قالت صحيفة The Washington Post، الثلاثاء 23 مارس/آذار 2021، إن رئيس وزراء أستراليا، سكوت موريسون، أوقع نفسه في ورطة وزاد الطين بلة، خلال سعيه إلى تهدئة الغضب العام، على خلفية كشف فضيحة حدوث أعمال جنسية بالبرلمان.
وكالة الأنباء الفرنسية كانت قد أشارت أمس الثلاثاء إلى أن مقاطع الفيديو والصور والمقاطع الصوتية يبدو أنه تم تشاركها في إطار مجموعة دردشة بين موظفين في الحكومة المحافظة، قبل أن يكشف عنها مبلّغ، ونشرتها صحيفة "ذي أستراليان" ومحطة "تشانل 10″، يوم الإثنين الماضي.
كان موريسون، قد دعا المراسلين لحضور مؤتمر صحفي وصفته الصحيفة بأنه "كان كارثياً"، من أجل مناقشة الواقعة الأخيرة التي طُرد فيها مستشار حكومي، بعد أن نشر صورةً لنفسه وهو يمارس فعلاً جنسياً على مكتب إحدى المشرّعات.
بدا موريسون خلال اللقاء يحاول مقاومة الدموع، بعد أن قال إنه قد كان "شهراً مليئاً بالصدمات" في البرلمان، وقال: "أثارت هذه الأحداث، في هذا المبنى وفي جميع أنحاء البلاد، حفيظةَ نساءٍ تحملن هذه القذارات وهذا الهراء طوال حياتهن (…) يجب أن نعيد تنظيم الأمور في هذا المنزل".
سؤال ورط مويسون
خلال الجزء الذي شمل أسئلة وأجوبة من المؤتمر الصحفي، ردّ موريسون على أحد المراسلين الذي سأل عما إذا كانت وظيفته ستكون في خطر إذا كان رئيسَ شركةٍ تواجه شكاوى مماثلة.
في إجابة بدت وكأنها نوع من الخروج على النص، ردّ رئيس الوزراء بالحديث عن تفاصيل قضيةٍ مفترضة، تشمل وقائعها التحرش بامرأة في الحمام على يد شخص في المؤسسة الإخبارية التي يعمل بها المراسل.
وقال موريسون: "قسم الموارد البشرية التابع لمؤسستك يتابع هذا الأمر. ومن ثم لا ينبغي لمن يقيم في منازل زجاجية أن يبدأ بإلقاء الناس بالحجارة".
من جانبه، قال المراسل أندرو كلينيل، الذي وجّه السؤال لرئيس الوزراء، إنه لم يكن على علم بأي تحقيق من هذا القبيل في مؤسسته، بحسب Sky News Australia.
في بث مباشر بعد المؤتمر الصحفي، قال كلينيل مستنكراً: "لماذا يطلب مني رئيس الوزراء توخي الحذر، هل هو يهددني؟ أعتقد أن على رئيس الوزراء أن يشرح بعض الأمور".
انتقاد لرئيس الوزراء
المؤسسة الإعلامية التي أشار إليها رئيس الوزراء هي News Corporation المملوكة لرجل الأعمال الأسترالي الأمريكي روبرت مردوخ، وفي بيان صدر يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار، قالت المؤسسة إن رئيس الوزراء أخطأ في ادعائه بأن ثمة تحقيقاً جارياً في شكوى من النوع الذي وصفه.
المؤسسة أشارت أيضاً إلى أن التبادل الذي تنطوي عليه الواقعة التي أشار إليها الرئيس كان تبادلاً شفهياً، ولم يكن ذا طبيعة جنسية، ولم يجر في حمام ولم يتقدم أي شخص بشكوى، كما زعم رئيس الوزراء.
من جانبه، قال مايكل ميللر، الرئيس التنفيذي لشركة News Corporation أستراليا: "يبدو أن رئيس الوزراء قد خلط بين واقعتين، إحداهما يجري التحقيق بها حالياً. وما قاله ببساطة غير صحيح".
من جهة أخرى، كان الخلاف العلني مع مراسل News Corporation أكثر من مجرد أمر غير عادي، لأن مردوخ كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه من مؤيدي رئيس الوزراء موريسون.
سبق أن أبدى رئيس الوزراء السابق، مالكولم تورنبول، شكوكاً تتعلق بأن المؤسسة الإعلامية البارزة قد ساعدت في الإطاحة به في أحد فصول الانقلابات الداخلية العديدة التي ميزت السياسة الأسترالية في السنوات الأخيرة.
على إثر ذلك، وفي بيان نشره على موقع فيسبوك في وقت لاحق من يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار، قال موريسون إنه قبل رواية المؤسسة عن الواقعة، وأضاف أنه يأسف بشدة "لرده الذي تعوزه الحساسية"، وأضاف معتذراً: "كنت مخطئاً في إثارتي لتلك الواقعة، والزخم العاطفي للحظة ليس عذراً لما فعلته".
من جهتها، أشارت سارة كاميرون، أستاذة علم السياسة بجامعة سيدني الأسترالية، إلى أن الدعم للحزب الليبرالي الحاكم -وهو الحزب المحافظ الرئيسي في أستراليا- يتراجع ببطء بين النساء منذ سنوات، حتى قبل ظهور مزاعم الاعتداء الجنسي الأخيرة.
كاميرون اعتبرت أنه "لطالما كان يُنظر إلى الحزب الليبرالي على أنه يعاني من مشكلة فيما يتعلق بقضايا المرأة".
فضيحة البرلمان
وترجع بداية واقعة الفضائح الجنسية بالبرلمان الأسترالي، إلى فبراير/شباط الماضي، عندما تقدمت موظفة حكومية سابقة بشكوى للشرطة، زاعمةً فيها أنها تعرضت للاغتصاب قبل نحو عامين على يد أحد زملائها في البرلمان.
منذ ذلك الحين، تقدمت أربع نساء أخريات بادعاءات مماثلة، ثم أقرَّ كبير المستشارين القانونيين في الحكومة أنه هو نفسه موضوع لمزاعم اغتصاب تعود إلى ثلاثة عقود، وإن نفى هذه المزاعم بشدة.
على إثر ذلك، نزلت آلاف النساء إلى الشوارع يوم الإثنين، 22 مارس/آذار الماضي، وزاد على ذلك ما أفادت به وسائل إعلام محلية هذا الأسبوع من أن غرفة مخصصة للصلاة في مبنى البرلمان استُخدمت لتنظيم لقاءات جنسية.
يذكر أن المحافظين يرأسون الحكومة بأغلبية ضئيلة، ويتعيّن إجراء انتخابات بحلول عام 2022. وأظهرت أحدث الاستطلاعات لاتجاهات التصويت أن حزب موريسون الليبرالي يتخلف عن حزب يسار الوسط بنسبة 52-48%.