“كوميديا سوداء ومسرحية مكررة للنظام”.. المعارضون خارج الجزائر يردون على قرار إصدار مذكرات دولية لاعتقالهم

عربي بوست
تم النشر: 2021/03/25 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/03/25 الساعة 11:22 بتوقيت غرينتش
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (مواقع التواصل الاجتماعي)

تسببت مذكرة توقيف لمعارضين خارج الجزائر في جدل حقوقي داخل البلاد وخارجها، خصوصاً أن الأمر أصبح مرتبطاً أيضاً باحتمالية سحب الجنسية الجزائرية منهم.

وحددت النيابة العامة لائحة المطلوبين، التي تخص كلاً من: محمد العربي زيتوت دبلوماسي سابق، وهشام عبود ضابط سابق في الجيش الجزائري، وأمير بوخرص ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحمد عبدالله مصور جوي سابق بقوات الدرك الوطني (تابع للجيش).

وتفاعل النشطاء الأربعة مع القرار الذي تزامن مع تفعيل فرنسا اتفاقية تسليم المطلوبين، معتبرين أن "السلطة في الجزائر تُعيد تكرار نفس طريقة مواجهتها للمعارضين، خصوصاً منهم خارج البلاد".

وبررت النيابة العامة في الجزائر مذكرتها بتورط النشطاء الأربعة في "التخطيط لعمليات إرهابية والقيام بأعمال تمسّ أمن الدولة عن طريق استغلال الحراك الشعبي".

مذكرة توقيف معارضين خارج الجزائر

ذكر بيان النيابة العامة لمحكمة بئر مراد رايس (شرقي العاصمة الجزائر) أن "النشطاء الأربعة المتهمين بالإرهاب والمساس بأمن الدولة هم محمد العربي زيتوت، وأمير بوخرص، وهشام عبود، ومحمد عبدالله".

ويُعرف محمد العربي زيتوت بأنه دبلوماسي سابق استقال من الخارجية الجزائرية سنة 1995 بعدما كان يعمل في السفارة الجزائرية بليبيا.

ويقول زيتوت في تعريفه بنفسه خلال مقابلاته الإعلامية إنه "استقال من السلك الدبلوماسي بسبب وقف المسار الانتخابي سنة 1992، والانقلاب على الرئيس الشادلي بن جديد من طرف الجيش بعد الفوز الساحق لحزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ (محظورة) بالجولة الأولى من الانتخابات التشريعية".

وينشط زيتوت في حركة رشاد التي أسسها رفقة مجموعة من الناشطين في الخارج سنة 2007.

أما هشام عبود فهو ضابط سابق في الجيش الجزائري، وعمل صحفياً بعد خروجه منه وغادر الجزائر سنة 1997 ولُوحق بعدة تهم تتعلق بالوشاية الكاذبة والمساس بهيئة نظامية، قبل أن يطلب اللجوء السياسي من فرنسا ويكتب كتابه الشهير "مافيا الجنرالات".

وعاد عبود إلى الجزائر سنة 2011 وأسقطت التهم المتابع بها، وعاد ليمارس نشاطه الصحفي، لكنه فرّ من الجزائر مرة أخرى سنة 2013 بعد صدور قرار بمنعه من السفر، وهو متواجد في الخارج منذ ذلك الوقت، ويسخّر كل نشاطه لمعارضة السلطة الجزائرية.

وفيما يخص أمير بوخرص المعروف بـ"أمير دي زاد"، فهو ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، يتمتع بشهرة كبيرة لدى الشباب الجزائري وله متابعون بمئات الآلاف على صفحتيه بموقعي فيسبوك ويوتيوب.

ويعتبر أمير بوخرص أحد الشباب الجزائريين الذين ركبوا البحر للهجرة خارج الجزائر بطرق غير شرعية، وأصدرت السلطات القضائية الجزائرية أكثر من 7 مذكرات توقيف في حقه باءت جميعها بالفشل، حسب ما يكشف عنه بوخرص.

أما بالنسبة لمحمد عبدالله، فهو مصور جوي بقوات الدرك الوطني (تابع للجيش)، عمل لسنوات في الحدود بين الجزائر وتونس، استقال وفر لإسبانيا ونشر العديد من الفيديوهات التي صورها فترة عمله والتي تتعلّق بالتهريب وتورط شخصيات نافذة فيه.

هل يسحب تبون الجنسية من معارضيه؟

كانت الحكومة الجزائرية ناقشت قبل أسابيع مشروع قانون أثار الكثير من الجدل يتعلّق بسحب الجنسية من الجزائريين المقيمين في الخارج الذين يتورطون في أعمال إرهابية وأعمال المساس بأمن الدولة.

ورغم أن مشروع القانون لم تتم المصادقة عليه لحد الساعة، ويلقى معارضة شديدة من الحقوقيين، فإن مخطط السلطة يبدو واضحاً ومرتباً سلفاً، بحيث ستكون الخطوة القادمة التوجه نحو إسقاط الجنسية على هؤلاء النشطاء الأربعة وغيرهم ممن يزعجونها في الخارج.

واستغرب القاضي السابق والخبير في الشؤون القانونية وحقوق الإنسان المقيم بفرنسا فضيل العيش، في تصريحات سابقة لـ"عربي بوست"، تفكير الحكومة الجزائرية سن قانون يجرّد مواطنيها من جنسيتهم.

ويقول العيش إن الجنسية الأصلية هي لصيقة بالإنسان منذ ولادته وهي صفة مرادفة لموطن الإنسان، كما أن "مشروع القانون يهدف لبث الرعب وسط الناشطين السياسيين في الخارج وتكميم أفواههم". 

مسرحية مكررة

علّق الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت على إصدار العدالة الجزائرية مذكرة توقيف دولية في حقه، بالقول إن "السلطة تكرر المكرر وتعيد تجريب المجرب".

ويرى زيتوت أن "السلطة تعمل على فبركة ملفات المعارضين في الخارج من أجل تشويه نضالهم"، حسب قوله.

وقال زيتوت، في فيديو على قناته على "يوتيوب" إن "النظام الجزائري لا يتعلّم الدروس مما سبق وهو يعيد إنتاج نفس ممارساته البالية التي كانت تمارسها الأنظمة السابقة".

ويعتقد المعارض المقيم في بريطانيا أن "ما ورد من تهم في بيان النيابة الجزائرية لا يستحق الرد؛ لأنه مليء بالأكاذيب والخرافات ويشبه الكوميديا السوداء".

أما الضابط السابق في الجيش هشام عبود، فقال إنه "ليس ناشطاً سياسياً، ولا ينتمي لأي حزب، وإنما صحفي حر يكتب دون مراعاة رأي النظام أو المعارضة".

وأضاف عبود في تصريح لـ"عربي بوست" أن "نشاطه الصحفي لن يتأثر بهذه المذكرة كما لن يتوقف".

وفيما يخص علاقة تهم الإرهاب الموجه إليه بقانون سحب الجنسية من الجزائريين المقيمين في الخارج الذي تناقشه الحكومة، أكد عبود أن "الحكومة تكون قد تراجعت عنه بعد ردود الفعل الغاضبة من الشارع الجزائري إزاءه".

وأفاد المتحدث ذاته بأن "الجنسية الجزائرية هي مكتسبة طبيعاً وليست بقرار من أحد ولا يمكن سحبها بأي قانون،  وإن سحبت الجنسية الجزائرية مني فلن أتوقف عن الكلام لأنني جزائري، والجزائريون يعلمون ذلك".

وكشف عبود أن "النظام الجزائري أصدر من قبل مذكرتي توقيف في حقه ولم يتم الاعتراف بهما من الإنتربول، لأنها تحمل طابعاً سياسياً واضحاً".

واعتبر المتحدث نفسه أن "إصدار مذكرة توقيف في حقه وحق النشطاء الآخرين دليل على ضعف وتخبط النظام الجزائري الذي لا يريد أن يتعلم الدرس، لذلك أقول إن المشكلة ليست في هشام عبود أو غيره وإنما المشكلة الحقيقية بالنسبة لهم هي الشعب الذي يخرج كل جمعة ويطالبهم بالرحيل". 

أما الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أمير بوخرص فاعتبر المذكرة شيئاً غير جديد عنه، باعتبار أن الجزائر أصدرت في حقه سبع مذكرات دولية سابقة للقبض عليه، على حسب قوله.

وقال بوخرص، في مباشر بثه ليلة أمس على قناته على يوتيوب، إن "مذكرة التوقيف الدولية لن تثنيه عن مواصلة النضال ضد السلطة التي وصفها بالعصابة".

هل تُسلم فرنسا معارضي الجزائر؟

فعّلت فرنسا اتفاقية تسليم المطلوبين مع الجزائر يوم أمس الأربعاء 24 آذار/مارس الجاري، بعد أن ظلّت مجمدة لسنتين كاملتين بحيث تم توقيعها سنة 2019.

ووفق وزارة العدل الجزائرية، فإن توقيع هذه الاتفاقية ودخولها حيز التنفيذ، الأربعاء، جاء "تجديداً للتعاون بين الجزائر وفرنسا، خاصة عقب دخول الاتفاقية الجديدة للتعاون القضائي في المجال الجنائي حيز التطبيق شهر مايو/أيار الماضي".

وعلق الباحث السياسي المقيم في بريطانيا أنور السليماني على تفعيل فرنسا اتفاقية التسليم في هذا التوقيت بالقول إن "التنسيق الأمني الفرنسي الجزائري سيزداد مستقبلاً، خاصة مع ضعف السلطة الفعلية في الجزائر، التي ستعمل على تقديم مزيد من التنازلات لضمان انحياز الحليف الفرنسي، ومن خلال هذا يمكننا فهم خلفيات تفعيل الاتفاقية بعدما بقيت مجمدة لسنتين كاملتين" . 

وأضاف السليماني، في تصريح لـ"عربي بوست"، أنه "الاتفاقية ستبقى ذات بعد ترهيبي للمعارضين الجزائريين في فرنسا، ولا يمكن تفعيلها بتلك البساطة، خاصة أن  فرنسا تتمتع بسلطة قضائية حرة غير مرتبطة بالأجندة السياسية لماكرون كما قد يتخيله البعض".

تحميل المزيد