أصبحت وضعية اللاجئين السوريين في السودان تزداد تعقيداً، منذ وصول الحكومة الانتقالية وتوليها مقاليد الحكم في البلاد عام 2019، وكذا بسبب توتر الوضع الاقتصادي والسياسي في الخرطوم، إذ بدأت السلطات تدريجياً إصدار لوائح جديدة تزيد صعوبة الحصول على الإقامة، والوظائف، والخدمات بالنسبة للأجانب ومن ضمنهم السوريون، وفي ديسمبر/كانون الأول، وصلت الأمور إلى مستويات جديدة تماماً مع فرض تأشيرة الدخول للمرة الأولى على السوريين القادمين من سوريا.
حسب تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي، الخميس 11 مارس/آذار 2021، كانت وضعية السوريين مختلفة في وقت سابق، بعد أن استطاعوا الإقامة والعمل وفتح الشركات والوصول إلى الخدمات -مثل التعليم والرعاية الصحية- على قدم المساواة مع المواطن السوداني العادي، ولم يكن السوريون حتى بحاجةٍ إلى الحصول على تصاريح إقامة، لأنّهم كانوا يعتبرون ضيوفاً وليسوا لاجئين أو مقيمين بحسب أدهم الأدهم، مدير مبادرة خطوة للسوريين في السودان، المنظمة التي تعمل مع اللاجئين.
السوريون بين النظامين السابق والحالي
سارة توبين، الأستاذة بمعهد Christian Michelsen Institute الذي يبحث في شؤون اللاجئين داخل السودان منذ عام 2018، قال لموقع Al-Monitor: "حين ذهبت إلى السودان أوائل عامي 2018 و2019، كان الأمر سهلاً للغاية. إذ تمكن السوريون من الدخول بحرية وبلا تأشيرة، ولم تكن هناك قيودٌ على تصاريح العمل، واستطاعوا الوصول إلى المجتمع السوداني كأنهم من أبناء السودان. لكن كل تلك الأمور اختفت مع الحكومة الانتقالية".
ففي عهد النظام الإسلاموي لعمر البشير، تمتّع السوريون أيضاً بإمكانية الحصول على الجنسية السودانية، التي منحت حرية تنقُّلٍ أكبر من جوازات سفرهم السورية، إلى جانب القدرة على السفر إلى الدول الأخرى.
عملياً، لم يكُن الحصول على الجنسية السودانية بالإجراءات القانونية أمراً يسيراً، وكان منحها يعتمد بدرجةٍ كبيرة على شبكةٍ فاسدة تصل علاقاتها حتى شقيق البشير شخصياً، بحسب تحقيقٍ أجراه الصحفي عبدالمنعم سليمان.
لكن ذلك الموقف تغيّر بشكلٍ جذري في عهد الحكومة الانتقالية السودانية، التي اشتكت من قلة المعلومات الدقيقة عن الأجانب في البلاد وتبتعد تدريجياً عن "نهج عدم التدخل" الذي اتبعه النظام القديم تجاه اللاجئين، وتداعيات هذا التحوُّل في السياسة تُؤثّر بشكلٍ كبير على السوريين.
حملات ضد السوريين
في سبتمبر/أيلول عام 2019، عقد أفرادٌ من الجالية السورية في السودان اجتماعاً مع مدير شرطة مراقبة الأجانب؛ لفهم وضعهم الجديد من الناحية القانونية.
صرّحت لجنة دعم العائلات السورية حينها بأنّ السوريين عليهم البدء في إصدار تصاريح إقامة، كما يجب على أصحاب الأعمال البدء في إصدار تصاريح العمل للعاملين، باستثناء من حصلوا على الجنسية بالفعل.
ومنذ ذلك الحين شنّت السلطات عدداً من المداهمات وعمليات التفتيش للشركات السورية، وواجه من لا يملكون الوثائق القانونية اللازمة خطر إرسالهم إلى السجن بكفالةٍ عالية، إلا في حال دفع رشاوى ضخمة للشرطة، بحسب المزاعم.
نزع الجنسية
بالتوازي مع تلك الخطوات، أعلنت وزارة الداخلية السودانية يوم التاسع من ديسمبر/كانون الأول، أن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان أصدر قراراً يقضي بسحب الجنسية من 3548 شخصاً حصلوا عليها بالتجنيس دون استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون.
فيما لم يتضح عدد السوريين من بينهم، لكن يُعتقد أنهم يمثلون الغالبية. وفي يوليو/تموز عام 2020، جرى تجميد بطاقات الهوية وتعليق تجديد جوازات السفر لجميع الحاصلين على الجنسية بين يناير/كانون الثاني عام 2014 وأبريل/نيسان عام 2019، وفقاً لبيان وزارة الداخلية. وكانت السلطات السودانية قد أعلنت قبلها تشكيل لجنة لمراجعة ملفات الأجانب الحاصلين على الجنسية السودانية بين عامي 2014 و2019، بحسب الأدهم.
وأعلنت وزارة الداخلية أيضاً في التاسع من ديسمبر/كانون الأول، أن البلاد ستبدأ فرض تأشيرة الدخول على السوريين القادمين من سوريا، في حين أن السوريين القادمين إلى السودان من دول غير السودان كانوا ملزمين بالحصول على تأشير بالفعل.
وخلصت سارة في النهاية، إلى أنه "إذا كانت الحكومة الانتقالية ستلزمهم بأمور مثل تأشيرات الدخول وتصاريح الإقامة والعمل، فيجب عليها بذل جهودٍ لإدماج السوريين في المجتمعات المحلية واقتصاد البلاد، لأنك إذا أدرت الأمور بشفافية وقانونية، فأنت قادرٌ أيضاً على إدارتها بطريقةٍ آمنة وأكثر إنسانية".