كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في الدنمارك، ونشرت في دورية Lancet الطبية، عن نتائج مقلقة بشأن الأشخاص الأكبر سناً الذين أصيبوا في وقت سابق بفيروس كورونا المستجد، وذلك بعد أن أظهرت أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً هم أقل عرضة للإصابة من جديد.
حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 18 مارس/آذار 2021، كشفت الدراسة أن الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً يحظون بحماية تصل إلى 80% تمتد لستة أشهر على الأقل من الإصابة بكوفيد لمرة ثانية.
لكن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً لا تتخطى نسبة حمايتهم من الاصابة لمرة ثانية 47% فقط.
أكثر عرضة للإصابة الثانية
وفق مؤلفي الدراسة، فإن هذا يعني أنه من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية كبار السن الذين هم أكثر عرضة للوفاة بسبب كوفيد-19.
في تعليقه عن نتائجها، يقول الدكتور ستين إيثيلبرغ، من معهد شتاتينز لأبحاث المصل في الدنمارك: "تؤكد الدراسة التي أجريناها على الأمر الذي اقترحته بعض الدراسات الأخرى: وهو أن الإصابة مرة أخرى بكوفيد-19 أمرٌ نادر بين الأشخاص الأصغر سناً والأصحاء، أما كبار السن فهم أكثر عرضة للإصابة به مرة ثانية".
كما أكد الأستاذان روزماري بويتون ودانيال ألتمان، من كلية لندن الإمبراطورية، في تعليق لهما في المجلة إن النتائج تبعث على التفكير لأن تقارير الحالة أشارت سابقاً إلى ندرة الإصابة بكوفيد-19 مرة أخرى.
في ضوء هذا، كتبا أنه "سيجد الكثيرون البيانات المبلغ عنها.. حول الحماية من العدوى الطبيعية مقلقة نسبياً. تبلغ نسبة الحماية من الإصابة مرة أخرى 80% فقط بوجه عام، وتقل إلى 47% مع الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكبر، وتلك نسب مقلقة أكثر من المقترحة في الدراسات السابقة".
وأضافا أن الدراسة تعزز دعوى برامج التلقيح الشامل لتشمل الذين سبق لهم الإصابة بكوفيد-19 في الماضي.
الخبيران أوضحا أيضاً أن "جميع هذه البيانات هي تأكيد -إن كانت ثمة حاجة إليه- بأن الأمل في المناعة الوقائية من فيروس كوفيد-19 من خلال العدوى الطبيعية قد لا يكون في متناول اليد، وأن برنامج التلقيح العالمي بلقاحات عالية الفعالية يشكّل الحل الدائم".
شبح كورونا يخيم مجدداً على أوروبا
تتزامن هذه الدراسة المقلقة، مع عودة حالات الإصابات بكورونا في الارتفاع بشكل مطرد في العالم خاصة في أوروبا، حيث انتقلت من 200 إصابة لكل مليون في منتصف فبراير/شباط الماضي، إلى 270 إصابة لكل مليون شخص في نهاية الأسبوع الماضي. ورغم أن هذا المستوى من الإصابات ما زال بعيداً عن الرقم القياسي للإصابات في الاتحاد الأوروبي البالغ 490 لكل مليون في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإنه يتخذ اتجاهاً مقلقاً بحسب أطباء ومراقبين، يعيد للأذهان ما حصل للقارة العجوز العام الماضي.
يبدو أن شبح ذروة الإصابات والوفيات الذي خيّم على إيطاليا العام الماضي بدأ يعود إليها مجدداً الآن، إذ تم تصنيف معظم المناطق في إيطاليا، بما في ذلك روما وميلانو، الآن، على أنها "عالية المخاطر"، وسيكون هناك إغلاق وطني لمدة ثلاثة أيام في عيد الفصح، 4 أبريل/نيسان القادم.
يقول طبيب إيطالي رفض الكشف عن هويته لموقع AJEnglish: "لقد كنا في فترة استقرار نسبي في ديسمبر (كانون الأول)، ويناير (كانون الثاني)، ولكن الآن تتدهور الأرقام مرة أخرى بسرعة كبيرة، لقد سئمنا كل هذا".
وبحسب تقرير لشبكة CNN يحذر الأطباء الإيطاليون من مخاوف بشأن متوسط العمر والحالة الطبية لمرضى كورونا الجدد، إذ لاحظ الكثيرون حدوث تحول. لم يعد معظم المرضى من كبار السن المصابين بأمراض مزمنة في أجنحة المستشفيات، ولكن أيضاً الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم دون الخمسين، الذين كانوا في السابق يتمتعون بصحة جيدة.
وفي أنحاء كثيرة من أوروبا الشرقية أيضاً، في دول مثل المجر وسلوفاكيا وبولندا وجمهورية التشيك، باتت ترتفع أرقام الإصابة بكورونا بشكل غير مسبوق
المزيد من السلالات المعدية، ومعدلات التطعيم البطيئة
أصبحت إيطاليا في العام الماضي المركز الغربي للوباء، عندما انتشر الفيروس لأول مرة في جميع أنحاء القارة، ولا تزال صور الشاحنات العسكرية في بيرغامو تحمل الجثث حية في الذاكرة. بعد فترة وجيزة أصبحت العديد من الدول الأوروبية غارقةً في بحر الإصابات.
لكن بعض الأكاديميين حذّروا من النظر إلى الزيادة الأخيرة على أنها موجة ثالثة على مستوى أوروبا. ويقول غييرمو مارتينيز دي تيخادا، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والطفيليات في جامعة نافارا في شمال إسبانيا، للجزيرة الإنجليزية: "من الواضح أن بعض البلدان الأوروبية في ورطة، لكن في دول أخرى، مثل البرتغال وإسبانيا، الأرقام ليست عالية جداً، وعلينا الآن أن ندرس حالة كل دولة على حدة".
ووفقاً لتقرير لوكالة "بلومبيرغ" الأمريكية فإنه اعتباراً من الأسبوع الماضي أعطى الاتحاد الأوروبي 8 جرعات أولى لكل 100 شخص، مقارنة بـ33 للمملكة المتحدة و25 للولايات المتحدة. ويُعزى بطء الطرح إلى التأخيرات المزمنة على ما يبدو في الإمدادات التي يعود تاريخها إلى شهر يناير/كانون الثاني، عندما أدى انخفاض شحنات لقاح فايزر إلى إثارة الخلافات مع إيطاليا.
وبحسب تقرير بلومبيرغ، فإنه منذ ذلك الحين كانت هناك مشاكل في فرنسا وإيطاليا مع لقاح Moderna، وكذلك المشاكل حول جرعات AstraZeneca الموعودة، البالغة 90 مليون جرعة بحلول نهاية شهر مارس/آذار، وفي الأسبوع الماضي كانت هناك تقارير تفيد بإمدادات لقاح Johnson & Johnson ذي الجرعة الواحدة، الذي تمت الموافقة عليه مؤخراً من قبل وكالة الأدوية الأوروبية، قد يتأخر أيضاً.