كشفت صور أقمار صناعية نُشرت الإثنين 8 مارس/آذار 2021، أن الإمارات قد أقدمت على نقل منشآتها وآلياتها العسكرية التي كانت تحتل قاعدة عصب في إريتريا بعد تفكيكها، إلى كل من جزيرة ميون اليمنية وقاعدة سيدي براني العسكرية المصرية الواقعة على مقربة من الحدود مع ليبيا.
تحقيق نشرته قناة الجزيرة الإخبارية، أكد قيام الإمارات بتفكيك ثكنات عسكرية، ونقل منظومة باتريوت وطائرات من قاعدة عصب العسكرية، كما أظهرت صور الأقمار الصناعية كذلك إنشاءات عسكرية بجزيرة ميون اليمنية في باب المندب، تزامناً مع تفكيك القاعدة الإريترية.
نقل الطائرات المسيَّرة لليمن
وكشف التحقيق عن تحركات وتفكيك قاعدة عصب في الفترة من 28 ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى الثاني من مارس/آذار 2021، وهو ما يعزز تقريراً سابقاً نشرته وكالة أسوشييتد برس الأمريكية، عن الخطوات الإماراتية في إريتريا، قبل أسبوعين.
كانت الإمارات شيَّدت ميناء ووسَّعت مهبطاً للطائرات في مدينة عصب بدءاً من سبتمبر/أيلول 2015، مستخدمةً المنشأة قاعدةً لنقل القوات السودانية والأسلحة الثقيلة إلى اليمن أثناء قتالها إلى جانب قوات التحالف ضد الحوثيين المدعومين من إيران.
في الوقت نفسه، أظهر التحقيق إنشاء الإمارات مدرجاً للطائرات في جزيرة ميون بطول 1800 متر، ونقل طائرات مسيَّرة، من ميناء عصب إلى الجزيرة اليمنية.
سفينة شحن إماراتية إلى مصر
بالاستناد إلى الأقمار الصناعية، أظهرت الصور سفينة الشحن الإماراتية "جبل علي 7" في قاعدة عصب بإريتريا يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي، تنقل معدات ومنشآت تم تفكيكها في القاعدة، وهي السفينة التي انطلقت من ميناء الفجيرة العسكري بالإمارات، إذ كان آخر ظهور لها في الميناء بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، قبل أن توقف أجهزة الرادار التي تُظهرها على أنظمة التتبُّع المفتوحة للسفن.
تتبَّعت السفينة الإماراتية نمط التخفي والظهور من حين لآخر، في طريقها من قاعدة عصب إلى ميناء الإسكندرية شمالي مصر، وهو ما نتج عنه تضارب في بيانات المنصات المفتوحة والمتعلقة بسير السفينة، إلا أن مصادر تتبُّع خاصة أظهرت توقُّف السفينة في عدد من الأماكن ومنها باب المندب والسويس وصولاً إلى ميناء الإسكندرية.
بحسب التحقيق، فقد نقلت سفينة الشحن الإماراتية أكثر من 1300 مركبة عسكرية من طراز "نمر"، من قاعدة عصب إلى قاعدة سيدي براني المصرية، فضلاً عن مَدافع ذاتية الحركة "جي6" (G6)، إذ انخفض عدد مركبات نمر في القاعدة الإرتيرية من 2349 مركبة، يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي، إلى 1008 مركبات في الرابع من فبراير/شباط الماضي.
فيما نُقلت الشحنات العسكرية بالقطار من ميناء الإسكندرية إلى قاعدة سيدي براني، إذ استطاعت الجزيرة التحقيق من 3 فيديوهات التُقطت لحركة القطارات المحمّلة بالعربات العسكرية في عدة مواقع على خط السكة الحديدية بين مدينة الإسكندرية وسيدي براني، وتُظهر الوسائط تطابُق الصور في الفيديو مع صور الأقمار الصناعية بمواقع على خط السكة الحديدية.
وفي قاعدة سيدي براني، أظهرت صور الأقمار الصناعية تضاعُف عدد المركبات العسكرية بالقاعدة 5 مرات يوم 24 فبراير/شباط الماضي، مقارنة بمنتصف العام الماضي.
موقع استراتيجي مهم
كانت صحيفة The Washington Post الأمريكية قد قالت في 18 فبراير/شباط 2021، إن الميناء الذي شرعت الإمارات في بنائه بإريتريا، في سبتمبر/أيلول 2015، قد بدأت في تفكيكه، وفقاً لصور فحصتها وكالة The Associated Press الإخبارية.
بحسب الصحيفة، فإن مهبط الطائرات في مدينة عصب الإريترية كان يشهد عمليات توسُّع، هدفها الاعتماد على المنشأة كقاعدة لنقل الأسلحة الثقيلة والقوات التي تجلبها من السودان، إلى اليمن، وذلك ضمن مشاركتها في التحالف.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات قد ضخّت ملايين الدولارات لتطوير منشآت القاعدة في مدينة عصب، خاصةً أنها تقع على بُعد نحو 70 كيلومتراً فقط من اليمن. كما قامت بعمليات التجريف لتشييد ميناء مُطل على المياه العميقة، وتحسين مدرج الطيران الذي يبلغ ارتفاعه نحو 3500 متر، لتيسير السبل أمام طائرات نقل الدعم الثقيل.
كذلك بنى الإماراتيون ثكنات وحظائر طائرات وسياجات تحيط بالقاعدة التي تبلغ مساحتها 9 كيلومترات مربعة، وكانت إيطاليا قد شيدتها لأول مرة أثناء استعمارها للمنطقة.
بحسب الصحيفة، فقد ضمّت الثكنات في القاعدة قوات إماراتية ويمنية، كذلك التُقطت صور لقوات سودانية انطلقت من القاعدة أثناء نزولها في مدينة عدن الساحلية اليمنية، بحسب الصحيفة الأمريكية.
تراجع الإمارات
بحسب خبراء، فإن الدولة التي أشاد بها وزير الدفاع الأمريكي السابق، جيمس ماتيس، ذات يوم، واصفاً إياها باسم "إسبرطة الصغيرة"، وجدت نفسها في مأزق مع توسيع نطاق مشاركتها في الصراع اليمني.
من جانبه، يقول رايان بول، المحلل بمركز "ستراتفور" الاستخباراتي الأمريكي، إن "الإماراتيين بدأوا تقليص طموحاتهم الاستراتيجية والانسحاب من أماكن كان لهم فيها وجود. إن انتشار قواتهم العسكرية على هذا النحو المباشر يعرّضهم لمخاطر أكبر مما هم على استعداد الآن لتحمُّلها".
ويقول أليكس ألميدا، المحلل الأمني في Horizon Client Access: "بمجرد أن اكتشفوا أن اليمن لا يستحق كل هذا العناء منهم، قرروا: (سننهي الأمر)، وأنهوه فجأة".
من جانبهم، لم يردّ المسؤولون الإماراتيون على الأسئلة التي وجهتها إليهم وكالة The Associated Press بشأن الموضوع، كذلك لم ترد الحكومة الإريترية، التي كانت قد منحت الإماراتيين عقد إيجار للقاعدة لمدة 30 عاماً، على الأسئلة التي أُرسلت إلى سفارتها في واشنطن.
يشار إلى أنه بحلول صيف 2019، أعلنت الإمارات أنها بدأت سحب قواتها العسكرية المشاركة في الحرب التي ما زالت مستمرة حتى اليوم.