اعتبر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء 9 مارس/آذار 2021، افتتاح مشروع العاصمة الإدارية بمثابة "إعلان جمهورية جديدة" في بلاده، جاء ذلك خلال كلمته أمام الندوة التثقيفية الـ33 التي نظمتها القوات المسلحة، شرقي القاهرة، وأوردتها وسائل إعلام محلية.
العاصمة الجديدة يتم بناؤها حالياً في الصحراء على بعد 45 كيلومتراً شرق القاهرة، حيث تعمل بها شركات المقاولات الخاصة تحت إشراف الجيش. ومن المتوقع أن يكون المشروع الذي تبلغ تكلفته 45 مليار دولار بحجم سنغافورة، وقد أثار العديد من المخاوف بشأن جدواه الاقتصادية.
"ميلاد دولة جديدة"
قال عبدالفتاح السيسي: "مصر تشهد تطويراً كبيراً، وافتتاح العاصمة الإدارية الجديدة يمثل إعلان جمهورية جديدة وميلاد دولة جديدة".
أضاف السيسي خلال كلمته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة: "مش سايبين المحافظات ونتحرك في كل الاتجاهات.. وكل فئات المجتمع مثقفين وفنانين يجهزوا لده.. من أول أسوان حتى العلمين والمنصورة الجديدة والعاصمة الجديدة".
كما تابع السيسي: "الموضوع مش مباني، ده تطوير كبير احنا بنعمله، افتتاح العاصمة الجديدة إعلان الجمهورية الجديدة".
تأجيل افتتاح العاصمة الإدارية
فيما أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الإثنين 8 مارس/آذار، افتتاح العاصمة الإدارية الجديدة بنهاية العام الجاري، مؤكداً أن الافتتاح سيكون على أعلى مستوى من التنظيم، بما "يعكس عظمة هذا المشروع الحضاري العملاق، الذي يعبر عن مصر الحديثة".
العاصمة الإدارية الجديدة هي مشروع طموح لإنشاء مدينة على بعد 45 كيلومتراً شرق القاهرة، كان قد أُعلن عنها في مارس/آذار 2015، خلال قمة اقتصادية عُقدت في منتجع شرم الشيخ، شمال شرقي مصر، لجذب المستثمرين الأجانب.
وفق تقارير حكومية، تقام المدينة، التي تقع بالقرب من منطقة قناة السويس الاستراتيجية، على مساحة 170 ألف فدان، بتكلفة إجمالية تُقدر بـ58 مليار دولار. وتستهدف المدينة عند اكتمال إنشائها عدد سكان يُقدر بـ6.5 مليون نسمة، مع فرص عمل تبلغ حوالي 2 مليون فرصة عمل.
مشاريع بعيدة عن حاجة المواطن
بينما ينظر بعض المصريين للعاصمة الجديدة كمصدر فخر، لكن آخرين يرون أن تكلفتها باهظة، وأنها تُبنى لصالح نخبة محدودة.
في الشهر الماضي، أدان الكثير من المواطنين أيضاً عبر مواقع التواصل مشاريع أخرى بملايين الدولارات تم الإعلان عنها مؤخراً، مثل معلم عين القاهرة، بقيمة 32 مليون دولار، وخط قطار بقيمة 23 مليار دولار.
كما افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي، مطلع 2019، أكبر مسجد في مصر بالعاصمة الإدارية، مسجد "الفتاح العليم"، المقام على مساحة 106 أفدنة بميزانية تقدر بمئات ملايين الجنيهات.
اعتُبرت المشاريع الجديدة إساءة استخدام للأموال العامة، حيث استخدم النقاد الإعلانات لتسليط الضوء على الظروف الكارثية للمستشفيات في البلاد، والتي تفاقمت نتيجة لوباء فيروس كورونا.
كما تمت مشاركة عدد من التقارير ولقطات الفيديو التي تظهر حالة المستشفيات في مصر على نطاق واسع على الإنترنت، الشهر الماضي، حيث تم إبعاد مرضى فيروس كورونا عن المستشفيات بسبب نقص خزانات الأكسجين.
وكشفت التقارير أيضاً أن العديد من الأطباء والمستشفيات غير مجهزين بشكل صحيح بمعدات الحماية الشخصية (PPE)، وأن ارتفاع عدد الحالات قد يدفع نظام الرعاية الصحية في البلاد إلى حافة الانهيار.
أثارت استياء المصريين
كما أثارت تصريحات للمتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر، حول أكبر مسجد في العالم، الذي تعمل الحكومة على بنائه ضمن مشروع "العاصمة الإدارية الجديدة"، كثيراً من الجدل والانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشار الكثيرون إلى الظروف الاقتصادية السيئة وأزمة كورونا المتفاقمة دون تدخل حكومي فاعل.
ففي منشور على صفحته الرسمية عبر فيسبوك، نشر بسام راضي صوراً للمشاريع التي تعمل عليها الحكومة المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة، من بينها "المسجد الجديد"، الذي قال إنه "يمثل أكبر مسجد في العالم بسعة 107 آلاف مصلٍّ".
راضي أشار في منشوره إلى أن "مئذنة المسجد الجديد سيبلغ ارتفاعها 140 متراً"، وسيتضمن المبنى "مجموعة من القاعات الضخمة للاحتفالات والمناسبات وتحفيظ قرآن للرجال والسيدات والأطفال، كما يشمل ساحة انتظار للسيارات ومرأباً متعدد الأدوار بسعة إجمالية لـ3000 سيارة".
عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وصف الكثيرون المشروع بأنه إهدار للمال العام، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، كما تكتظ المستشفيات المصرية بسبب ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا.
من جانبه، دعا الناشط الحقوقي والصحفي هيثم أبوخليل على تويتر للتنديد بالمشروع، مشيراً إلى أن هذا المسجد هو الثاني بالعاصمة الإدارية، وأن ميزانية إنشائه تصل إلى 750 مليون جنيه.