قال موقع Quartz الأمريكي، الأحد 21 مارس/آذار 2021، إن شركة أرامكو السعودية، أكبر مُصدِّر للنفط في العالم، لم تعد الشركة الأكثر ربحية حول العالم، وذلك بعد عام شهد جائحة تسببت في خفض أسعار الوقود الأحفوري، وأدت إلى زيادة الطلب على التكنولوجيا الاستهلاكية، وصارت شركة أبل هي صاحبة هذا اللقب الآن.
آبل تتفوق على أرامكو
فقد أنتجت شركة أبل هواتف آيفون بـ57.4 مليار دولار في العالم المالي 2020، بينما سجلت عملاقة النفط 49 مليار دولار من الأرباح، وهو رقم صغير للغاية بالنسبة لأرامكو.
كما انخفضت الأرباح السنوية لشركة أرامكو بنسبة 44% في عام 2020 الذي انقلبت فيه الأحوال رأساً على عقب، وأعادت تشكيل الاقتصاد العالمي، وأدت إلى وصول أسعار النفط إلى أقل من صفر، وأحدثت انخفاضاً قياسياً في مستويات الانبعاثات الكربونية حول العالم.
أما شركة أبل، التي لم تشهد تقريباً أي تراجع في هوامشها الربحية، نظراً إلى أن المستهلكين الذين اضطروا للمكوث في منازلهم خلال الجائحة واصلوا شراء هواتف آيفون وأجهزة آيباد وماك.
وفي واقع الأمر، حطمت الشركة الأرقام القياسية للإيرادات في موسم التسوق خلال العطلات، بين شهري أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2020. حققت الشركة في هذا الفصل ربع السنوي وحده 22.8 مليار دولار من الأرباح.
وتجدر الإشارة إلى أن السنة المالية لشركة أبل لا تتفق مع السنة المالية لشركة أرامكو، إذ إن السنة المالية لأرامكو تتفق مع التقويم الاعتيادي، أما السنة المالية لشركة أبل فتبدأ من شهر سبتمبر/أيلول وتنتهي في نهاية أغسطس/آب.
يعني ذلك أن أرباح السنة المالية لشركة أبل عن عام 2020 تتضمن موسم التسوق في العطلات لعام 2019، ولا تتضمن الرقم القياسي الذي حققته في نفس الفصل الربع سنوي لعام 2020. لذلك إذا نظرنا إلى أرباح أبل عن العام الميلادي 2020 بداية من يناير/كانون الثاني وانتهاء بديسمبر/كانون الأول، مثلما هو الحال مع السنة المالية لأرامكو، فسنجد أن أبل تتقدم على أرامكو بأرباح أكثر بكثير من ذلك.
أزمة أرامكو
وفي وقت سابق لجأت الشركة السعودية إلى أسواق الديون، للمساعدة في تمويل التزاماتها تجاه الأفراد والجهات الذين اشتروا أسهم الشركة، فيما يعد أكبر توزيع أرباح في العالم، في وقت تتراجع عوائد الشركة بشكل كبير.
كما أعلنت أرامكو السعودية، أكبر شركة نفط في العالم، الانتهاء من إصدار سندات دولية متوسطة الأجل ذات أولوية، وغير مضمونة بأصول، بقيمة 8 مليارات دولار، وقالت الشركة في بيان إن مدد الاستحقاق 3 سنوات بعائد 1.25%، و5 سنوات بعائد 1.625%، و10 سنوات بعائد 2.25%، و30 سنة بعائد 3.25%، و50 عاماً بعائد 3.5%.
و"أرامكو" أكبر شركات المملكة وثاني أكبر شركة مدرجة في العالم، ومملوكة للحكومة السعودية بأكثر من 98%، وتنتج في الظروف الطبيعية 10 ملايين برميل يومياً.
وطرحت الحكومة السعودية حصة من الشركة للاكتتاب في البورصة المحلية العام الماضي، في أكبر طرح أولي في العالم، بعدما تجنبت الرياض طرح الشركة في الأسواق الدولية، ووصف الطرح بأنه أكبر اكتتاب في التاريخ، ولكنه جاء أقل من تقديرات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وجاء توجه الشركة للاقتراض بعد أن تسبب انخفاض أسعار النفط الخام في انخفاض الأرباح بنسبة 45% في الربع الثالث، من عام 2020، ما أدى إلى عدم قدرتها على توليد نقود كافية لتمويل مدفوعات المساهمين، التي وعدت بأن تصل إلى 75 مليار دولار هذا العام.
وعملت أرامكو على تشجيع المستثمرين المحليين لدخول الاكتتاب، بالتعهد بتوزيع أرباح سنوية قدرها 75 مليار دولار أمريكي لمدة خمس سنوات على الأقل بعد الطرح العام الأولي.
أرامكو السعودية ملتزمة بتوزيع أرباحها
يأتي هذا في وقت لا تزال فيه شركة أرامكو تخطط لدفع 75 مليار دولار من توزيعات الأرباح التي تعهدت بها للمستثمرين في مطلع هذا العام، لكنها على الأرجح سوف تضطر للاستدانة من أجل الوفاء بهذا التعهد.
وسوف تخفض الشركة كذلك النفقات الرأسمالية إلى 35 مليار دولار -بعد أن كانت هذه النفقات تتراوح حسب التنبؤات بين 40 مليار دولار و45 مليار دولار- في إشارة إلى ضعف التوقعات لدى الشركة على المدى البعيد من ناحية أسعار النفط.
الطلب على النفط ينتعش
يمكن أن تستعيد أرامكو مكانتها بوصفها الشركة الأكثر ربحية في العالم؛ في ظل ما نشهده من انتعاش الطلب على النفط مع انطلاق حملات التطعيم ضد فيروس كورونا واكتسابها زخماً، وعودة الاقتصاد إلى وضع يشبه الوضع الطبيعي. وقد عادت توقعات المحللين لأسعار النفط إلى مستويات ما قبل الجائحة. ويشير العلماء إلى أن العالم يفوت فرصة لإعادة التفكير في عاداته المرتبطة باستهلاك الطاقة ووضع نفسه على مسار مختلف على صعيد الانبعاثات الكربونية.
على المدى البعيد، سوف يؤدي اعتلاء شركة أبل ونظيراتها في الصناعة قائمة الشركات الأكثر ربحية في العالم، إلى تراجع شركة أرامكو كثيراً في هذه القائمة حينما يتكيف العالم مع مصادر الطاقة الأنظف. يكمن السؤال الوحيد في مدى استمرار أرامكو ومنتجي النفط الآخرين في اعتصار الأرباح من قلب التقاعس العالمي عن مشكلة التغير المناخي.