تسببت جائحة كورونا في تقليص الطبقة الوسطى العالمية العام الماضي لأول مرة منذ عقود، إذ أبلغ ما يقرب من ثلثي الأسر في الاقتصادات النامية عن تعرُّضهم لخسائر في الدخل، وفقاً لتقديرين جديدين يستندان إلى بيانات البنك الدولي، وفق ما ذكره تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، الخميس 18 مارس/آذار 2021.
إذ كشفت دراسة نُشِرَت، الخميس، أن باحثين في مركز Pew للأبحاث غير الحزبي وجدوا أن صفوف الطبقة الوسطى العالمية -أولئك ذوي "الدخل المتوسِّط" و"الدخل المتوسِّط الأعلى" الذين يكسبون 10 إلى 20 دولاراً و20 إلى 50 دولاراً في اليوم على التوالي- انخفضت بمقدار 90 مليون شخص، لتصل إلى ما يقرب من 2.5 مليار العام الماضي.
150 مليون شخص يغادرون الطبقة الوسطى
فيما يُقدِّر المركز أن ذلك ساعَدَ في تضخُّم صفوف الفقراء، أو أولئك الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم، بمقدار 131 مليون شخص.
قال راكيش كوتشار، مؤلِّف الدراسة، إن بيانات مركز Pew عن الطبقة الوسطى تقلِّل من التأثير الناجم عن الجائحة في الواقع، لأن ما يُقدَّر بنحو 62 مليون شخص من ذوي الدخل المرتفع، أو أولئك الذين يكسبون 50 دولاراً أو أكثر في اليوم، تراجعوا إلى الطبقة الوسطى نتيجةً للجائحة.
يشير ذلك إلى أن عدد الأشخاص الذين دخلت عليهم الأزمة وهم أفراد في الطبقة الوسطى العالمية وسقطوا منها قد تجاوزوا في الواقع 150 مليوناً العام الماضي، وفقاً لتقديرات Pew -أي أكثر من سكَّان فرنسا وألمانيا مجتمعين.
كوتشار أوضح في مقابلةٍ معه: "في التاريخ الحديث، من الصعب الخروج بأمثلةٍ حدث فيها مثل هذا التراجع الحاد في النمو الاقتصادي العالمي".
قد لا ينتهي التأثير أيضاً عند هذا الحد
إذ تتزايد المخاوف بشأن العواقب المُحتَمَلة لانتعاشٍ أبطأ في الاقتصادات الناشئة واستمرار تداعيات الأزمة. وأعلن البنك المركزي البرازيلي، يوم الأربعاء 17 مارس/آذار، حدوث أكبر زيادة في سعر الفائدة خلال عقدٍ من الزمان، استجابةً للمخاوف المتزايدة من التضخُّم.
فيما يراقب الاقتصاديون أيضاً التداعيات المُحتَمَلة للدول الناشئة بسبب ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وارتفاع سعر الدولار مع تسارع الاقتصاد الأمريكي.
إذا كان تقدير مركز Pew صحيحاً في بيانات الدخل الفعلية للبنك الدولي التي لا تزال جارية، فسوف يشكِّل ذلك نهايةً لنمطٍ شهد توسُّعاً في الطبقة الوسطى العالمية دون تراجعٍ منذ عقد التسعينيات، بفضل النمو السريع للاقتصادات النامية مثل الهند والصين.
حين قام مركز Pew بحساب عدد أصحاب الدخل المتوسِّط في العالم -أو الذين تتراوح دخولهم من 10 إلى 20 دولاراً في اليوم- في عام 2011، كانوا يشكِّلون 13% من سكَّان العالم.
قال كوتشار إنه بحلول عام 2019، نمت تلك النسبة إلى ما يقرب من 18%، بمتوسِّط 50 مليون شخص سنوياً ينضمون إلى صفوف الدخل المتوسِّط على مدار العقد الماضي.
أكبر الخاسرين في المناطق الحضرية
في ورقةٍ منفصلة نُشِرَت يوم الإثنين، 15 مارس/آذار، استناداً إلى استطلاعاتٍ للرأي شملت 47 ألف أسرة في 34 دولة نامية يبلغ عدد سكَّانها ما يقرب من 1.4 مليار نسمة، وَجَدَ باحثون في البنك الدولي أن 36% من الأسر شهدت فقداناً للوظائف العام الماضي وحوالي ثلثيّ الأسر شهدت انخفاضاً في الدخل.
كتب باحثو البنك الدولي أن النتيجة كانت أول زيادة في الفقر العالمي شُهِدَت منذ الأزمة المالية الآسيوية في 1997-1998.
كما هو الحال في العديد من البلدان الغنية، تُظهِر الدراسة الاستقصائية للبلدان التي تتراوح من بوركينا فاسو إلى كولومبيا، ومن إندونيسيا إلى فيتنام، أن عبء الضربة الاقتصادية وَقَعَ بشكلٍ غير متناسب على النساء والشباب والعاملين لحسابهم الخاص في المراكز الحضرية.