أكدت واشنطن، الأربعاء 10 مارس/آذار 2021، رفضها رفع أيّ من العقوبات التي تفرضها على طهران قبل أن تعود الأخيرة إلى احترام كامل الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي الإيراني، معتبرة أنّ الكرة في هذا الملف الآن في ملعبها، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
لا رفع لأي عقوبات أمريكية عن إيران
وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قال، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إنّ "الكرة في ملعبهم (الإيرانيين) لمعرفة ما إذا كانوا مهتمّين حقاً بحوار دبلوماسي أم لا. نحن مهتمّون به".
كما ذكّر الوزير الأمريكي بأنّ واشنطن قبلت دعوة أوروبية للمشاركة في حوار مباشر مع الجمهورية الإسلامية، "لكنّ إيران حتى الآن قالت لا".
وردّاً على سؤال من أحد النواب عمّا إذا كان وزير الخارجية يتعهّد بعدم تقديم أيّ تنازل لإيران لمجرّد انتزاع موافقتها على قبول الدعوة الأوروبية للحوار مع واشنطن، قال بلينكن "نعم"، حتى إنّه شدّد على أنّ الولايات المتحدة لن ترفع أياً من العقوبات السارية على طهران قبل أن تعود الأخيرة إلى احترام كامل الالتزامات المنصوص عليها في الاتفاق النووي.
وخلال جلسة الاستماع أكّد وزير الخارجية أنّ ما يُحكى عن أنّ الإدارة الأمريكية أعطت ضوءاً أخضر لدول معيّنة، مثل كوريا الجنوبية أو العراق، للإفراج عن مليارات من الدولارات من أموال النفط الإيراني المجمّدة لديها بموجب العقوبات الأمريكية، ليس سوى معلومات "خاطئة"، وأكّد بلينكن أنّ أيّ ضوء أخضر بهذا الشأن لن يصدر إلا بعد أن تعود الجمهورية الإسلامية إلى الاتفاق النووي، مضيفاً: "إذا عادت إيران إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، فسنفعل الأمر نفسه"، كما أوضح أنّ "هذا الأمر سيشمل – إذا تعلّق الأمر بذلك، إذا وفت إيران بالتزاماتها كما ينبغي – تخفيف العقوبات كما ينصّ عليه الاتفاق (…) ولكن ما لم تعُد إيران، وإلى أن تعود، إلى الوفاء بالتزاماتها، فلن تحصل على هذا التخفيف".
واشنطن لم "تهرع" للتفاوض مع طهران
وأتت تصريحات بلينكن بُعيد إعلان الموفد الأمريكي روب مالي، في مقابلة قصيرة نشرها موقع "أكسيوس" الإخباري، الأربعاء، أنّ الولايات المتحدة لن "تهرع" للتفاوض مع إيران من أجل التوصل بأي ثمن إلى اتفاق حول الملف النووي قبل الانتخابات الإيرانية في حزيران/يونيو.
وقال الموفد الخاص في أول تصريحات يدلي بها منذ أن عيّنه بايدن في أواخر كانون الثاني/يناير: "لا نعتزم تكييف وتيرة محادثاتنا مع الانتخابات الإيرانية. ما يحدّد الوتيرة هو إلى أيّ مدى يمكننا أن نصل، بما يتوافق مع الدفاع عن مصالح الأمن القومي الأمريكي".
وأضاف: "بكلام آخر، لن نسرّع الأمور أو نبطئها بسبب الانتخابات الإيرانية"، وتابع: "نعتقد أنّ مفاوضات مباشرة أكثر فعالية وتسمح بتفادي سوء التفاهم، لكنّ الجوهر أهمّ من الشكل بنظرنا"، ملمّحاً إلى أن مفاوضات غير مباشرة، بوساطة أوروبية ربّما، قد تسمح في نهاية المطاف ببدء المفاوضات المباشرة.
أزمة متواصلة بين طهران وواشنطن
وفي 2018 سحب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بلاده أحادياً من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى في 2015 والرامي إلى منع الجمهورية الإسلامية من امتلاك قنبلة ذرية، معتبراً أنّ النص غير كافٍ، وأعاد فرض العقوبات الأمريكية عليها.
وبعد عام من ذلك، بدأت إيران بالتراجع تدريجياً عن العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا بينها وبين كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا.
أما إدارة بايدن فأبدت استعدادها للعودة إلى الاتفاق، مشترطة أن تعود إيران أولاً إلى الوفاء بالتزاماتها، في المقابل، تشدّد طهران على أولوية رفع العقوبات عنها، مؤكّدة أنها ستعود إلى التزاماتها في حال قامت الولايات المتّحدة بذلك.
لكنّ الرئيس الديمقراطي محاصر بين مؤيدي الاتفاق ومعارضيه؛ فالمؤيدون يحضّونه على الإسراع حتى لا يضطر بعد الانتخابات إلى التعاطي مع قيادة جديدة أكثر عداء لحوار مع واشنطن، فيما يدعوه المعارضون لعدم تقديم أي تنازل قبل قيام طهران بخطوات فعلية.
وفي وقت سابق وجّه 140 نائباً أمريكياً، نصفهم من الجمهوريين والنصف الآخر من الديمقراطيين، رسالة إلى بلينكن يطالبونه فيها بالتفاوض على اتفاق أوسع نطاقاً وأكثر صرامة مع إيران، غير أنّ بايدن يقول إنه يريد العودة أولاً إلى اتفاق 2015، واعتماده نقطة انطلاق للتفاوض على التزامات "أقوى وأكثر استدامة".