يقول دبلوماسيون، إن السعودية ومصر شرعتا في معالجة القضايا الشائكة مع قطر؛ لإعادة بناء العلاقات معها بما يخفف من حدة خلاف عربي ترى الولايات المتحدة أنه لا يفيد سوى إيران الخصم المشترك، غير أن الإمارات والبحرين تتحركان ببطء في الاقتداء بهما، حسب تقرير لوكالة رويترز نُشر الجمعة 19 مارس/آذار 2021.
كانت مصر والإمارات والبحرين والسعودية قطعت العلاقات مع قطر في منتصف عام 2017، بسبب اتهامات بأن الدوحة تدعم الإرهاب، وذلك في إشارة عامة إلى حركات إسلامية، وهو اتهام تنفيه قطر.
مراعاة لرغبة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في توحيد الصف العربي بمواجهة إيران، أعلنت السعودية في يناير/كانون الثاني الماضي، إنهاء مقاطعة قطر، وقالت إن حلفاءها الثلاثة متفقون معها في هذا الأمر.
الحوار يتقدم مع السعودية ومصر
منذ ذلك الحين اتبعت الرياض والقاهرة نهجاً عملياً بدرجة أكبر مع قطر، وسارتا بخطى أسرع من الإمارات والبحرين في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة. وباستثناء البحرين أعادت دول المقاطعة روابط التجارة والسفر مع قطر.
قال ثمانية دبلوماسيين أجانب ومصدران إقليميان مطلعان، إن المحادثات الثنائية بين قطر وكل من السعودية ومصر لتسوية الخلافات العالقة، تُحرز تقدماً. لكنهم قالوا إن الحوار لم يحرز مع الإمارات تقدماً يُذكر، بل لم يبدأ مع البحرين.
إذ كانت السعودية قد أخذت بزمام المبادرة في السعي لرأب الصدع مع قطر، حيث أراد ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تعزيز صورته أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سبق أن أشار إلى أنه سيتبع نهجاً أشد صرامة فيما يتعلق بسجلِّ المملكة في حقوق الإنسان ودورها في حرب اليمن المدمرة.
من دوافع الرياض أيضاً، تشجيع الاستثمار القطري في المشروعات السعودية. أما مصر التي ستحقق أيضاً فوائد على الصعيد التجاري، فتريد معرفة ما إذا كانت المحادثات الثنائية ستحقق ما لم تستطع تحقيقه بالمقاطعة.
رسائل إيجابية بين أطراف "المصالحة"
قال جيمس دورسي، من معهد راجاراتنام للدراسات الدولية والشرق الأوسط في سنغافورة، لـ"رويترز": "الأمر يتعلق باتفاق الأطراف على إدارة الصراع لا على تسويته".
فقد أجرت قطر محادثات في الكويت مع مصر والإمارات؛ لوضع جدول أعمال. وتحاور وزيرا الداخلية القطري والمصري عبر الهاتف. وتتواصل المحادثات مع الرياض، وقد التقى وزير الخارجية السعودي أميرَ قطر في الدوحة هذا الشهر.
بينما قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية، لـ"رويترز": "هدفنا هو أن يعمل الخليج كفريق واحد. ونحن راضون عما أحرزوه من تقدُّم… هذا تقارب في بداياته الأولى".
لم تردّ السلطات السعودية على طلب للتعليق، فيما امتنعت الإمارات عن التعليق. وقال مسؤول قطري، إن التواصل يتم بانتظام على المستوى الثنائي وكذلك المحادثات حول وضع العلاقات الدبلوماسية.
فيما أشار مسؤول مصري إلى تصريحات لوزير الخارجية سامح شكري، هذا الأسبوع، أشار فيها إلى رسائل إيجابية من قطر، لكنه قال إن من السابق لأوانه إصدار رأي نهائي.
قضايا شائكة في مقدمتها قناة الجزيرة
كانت الدول الأربع قد طالبت قطر بإغلاق قاعدة عسكرية تركية، وبإغلاق قناة الجزيرة الإخبارية، وقطع العلاقات مع جماعة الإخوان المسلمين، وتخفيض مستوى العلاقات مع إيران. وقالت الدوحة إنها لن تنفذ أياً من هذه المطالب.
قال ثلاثة دبلوماسيين والمصدران المطلعان، إن أحد الموضوعات الرئيسية في كل المحادثات الثنائية هو تغطية قناة الجزيرة للأحداث السياسية في الشرق الأوسط، وكذلك نشاط عام على وسائل التواصل الاجتماعي بقطر، وهذان عاملان ترى فيهما الدول الأربع استفزازاً.
قال الدبلوماسيون، إن شبكة الجزيرة التلفزيونية خففت نبرة تغطيتها الإخبارية للسعودية، في علامة إيجابية باتجاه المصالحة، لكن التغطية لم تتغير إلى حد كبير بالنسبة للدول الأخرى.
شكاوى فردية من بعض الدول
كما أن لكل دولة من الدول أيضاً شكاوى فردية في النزاع الذي انعكست آثاره على الصراعات التي شهدتها ليبيا واليمن وسوريا.
فالإمارات ومصر ساخطتان من الدعم القطري لجماعات إسلامية، لاسيما جماعة الإخوان المسلمين التي حظرتها دول المقاطعة الأربع.
بينما ترى دول في الخليح في نفوذ جماعة الإخوان خطراً يتهدد وجودها؛ لرفض الجماعة مبدأ الحكم الوراثي. ويقول بعض الدبلوماسيين، إن هذا الأمر أقل أهمية لدى السعودية الآن.
قالت ثلاثة مصادر أمنية مصرية ودبلوماسي عربي، إن القاهرة تريد من قطر تسليم أعضاء بجماعة الإخوان، والتعاون في مجال الأمن، وإنها طلبت معالجة هذا الأمر.
سئل مسؤول قطري عن ذلك فقال لـ"رويترز": "لم تحدث في أي مرحلةٍ مناقشات أو طلبات تتعلق بتسليم أي أفراد في قطر". وأضاف أن الطلبات التي تنتهك حقوق الإنسان ستقابَل بالرفض.
فيما قال الدبلوماسي العربي وأحد المصدرين الإقليميين، إن قطر طلبت من مصر الإفراج عن صحفي معتقل من العاملين بقناة الجزيرة، وهو ما فعلته القاهرة مؤخراً، وكذلك رُفع حظر دخول البلاد المفروض على آخرين.
إعادة الثقة تستغرق مزيداً من الوقت
قالت الإمارات، إن إعادة بناء الثقة ستستغرق وقتاً، وذلك رغم الشروع في استئناف حركة التجارة. وثمة تنافس أيديولوجي وإقليمي بين الإمارات وقطر.
يقول الدبلوماسيون والمصدران المطلعان، إن العداء والخلافات الجيوسياسية لا تزال سمة للعلاقات، وضمن ذلك الخلافات حول وجود تركيا التي تدعم الإسلاميين في المنطقة.
فيما قالت كريستين ديوان، الباحثة بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن: "هذه الانقسامات الأيديولوجية والسياسية لن تختفي بين عشية وضحاها".
كما أضافت: "إلا أن ثمة علامات على أن الجانبين أرهقتهما المعارك العديدة وأنهما أصبحا أكثر استعداداً لتقليص خسائرهما، لاسيما في أعقاب جائحة فيروس كورونا".
لا توجد أي بادرة على إحراز تقدُّم فيما يتعلق بالبحرين. وفي الآونة الأخيرة انتقدت المنامة الدوحة، بسبب التغطية الإخبارية بقناة الجزيرة ونزاع على حقوق صيد الأسماك. وطالبت البحرين، الدوحة في بيان، باتباع سياساتٍ أكثر إيجابية قبل بدء أي محادثات.