كشف تقرير حقوقي، الخميس 4 مارس/آذار 2021، عن "تعمُّد المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية إخفاء الأعداد الحقيقية لخسائر الجيش في منطقة سيناء، والتي تعكس عدم جدوى عمليات التهجير والإخلاء القسري التي نُفذت".
جاء ذلك في تقرير أصدرته منظمة "نحن نسجل" (غير حكومية)، التي تتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً لها، بعنوان "تقرير سيناء.. حصاد الحقيقة"، وذلك عن عام 2020.
حيث قال التقرير إنه "بمراجعة وتوثيق أكثر من 620 مصدراً صحفياً ومنصة تواصل اجتماعي، إضافة إلى حصر الجنازات الشعبية والعسكرية والبيانات والأخبار الواردة عن تلك الهجمات، فوجئنا بتعمد المتحدث العسكري للقوات المسلحة إخفاء عدد القتلى الحقيقيين للقوات المسلحة، حيث كان إجمالي ما ذكره من قتلى ومصابين هو 57 عسكرياً، ولكن ما قمنا برصده وتوثيقه عبر التحقق من المصادر المفتوحة، كان مقتل ما لا يقل عن 121 قتيلاً فقط، وهذا بخلاف الجرحى"، مستعرضاً الرتب العسكرية للضحايا وأسماءهم وصورهم الشخصية.
المتحدث العسكري المصري تحدث، وفقاً لتقرير "نحن نسجل"، عن شبه جزيرة سيناء في 19 بياناً عسكرياً خلال عام 2020، وتنوعت الأخبار في تلك البيانات ما بين ذكر للعمليات العسكرية والأمنية وزيارات القيادات رفيعة المستوى لشبه الجزيرة.
"تصفية المواطنين"
يشار إلى أن القسم الأول من التقرير الحقوقي تطرق إلى "قيام وزارة الداخلية عبر قطاع الأمن الوطني، بتصفية مواطنين في محافظة شمال سيناء بدعوى الاشتباك المسلح، ولكن التحقيق الذي قام به فريق منظمة (نحن نسجل) عبر تحليل ومراجعة 6 بيانات نشرتها وزارة الداخلية عام 2020، وفحص الصور والفيديوهات التي تم نشرها على الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية، إضافة إلى ما لا يقل عن 30 مصدراً إعلامياً وصحفياً وحكومياً، يكشف قيام الوزارة باستخدام المنزل والأدوات نفسها في حادثتي تصفية منفصلتين".
منظمة "نحن نسجل" أكدت أن فريقها قام بمراجعة ملفات الرصد اليومي التي تعدها وحدة الرصد والتوثيق، وهذا في الفترة ما بين شهر يناير/كانون الثاني 2020 وديسمبر/كانون الأول 2020، إضافة إلى أنها قامت بإجراء مقابلات مع عدد من السكان المحليين في محافظة شمال سيناء ممن كانوا شهوداً على حوادث قتل نتيجة العبوات الناسفة للمسلحين أو الرصاص العشوائي لقوات الجيش، "أيضاً أجرينا مقابلتين عبر الإنترنت مع اثنين من المجندين الذين خدموا في شمال سيناء"، حسب قولها.
"المدنيون خارج نطاق الحماية"
أما في القسم الثاني من التقرير فتوثق "نحن نسجل" الضحايا الذين سقطوا من المدنيين نتيجة استهداف قوات الجيش لهم أو نتيجة العبوات الناسفة التي يقوم مسلحو ولاية سيناء بزرعها لاستهداف قوات الجيش والشرطة، وقام فريق الرصد والتوثيق بعقد ثلاثة لقاءات مع أُسر من أهالي الضحايا وأخذ شهاداتهم فيما حدث لذويهم، "إضافة إلى جمع البيانات من خلال بعض مصادرنا بمحافظة شمال سيناء، حيث قمنا بتوثيق سقوط ما لا يقل عن 37 ضحية من المدنيين، من بينهم 14 سيدة و8 أطفال".
تقرير المنظمة أضاف: "رغم ادعاء كل من قوات الجيش وتنظيم الدولة حرصهم على حماية المدنيين في محافظة شمال سيناء، فإن كلا الطرفين، ووفق ما وثقناه خلال عام 2020، لم يكترث لحياة المدنيين، وهو أكثر ما يمكن ملاحظته من عدة وقائع، إضافة إلى أرقام الضحايا الذين سقطوا وبلغ عددهم 37 مواطناً، منهم 14 سيدة و8 أطفال، وهذا وفق ما وثقناه عبر مصادرنا من المواطنين المحليين وعبر مصادر صحفية ومحلية متعددة".
إذ أشار التقرير إلى أن "الرصاص والقذائف الطائشة لقوات الجيش المصري كانت قد حصدت أرواح 18 مواطناً، بينما حصدت العبوات الناسفة التي زرعها مسلحو تنظيم الدولة، أرواح 19 مواطناً، فيما أصيب أكثر من 43 مواطناً، منهم 7 سيدات و10 أطفال، من جرّاء الاستهداف العشوائي لقوات الجيش ومسلحي تنظيم الدولة".
"عمليات الإخلاء والتهجير القسري"
كما أظهر القسم الثالث من التقرير "كيف أن عمليات الإخلاء والتهجير القسري الذي قامت به السلطات المصرية لأهالي مدن شمال سيناء التالية، وتحديداً في منطقة رفح، بزعم التصدي والقضاء على العمليات العسكرية التي يقوم بها مسلحو تنظيم ولاية سيناء، إلا أن هذا التهجير لم يقلل من الهجمات المسلحة، حيث رصدنا ما لا يقل عن 186 هجوماً في شمال سيناء، منها 39% في منطقة رفح فقط".
جدير بالذكر أنه منذ عام 2014، تشهد مناطق متفرقة شمال شرقي مصر هجمات تستهدف الجيش والشرطة والمدنيين، خفّت وتيرتها مؤخراً، وتبنى معظمها تنظيم "ولاية سيناء".
يشار إلى أنه بين الحين والآخر، يعلن الجيش المصري مقتل عدد من العناصر المسلحة بشمال سيناء، لاسيما مع بدء عملية عسكرية متواصلة منذ فبراير/شباط 2018، ضد تنظيمات إرهابية.