شركة تحليلات المخاطر والتخطيط الاستراتيجي Verisk Maplecroft البريطانية، الخميس 25 مارس/آذار 2021، أكد أنه مع تسارع التحوّل في مجال الطاقة وإيقاف جائحة كورونا لأي انتعاش حققته أسواق النفط في السنوات الأخيرة، فقد بدأ الوقت ينفد أمام عددٍ من الدول التي فشلت في تنويع اقتصاداتها بعيداً عن تصدير الوقود الأحفوري.
كما جرى تحديد دولتي تشاد وكازاخستان أيضاً على أنهما بلدانِ معرَّضان لدرجة عالية من مخاطر الاضطرابات السياسية بالتزامن مع ابتلاع تحوُّل الطاقة لاقتصاداتهما.
الأنظمة السياسية الاستبدادية
فضلاً عن ذلك، فهناك دول بغرب إفريقيا ذات "أنظمة سياسية استبدادية أو شبه استبدادية"، مثل أنغولا والجابون والكونغو والكاميرون وغينيا الاستوائية، من الدول المعرضة لمخاطر عالية أيضاً.
فيما نظر الباحثون في عوامل تشمل التكاليف الخارجية لنقطة التعادل، وقدرة الدولة على التنويع، ومرونتها السياسية.
حسب محللين، فشلت غالبية الدول المنتجة للنفط في التنويع بين عامي 2014 حين تراجعت أسعار النفط و2019 حين تفشت جائحة كورونا. وقد ساءت الأوضاع في بعض الدول مع انخفاض الصادرات وتراجع احتياطيات العملات الأجنبية.
نذير بالخيارات القاتمة
إذ خفضت نيجيريا والعراق قيمة عملاتهما بالفعل، أي "أعادت التوازن لوارداتها وصادراتها على حساب مستويات المعيشة"، بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الجمعة 26 مارس/آذار 2021، والذي لفت إلى أن "التخفيضات الأخيرة لقيمة العملات نذير بالخيارات القاتمة المقبلة التي تنتظر الدول المنتجة للنفط: التنويع، أو تجربة التعديلات الاقتصادية القسرية".
من جانبها، قالت فرانكا وولف، كبيرة المحللين في شركة Verisk Maplecroft، إن تحوّل الطاقة كان "أمراً ضرورياً بالنسبة للعالم. لكنه عامل مضاعف للتهديدات بالنسبة للدول المعتمدة على تصدير النفط دون قدرةٍ كبيرة على تنويع اقتصاداتها".
اللعبة تغيّرت
وولف لفتت إلى أنه "لن يكون وقوف تلك الأسواق في مكانها خياراً أيضاً، لأن اللعبة قد تغيّرت. فالضغوط السياسية والعامة من أجل التصدي لمشكلة تغيّر المناخ هي الدوافع الأساسية وراء تحوُّل الطاقة، كما رأينا في حركة احتجاجات المناخ والنجاح الانتخابي للسياسات الخضراء في الاقتصادات المتقدمة".
إلا أن دولتي الإمارات وقطر من بين الدول الخليجية التي تبدو الأكثر جاهزية لاجتياز تلك العاصفة، ومن المتوقع أيضاً أن تكون السعودية والكويت من الدول الأكثر استقراراً سياسياً، حيث تتمتع مواردهما واقتصاداتهما بموقعٍ أفضل يُساعدهما على التنويع، طبقاً لما أورده التقرير.
لكن جيمس لوكهارت سميث، رئيس قسم مخاطر السوق في Verisk Maplecroft، أثار تحذيراً أيضاً بشأن الدول الخليجية: "الاستقرار السياسي الاستبدادي ليس استقراراً على الإطلاق على المدى البعيد، لأن الانخفاض المُطوّل في أسعار النفط يُؤثّر على الإنفاق الاجتماعي، ويُراكم مزيداً من الضغوطات على تلك الأنظمة السياسية الهشة".
تقلب أسواق النفط
في سياق آخر، ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 4%، الجمعة 26 مارس/آذار الجاري، بفعل مخاوف من أن تعويم ناقلة حاويات عملاقة جانحة تعوق حركة الملاحة في قناة السويس قد يستغرق أسابيع، مما قد يفرض ضغوطاً على إمدادات الخام والمنتجات المكررة.
إذ يشكل ذلك انتعاشاً من نزول حاد في الجلسة السابقة على خلفية مخاوف من تأثر الطلب نتيجة إجراءات إغلاق جديدة مرتبطة بفيروس كورونا في أوروبا.
حيث ارتفع خام برنت 2.62 دولار بما يعادل 4.2%، ليبلغ سعر التسوية 64.57 دولار للبرميل، بعد أن نزل 3.8% يوم الخميس. وصعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 2.41 دولار أو 4.1%، لتجري تسويته عند 60.97 دولار للبرميل، بعد أن هوى 4.3% في اليوم السابق. يشار إلى أن أسواق النفط شهدت تقلباً هذا الأسبوع، إذ يوازن المستثمرون بين التأثير المحتمل للتكدس في قناة السويس الذي بدأ يوم الثلاثاء، وأثر إجراءات الإغلاق الجديدة المرتبطة بفيروس كورونا.