جدّد السفير إبراهيم إدريس، عضو فريق التفاوض الإثيوبي بشأن أزمة سد النهضة، الجمعة 19 مارس/آذار 2021، رفض بلاده لفكرة الوساطة الرباعية التي قال إنها ستؤدي إلى إطالة أمد الملء الثاني للسد، وتقويض حقهم فيما وصفه بالاستخدام العادل لمياه نهر النيل.
إدريس اعتبر أن المقترح السوداني والمصري تشكيل آلية رباعية دولية للوساطة في مفاوضات السد "فخ" لتحقيق هدفهما "الخبيث" يهدف إلى الضغط على إثيوبيا لقبول هذا المقترح، الذي أكد أنه سيجرد بلاده من حقوقها في تنمية مواردها المائية، وبالتالي فهذا لا يعد مخرجاً حقيقياً لإنهاء الأزمة، على حد تصريحاته التي قالها لوكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية "إينا".
كما أكد المسؤول الإثيوبي أن مصر والسودان تتصرفان وكأن مياه النيل تنبع من أرضهما، وأنه على إثيوبيا أن تقبل كل القرارات التي يحددونها، والتي تتعارض مع الواقع على الأرض، منوهاً بأنه تم دائماً حل قضايا تقاسم المياه من خلال المفاوضات القائمة على قانون المياه الدولي، ويجب أن نناقش القضايا على أساس معايير واضحة، وليس بقرارات من أطراف أخرى.
وقف الملء الثاني لسد النهضة
فيما لفت إلى أن "القاهرة والخرطوم تطالبان بوقف الملء الثاني للسد قبل التوصل إلى الاتفاقات العادلة، وهذه خطوة خطيرة للغاية من جانبهما، إلا أن موقفنا واضح من هذا الأمر. دعونا نجلس ونتفاوض من أجل الاستخدام العادل لمواردنا المائية".
المسؤول ذاته استطرد قائلاً: "إذا جلسنا معهم، وتوصلنا إلى اتفاق بناءً على مقترحاتهما، فإن أي مشروع تخطط له إثيوبيا في المستقبل يجب أن يحصل على إذن من القاهرة والخرطوم قبل أي شيء. وهذا أمر غير وارد على الإطلاق وغير مقبول بأي صورة من الصور"، منوهاً بأنه "يتعين على دول المصب قبول حقوق إثيوبيا في تنمية مواردها المائية، والاعتراف بأن الإثيوبيين يستحقون معيشة أفضل".
يُشار إلى أن إثيوبيا تُصرّ على بدء الملء الثاني لسد النهضة، في يوليو/تموز المقبل، بينما تتمسك الخرطوم والقاهرة بالتوصل أولاً إلى اتفاق ثلاثي، حفاظاً على حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، وسط تعثر مفاوضات يقودها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر.
رباعية دولية للوساطة
كان السودان قد أعلن، الخميس 18 مارس/آذار 2021، تسلمه ردوداً إيجابية لتشكيل آلية رباعية دولية للوساطة في مفاوضات أزمة سد "النهضة".
حيث قال رئيس الفريق الفني السوداني المفاوض في سد النهضة، مصطفى حسين، إن بلاده تسلمت ردوداً إيجابية جداً من كل الأطراف التي دُعيت للتوسط الرباعي حول مباحثات سد النهضة، وهي الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي الذي يرعى المفاوضات.
فقد أعربت الأطراف الدولية، بحسب حسين، عن استعدادها للقيام بدور تسهيل التفاوض والوساطة فيه، وإتاحة خبراتهم الفنية والقانونية والسياسية للتقريب بين وجهات نظر الدول الثلاث.
السودان بعث قبل أيام بخطابات رسمية إلى كل من الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لتشكيل آلية رباعية للوساطة في المفاوضات.
حسين أكد أن الوساطة الرباعية، التي تدعمها مصر بقوة "ستعزز وتدعم جهود الاتحاد الإفريقي برئاسة الكونغو الديمقراطية، وصولاً لاتفاق قانوني ملزم ومُرضٍ للأطراف الثلاثة حول ملء وتشغيل سد النهضة"، مشيراً إلى أن إعلان وزارة المياه والري والكهرباء الإثيوبية "إصرارها على الملء الثاني في يوليو/تموز القادم دون التوصل لاتفاق، يعني تمادي إثيوبيا في موقفها، المخالف للقانون الدولي".
إلا أنه في 9 مارس/آذار الجاري، أعلنت إثيوبيا رفضها للمقترح السوداني بتشكيل وساطة رباعية دولية، لحلحلة مفاوضات "سد النهضة".
كان رئيس مجلس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، قد بعث برسالة إلى رئيس جزر القمر غزالي عثماني، الذي تمثل بلاده دول شرق إفريقيا في مجلس الاتحاد الإفريقي، الراعي لمفاوضات سد النهضة، مطالباً بأن يلعب الاتحاد الإفريقي دوراً في حث إثيوبيا على وقف أي إجراءات أحادية في ملء بحيرة السد.
بدوره، قال عثماني إن بلاده "ستجري اتصالات واسعة في الاتحاد لإعمال الحكمة الإفريقية في الوصول إلى اتفاق حول سد النهضة".
فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات
يأتي ذلك بعدما فشلت الجولة الأخيرة من مفاوضات السد، إثر إعلان الخارجية السودانية، الأحد 10 يناير/كانون الثاني، فشل التوصل إلى صيغة مقبولة لمواصلة التفاوض حول "سد النهضة"، مؤكدةً أن الخرطوم لن تواصل المفاوضات، في الوقت الذي عبَّرت فيه وزيرة خارجية جنوب إفريقيا عن أسفها لوصول مفاوضات سد النهضة إلى "طريق مسدود".
حينها أعلن وزير الخارجية السوداني المكلف، عمر قمر الدين، آنذاك، عن تقديم بلاده اشتراطات إلى الاتحاد الإفريقي للعودة إلى مفاوضات "ذات جدوى" في ملف سد النهضة، ملوحاً بأن الخرطوم لديها "خيارات" أخرى.
بدوره قال وزير الري السوداني ياسر عباس إنه لا يمكنهم الاستمرار في "هذه الحلقة المفرغة من المباحثات بشأن سد النهضة إلى ما لا نهاية"، مشدداً على أن "المفاوضات انتهت إلى الفشل".
كانت الإدارة الأمريكية أعلنت، في فبراير/شباط 2019، التوصل إلى اتفاق حول آلية عمل سد النهضة، وقَّعت عليه القاهرة بالأحرف الأولى، وامتنعت إثيوبيا بدعوى انحياز واشنطن إلى مصر، إثر جولات من المفاوضات جرت بواشنطن.
لكن المفاوضات تعثرت مجدداً بين الدول الثلاث، وهو الأمر المستمر منذ نحو 9 سنوات، وسط اتهامات متبادلة بين القاهرة وأديس أبابا بالتعنت والرغبة في فرض حلول غير واقعية.