شهدت عدة مدن وبلدات بشمال غربي سوريا الذي تسيطر عليه قوى المعارضة، الإثنين 15 مارس/آذار 2021، تظاهرات احتجاجية إحياءً للذكرى العاشرة للثورة التي انطلقت في مثل هذا اليوم قبل 10 سنوات. فيما حمّلت الولايات المتحدة نظام بشار الأسد مسؤولية إخفاق المجتمع الدولي في التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة.
حيث خرج عشرات الآلاف في مدن وبلدات محافظة إدلب، كما عمت المظاهرات مدن أعزاز وعفرين وتل أبيض وغيرها من المدن والبلدات، مردّدين هتافات وشعارات مناهضة للنظام والجرائم التي ارتكبها خلال السنوات الماضية، ومؤكدين إصرارهم على المضي قدماً في طريق الثورة حتى إسقاط بشار الأسد وأركان نظامه، وحتى تحقيق مطالب ثورتهم التي قالوا إنهم دفعوا ثمنها غالياً للغاية.
المتظاهرون رفعوا أعلام الثورة السورية، لافتين إلى أن ثورتهم مستمرة رغم مرور 10 سنوات ورغم كل المآسي التي وقعت، منددين بكل من روسيا وإيران داعمتي بشار الأسد الرئيسيتين، ومشاركتهما النظام في ارتكاب الجرائم ضد الشعب السوري.
كما طالب المتظاهرون المجتمع الدولي بمحاسبة النظام السوري وحلفائه، مشدّدين على ضرورة الإفراج عن المعتقلين والمختفين قسرياً في سجون بشار ومعتقلاته.
الثورة مستمرة
وقال أحمد علايا، أحد المشاركين في مظاهرة مدينة تل أبيض، إنه رغم القتل والتهجير الذي تعرض له السوريون فإن الثورة مستمرة حتى إسقاط النظام، مشيراً إلى أن هدفهم هو تأسيس دولة قائمة على العدالة والديمقراطية لكل السوريين، وأضاف: "لو عاد بنا الزمان 10 سنوات إلى الوراء لفعلنا الشيء نفسه وأطلقنا ثورة ضد النظام".
من جانبه، قال الضابط في الجيش الوطني إبراهيم زاهر، إن لجوء النظام إلى العنف في التعامل مع المتظاهرين هو الذي حوّل المظاهرات السلمية إلى اشتباكات مسلحة، منوهاً إلى عدم ندمه عن الانخراط في الثورة السورية، ومؤكداً أنه لو مر 100 عام فإنهم لن يتراجعوا عن مطلب إسقاط النظام.
أما سارة عليوي النازحة من الرقة، فأكدت أنهم مستمرون في ثورتهم حتى إسقاط النظام وتأسيس سوريا الحرة، لافتة إلى أن أجمل يوم في حياة السوريين سيكون يوم سقوط النظام.
بدوره، ذكر رئيس المجلس المحلي بمدينة تل أبيض وائل حمدو، أن نظام الأسد هجّر خلال 10 سنوات، نحو 7 ملايين سوري، بينهم مليونان داخل سوريا، و5 ملايين خارجها، فيما يقبع عشرات الآلاف من المواطنين في سجونه حتى الآن، مؤكداً أنه رغم كل التضحيات لم تتنازل الثورة عن أهدافها.
الصراع بات دولياً
إلى ذلك، قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، الإثنين، إن الصراع السوري "بات صراعاً دولياً، وإن معظم قضايا حله ليست بيد السوريين"، مشدّداً على أن "الحل السياسي هو الحل الوحيد"، معرباً عن قناعته بأن "هذا الحل مازال ممكناً إذا كان هناك انخراط صادق من قِبل القوى الدولية بغرض إيجاد تسوية سلمية".
جاء ذلك في جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة حالياً عبر دائرة تلفزيونية، حول تطورات الأزمة السورية، والتي تتزامن مع الذكرى العاشرة للثورة التي انطلقت في 15 مارس/آذار 2011.
بيدرسون أضاف: "يؤسفني أننا لم نتمكن من إيجاد نهاية لهذا الصراع حتى الآن"، محذراً من أن "الحرب في سوريا لاتزال مستمرة بشكل يومي ومن الممكن أن تبدأ عاصفة من النزاع، خاصةً أن هذا العام شهد هجمات جوية وقصفاً مكثفاً من كافة الأطراف السورية والأجنبية، كما أن جماعات إرهابية لا تزال نشطة".
التحلي بالإرادة السياسية
فيما دعا المبعوث الأممي الأطراف السورية إلى "ضرورة التحلي بالإرادة السياسية المطلوبة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2254″، مؤكداً أن "ذلك لن يتحقق إلا إذا حظيت عملية التسوية بدعم من الدبلوماسية الدولية البناءة (يقصد مجلس الأمن)، لأن معظم المسائل المرتبطة بهذا النزاع ليست بأيدي السوريين".
ويطالب القرار 2254، الصادر بتاريخ 18 ديسمبر/كانون الأول 2015، جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن هجمات على أهداف مدنية، ويحث الدول الأعضاء بمجلس الأمن، على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار.
أيضاً يطلب من الأمم المتحدة أن تجمع بين الطرفين (النظام والمعارضة) للدخول في مفاوضات رسمية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف إجراء تحول سياسي.
إلا أن المبعوث الأممي أقر بأن "المهمة ليست سهلة بسبب الريبة الموجودة بين الأطراف السورية والجهات الإقليمية والدولية والانقسامات العميقة"، مضيفاً: "ما نحتاجه اليوم إطلاق حوار أو صيغة دولية جديدة (لم يوضح المقصود) ونحتاج خطوات واضحة وتدريجية تنفَّذ بشكل متبادل من قِبل كل الأطراف".
نظام بشار يتحمل المسؤولية
بدورها، دعت المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، السفيرة ليندا توماس غرينفيلد، ، في إفادتها خلال جلسة مجلس الأمن، روسيا إلى الضغط على النظام السوري "للتخلي عن المماطلة".
وقالت: "هناك سبب واحد فقط لعدم تمكننا من تفعيل الحل لهذه الأزمة: رفض نظام الأسد الانخراط بحسن نية، وعدم اتخاذه أي خطوة واحدة من شأنها أن ترسي الأساس للسلام"، مضيفة: "لقد حان الوقت لكي يواجه النظام السبب الجذري للنزاع: المطلب الأساسي لجميع السوريين هو العيش بكرامة، بدون تعذيب وسوء معاملة واحتجاز تعسفي".
السفيرة الأمريكية حذرت من خداع المجتمع الدولي بإجراء الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة (في أبريل/نيسان المقبل)، مؤكدة أن "هذه الانتخابات لن تكون حرة ولا نزيهة ولا تفي بالمعايير المنصوص عليها في القرار 2254، بما في ذلك الإشراف عليها من قبل الأمم المتحدة أو إجراؤها وفقًا لدستور جديد، كما أنها لن تضفي الشرعية على نظام الأسد".