تجددت أزمة الوقود ومشتقاته في السوق المحلية داخل لبنان، بالتزامن مع التدهور الحاد في سعر صرف العملة المحلية (الليرة) أمام الدولار، في السوق الموازية (السوداء)، وسط أزمة اقتصادية حادة تمر بها البلاد هي الأسوأ منذ عقود.
شح في الوقود
وكالة الأناضول قالت، الأربعاء 17 مارس/آذار 2021، إن مجموعة من المحطات أغلقت أبوابها لعدم توفر المحروقات، بسبب تغيرات أسعار صرف الدولار، وبالتالي صعوبة الاستيراد وفق الأسعار الحالية.
في المقابل، امتنعت مجموعة ثانية من المحطات عن بيع المحروقات بالأسعار الحالية، مع هبوط الليرة إلى 15 ألفاً أمام الدولار، مقابل 10 آلاف قبل أسبوع، فيما سعر البنك المركزي 1510 لكل دولار.
تقوم مجموعة ثالثة أيضاً من المحطات، بفتح أبوابها أمام الزبائن، لكن ضمن تقنين بيع الوقود للمستهلكين وارتفاع بالأسعار، بسقف لا يتجاوز 20 ألف ليرة (13 دولاراً وفق السعر الرسمي) للمركبة الواحدة.
وأمام هبوط أسعار الصرف وتقنين البيع أو الامتناع عنه، لحين استقرار سعر الدولار في السوق السوداء، شهدت المحطات التي فتحت أبوابها، تدافعاً من المواطنين للتزود بالوقود، خشية انقطاعه من الأسواق.
في مدينة عالية (جبل لبنان)، أكد ميشال حداد، وهو صاحب محطة وقود، أنه أقفل باب محطته "بسبب التهافت الحاصل على الشراء ومشاحنات مع المستهلكين"، مضيفاً: "نتوقع ارتفاع أسعار البنزين والسولار، بفعل هبوط الليرة".
أمّا في بعلبك وسط لبنان، فقد أقفلت اليوم غالبية محطات المحروقات، ورفعت خراطيم التعبئة كإشارة منها لعدم توفر مادتي البنزين والسولار فيها.
من جهته، قال ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، إن سعر صفيحة البنزين صعد بمتوسط 4 آلاف ليرة للمستهلك، مشيراً إلى أن شحنة من الوقود ستصل المحطات خلال وقت لاحق اليوم.
أبو شقرا وفي تصريحات منفصلة للوكالة الوطنية للإعلام، اليوم الأربعاء، قال إن "هناك تأخيراً في إصدار جدول أسعار الوقود اليوم، بسبب الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار"؛ إذ تحدّث الأسعار في لبنان بشكل أسبوعي.
في غضون الأيام القليلة الماضية، صعد سعر صفيحة البنزين (95 أوكتان) سعة 20 لتراً بنسبة 11.8% إلى 38.9 ألف ليرة (25.7 دولار وفق السعر الرسمي) من 34.8 ألف (23 دولاراً).
يأتي ذلك بينما يواجه المستوردون صعوبات في استبدال الليرة اللبنانية بالدولار الأمريكي، بسعر الصرف الرسمي البالغ 1510 ليرات.
احتجاجات متواصلة
وسط هذا المشهد الاقتصادي السيئ، يواصل لبنانيون احتجاجاتهم في العديد من المدن، للتنديد بتدهور أوضاعهم المادية، والانهيار المستمر في عملتهم.
المحتجون قطعوا، أمس الثلاثاء، طرقاً رئيسية في مناطق متفرقة من البلاد؛ وواصلوا تظاهراتهم التي بدأت منذ ثلاثة أسابيع، بالتزامن مع دعوات لمواصلة الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية الحاكمة في البلاد.
يخشى اللبنانيون أن تزداد أوضاع بلدهم سوءاً في الفترة المقبلة، وسط تحذيرات من خبراء أن "الأسوأ لم يحدث بعد"، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية، فيما تعجز القوى السياسية عن تشكيل حكومة تمضي قدماً بإصلاحات عاجلة لضمان الحصول على دعم المجتمع الدولي.
وكتبت مديرة مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهى يحيى على تويتر أمس الثلاثاء: "سعر الصرف في لبنان يصل إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد. في الليلة الماضية كان 13,250! البلد ينهار من حولنا ولا يمكننا فعل أي شيء. لبنان رهينة سياسييه.. والمصالح الخارجية".
يُشار إلى أن الانخفاض في العملة المحلية ينعكس على أسعار السلع والمواد الغذائية وكل ما يتم استيراده من الخارج. وقد ارتفعت أسعار السلع بنسبة 144%، وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي.