أعلن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة التونسية (54 نائباً/217)، الأحد 21 مارس/آذار 2021، أنه لا سبيل اليوم لحل البرلمان مهما كانت الأسباب، مشدّداً على أن فكرة البرلمان متجذرة في فكر الحركة الوطنية الإصلاحية قبل وبعد الاستقلال (عن الاستعمار الفرنسي).
جاء هذا خلال ندوة سياسية نظمها منتدى الحركة الوطنية لشباب حركة النهضة بمناسبة الذّكرى الـ65 للاستقلال التونسي (تحل في 20 مارس/آذار من كل عام) بعنوان: "الثبات على نضال الحركة السياسية".
تأتي تصريحات الغنوشي، غداة تنظيم العشرات وقفة وسط العاصمة تونس، السبت، لمطالبة الرئيس قيس سعيد، بالدعوة إلى استفتاء وطني لحل البرلمان، على خلفية محاولات لتعطيل أعماله، إثر خلافات بين بعض مكوناته، احتجاجاً على الأوضاع التي تمر بها البلاد.
لا يمكن حل البرلمان إلا في هذه الحالة
فيما رأى الغنوشي أنه "لا سبيل قانونياً ودستورياً لحل البرلمان، ولا يمكن حله إلا في صورة عجزه عن إنتاج حكومة وتزكيتها"، منوهاً إلى أن "الشعب التونسي الذي سال دمه من أجل الاستقلال وتأسيس برلمان وطني، لا يمكن أن يسمح بأن يتحكم فيه زيد ولا عمر (دون تسمية أحد)"، مشيراً إلى أن البعض يعتبر البرلمان هو "سبب المصائب في تونس" على غير الحقيقة.
حسب الدستور التونسي، يملك رئيس البلاد إصدار قرار بحل البرلمان في حالة واحدة فقط، وهي مرور 90 يوماً على انعقاده دون تشكيل الحكومة.
كان البرلمان الحالي قد بدأ أعماله في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وتشكلت حكومتان في ولايته.
حوار ومشروع وطني جامع
الغنوشي اعتبر أن تونس تحتاج اليوم "لحوار ولمشروع وطني يجمع بين جميع الاتجاهات لتكوين أهداف مشتركة بديلة عن الوضع الحالي الذي يقوم على تجذير القطيعة"، مُعبّراً عن استغرابه مما تشهده تونس اليوم قائلاً: "ينبغي أن تكون لنا أهداف مشتركة إلا أن السلطة نفسها لم تبق موحدة.. ويجب أن نجمع ولا نفرق".
كما أشار رئيس البرلمان إلى أن "تكاليف الانتقال الديمقراطي في تونس معقولة، لكن يبقى دائماً خطر خطابات الإقصاء"، مؤكداً أن "الثورة التونسية اندلعت (عام 2011) لتكون محاولة لاستدراك ما فات دولة الاستقلال تحقيقه وذلك لتعزيز مبادئ الهوية العربية الإسلامية وأسس الديمقراطية".
فيما شدّد على أن البرلمان التونسي لا يتضمن ما وصفه بالغرف المظلمة، فعمله يتم في إطار الشفافية، وأمام وسائل الإعلام، منتقداً ما تعيشه تونس من "تشتت وتفرقة وصلت حدّ القطيعة داخل السلطة نفسها"، وذلك في إشارة للخلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة.
محاولات لإحداث القطيعة
ولفت إلى أنه "يوجد محاولة لإحداث قطيعة بين كل التيارات والاصطفاف والتجاذبات الشديدة، وثمة خطاب يومي يوحي بأن الدولة مقسمة وأننا متجهون غداً نحو الحرب (…) نحن دولة تونسية واحدة وينبغي أن يكون لها أهداف مشتركة. ولكن إذا أردنا أن يكون لتونس مستقبل مثلما لها ماض ينبغي أن نبحث عما يجمع ولا يفرق"، مؤكداً أن "الحوار الوطني هو السبيل الوحيد لحل مشاكل البلاد".
يذكر أن البرلمان التونسي يشهد منذ فترة محاولات لتعطيل أعماله من قِبل رئيسة كتلة الحزب "الدستوري الحر" (16 نائباً/ 217) عبير موسي التي أعلنت، في تصريحات سابقة، أنها تناهض ثورة 2011 التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، وتُجاهر بعدائها المستمر لحركة النهضة.
إلا أن نواباً من مختلف الكتل البرلمانية يعتبرون ما تقوم به موسى إرباكاً وتعطيلاً لعمل البرلمان، يُراد منه التشويش على هذه المؤسسة.
إلى ذلك، جدد البرلمان التونسي، في بيان، أصدره أمس السبت، دعوته إلى حوار شامل "بين كل الأطراف السياسية" في البلاد، منوهاً إلى التزامه بالعمل على "ترسيخ ثقافة الاختلاف انسجاماً مع روح شعبنا المسالم والمتسامح ومع القيم التي ناضل من أجلها، حرية وعدالة ومساواة".
كان الغنوشي قد دعا أكثر من مرة إلى ضرورة الحوار بين جميع الأطراف السياسية لإخراج البلاد من "مأزقها السياسي والاقتصادي الراهن".
حلول قبل فوات الأوان
كما دعا رئيس الوزراء التونسي، هشام المشيشي، السبت 20 مارس/آذار 2021، إلى إيجاد حلول للأزمة السياسية في البلاد قبل فوات الأوان، لافتاً إلى أنه "على يقين بأن الطبقة السياسية ومؤسسات الدولة سوف تتعاون مع بعضها البعض من أجل خدمة التونسيين"، مشدّداً على ضرورة "الابتعاد عن خطابات التفرقة والتخوين".
جاء ذلك في تصريحات له لوسائل إعلام محلية خلال زيارته إلى ولاية المنستير للاحتفال بالذكرى الـ65 لعيد الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي.
المشيشي أكد أن "الاستحقاقات لا تستطيع الانتظار أكثر، وأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس تتفاقم يوماً بعد يوم"، منوهاً إلى أنه "تم الإعداد لبرنامج لإعادة إنعاش الاقتصاد التونسي، وأن الانطلاق في تطبيق البرنامج مع الشركاء الاقتصاديين، ونجاح الحكومة، وتخطي العقبة الاقتصادية، لا تكون إلا بتكاتف الجهود وبمساندة السلطات لبعضها البعض".
يجدر الإشارة إلى أنه يسود خلاف في تونس بين الرئيس سعيد ورئيس الحكومة هشام المشيشي، منذ 16 يناير/كانون الثاني الماضي، عقب إعلان الأخير تعديلاً حكومياً جزئياً، لكن الأول لم يدع الوزراء الجدد لأداء اليمين الدستورية أمامه حتى اليوم، معتبراً أن التعديل شابته "خروقات"، حسب قوله.
جدير بالذكر أن الحزام البرلماني لحكومة المشيشي يتشكل من كتل حركة النهضة (54 مقعداً)، وقلب تونس (29 مقعداً)، والإصلاح (18 مقعداً)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (9 مقاعد)، وعدد من المستقلين.
إضافة إلى الأزمة السياسية، تعاني تونس من أزمة اقتصادية، زاد تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من حدتها، إلى جانب احتجاجات اجتماعية تشهدها مختلف مناطق البلاد، بين الفينة والأخرى.