قالت صحيفة The Financial Times البريطانية، في تقرير لها الثلاثاء 16 مارس/آذار 2021، إن رئيس الوزراء اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، يحصل في وظيفته على راتب أقل من 1000 دولار شهرياً بعد انهيار العملة المحلية، في إطار مسؤوليته عن اقتصاد منهار واضطراره لالتزام منزله بسبب المخاوف الأمنية، معتبرة أنه في ظل هذه العوامل، ليس من المفاجئ أن يكون دياب راغباً في الاستقالة.
عُين دياب، وهو أستاذ جامعي يصف نفسه بأنه تكنوقراطي بدون ميول قوية إلى أي حزب سياسي، لمنصب رئيس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول 2019، وهو دور يشغله دائماً مسلم سني وفقاً لنظام المحاصصة في لبنان. يرغب دياب في تسليم السلطة، ويصف نفسه في ظل هذا الوضع بأنه "رهينة لسياسات لبنان، وللطريقة التي كان يدير بها الساسة سياسات البلاد في هذا البلد منذ عقود"، وذلك في مقابلة له مع الصحيفة البريطانية.
ورطة دياب
ذكرت الصحيفة ذاتها أن تقديرات البنك الدولي تشير إلى أن نصف السكان سقطوا في براثن الفقر، وقد وصف دياب الموقف بأنه "كارثة مالية حادة".
في مقابلة مع الصحيفة، قال دياب: "إنها الوظيفة الوحيدة في العالم التي تستقيل منها وتظل عالقاً فيها".
تصريح دياب جاء بعد أن استقال من منصبه على إثر كارثة انفجار مرفأ بيروت التي دمرت المدينة في أغسطس/آب العام الماضي، لكن المشاحنات السياسية تسببت في تعثر تشكيل وزاري جديد يقوده رئيس الوزراء المنتخب سعد الحريري.
يعني هذا أن دياب لا يزال "رئيس الوزراء فعلياً، يجب عليك حل جميع المشكلات ويمكنك أن ترى كيف تتعقد المشكلات" وفق ما جاء على لسانه.
تهديدات تطارده
يتوقف التعافي الاقتصادي للبنان على حزمة مساعدات من صندوق النقد الدولي، لكن حكومة تصريف الأعمال، التي تنتظر منذ أشهر حتى تشكيل الحكومة الجديدة، لا تستطيع التفاوض حول الحصول على هذه الحزمة.
يعتقد دياب أنه لهذا السبب يعد انتظار الحريري لأسبوع آخر حتى يشكل حكومة جديدة، "بمثابة مفاقمة الوضع الاقتصادي والمالي لعام إضافي".
رئيس الوزراء اللبناني في حكومة تصريف الأعمال، كان يتحدث مع الصحيفة من شقته المريحة في غرب بيروت، بدلاً من مقر رئاسة الوزراء في السراي الكبير، لأنه نُصح بتقليل تحركاته، لكنه لم يُبلغ بماهية التهديد على وجه التحديد.
وعلق على هذا الأمر قائلاً: "أتلقى كثيراً من الرسائل الأمنية من أماكن مختلفة. 90% منها يتضح أنه صحيح". وأوضح أنه ليس لديه إحاطات يومية من مسؤولي الأمن.
صحيحٌ أن دياب شغل منصب وزير التعليم في ولاية سابقة، لكنه قال إنه تفاجأ من معارضة البرلمان للإصلاحات.
وأضاف: "حتى هؤلاء الذين منحونا تصويت الثقة، فإن نسبة كبيرة منهم- من بينهم الشيعة- عملوا ضدنا بعد أن صرنا في الوزارة".
أبعد ما يكون عن حزب الله
كان حزب الله اللبناني ضمن التكتلات السياسية في لبنان التي وافقت على وزرائه، وهي حقيقة ضاعفت من العزلة الدولية التي عانت منها لبنان، تساءل دياب: "هل خرجت في أي زيارة إلى أي مكان؟ هل دعاني أي شخص؟ هل أجاب أحد على رغبتي في الذهاب إلى المنطقة العربية؟". وتابع قائلاً: "ثمة إشارة واضحة من الجميع، ليس فقط إقليمياً بل دولياً، بأن يحرصوا على عدم الانفتاح مالياً واقتصادياً.. لأنهم يعتبرون هذه الوزارة، وزارة حزب الله". وأصر على أن وزارته كانت أكثر استقلالاً من جميع الوزارات، فقال: "إننا أبعد ما يكون عن حزب الله".
أكد دياب أن المقاولين "يحصلون على جزء من أجرهم، فيوجد بعض التأجيلات"، وأضاف أن آلاف العقود الحكومية مُقدرة بالدولار، "والجميع يحصل على أجره بالليرة.. فليس لدينا دولارات".
وأردف قائلاً إن أسعار الصرف المختلفة المستخدمة لدفع الأجور، كانت جميعها أقل من سعر السوق السوداء الذي يقدر الدولار الواحد بـ13 ألف ليرة لبنانية، موضحاً أنه في السوق السوداء، يعادل راتبه الآن 1000 دولار شهرياً. أما وفقاً لمعدل الصرف الرسمي، فيُفترض أن يساوي 7300 دولار.
برغم كل هذا قال دياب إن حكومته أحدثت فارقاً، واستشهد على وجه التحديد بإحدى خطط التعافي المالي وخطة عودة اللاجئين إلى سوريا. لكنه قال إن العام الأخير كان "أقرب إلى الجحيم. لست نادماً، لكني لا أعتقد أن هناك وزارة… تعاملت مع كل هذا الكم من الأزمات المتزامنة الموازية".