دعا عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، محمد البخيتي، اليمنيين للتبرع بالمال لصالح صناعة الصواريخ الباليستية، وهو قرار انتقدته الحكومة المعترف بها دولياً؛ إذ طالب البخيتي، في منشور على حساب غير رسمي بتويتر، اليمنيين بالاتصال بخط ساخن من أجل جمع الأموال لقوات الميليشيا التي تدعمها إيران، والتي تقاتل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً منذ عام 2015.
موقع Middle East Eye البريطاني قال إن البخيتي كتب في التغريدة، التي نشرها يوم الثلاثاء 2 مارس/آذار 2021: "اتصل برقم 180 على يمن موبايل للتبرع بمئة ريال عن كل اتصال لصناعة الصواريخ الباليستية وسلاح الجو المسيّر".
فيما ردت سفارة الحكومة اليمنية في واشنطن، أمس الخميس 4 مارس/آذار 2021، واصفة الدعوة لجمع التبرعات بأنها "حملة عامة وقحة أخرى"، وانتقدت الحركة لمحاولتها جمع الأموال بينما تسعى البلاد للحصول على تبرعات لتخفيف وطأة ما وصفتها الأمم المتحدة بأنها "أسوأ أزمة إنسانية في العالم".
يُذكر أن غالبية اليمنيين يعتمدون حالياً على المساعدات، ويواجه الملايين الجوع في اليمن الذي مزّقته الحرب، وحذرت وكالات الإغاثة من أن تخفيض المساعدات الدولية يهدد بمجاعة واسعة النطاق في البلاد.
مؤشرات تصعيد
وتأتي دعوة البخيتي بينما تحاول الولايات المتحدة -في عهد الرئيس الجديد جو بايدن- التوسط في إبرام اتفاقيات سلام بين الأطراف المشاركة في الحرب الأهلية التي تحولت إلى حرب بالوكالة.
إلا أن السفارة اليمنية قالت إن "الحملة الجديدة لتمويل شراء المزيد من الأسلحة الفتاكة" هي دليل على أن جماعة الحوثي التي تسيطر على شمال اليمن "لا تشارك بصدق على المستوى الدبلوماسي ولا تعمل على تهدئة التصعيد"، وتابعت السفارة في تعليقها: "ما زال الحوثيون يتمسكون بموقفهم المولع بالقتال ويهدفون إلى توسيع نطاق الأعمال العدائية"، مشيرة إلى الهجمات الأخيرة على محافظة مأرب كدليل إضافي.
وقد واصل الحوثيون مساعيهم للسيطرة على مأرب، الواقعة بالقرب من بعض أغنى حقول النفط اليمنية في شمال البلاد، في أوائل الشهر الماضي، ولقي مئات المقاتلين حتفهم من الجانبين في الأسابيع الأخيرة، فيما تكثف الجماعة محاولاتها للسيطرة على محافظة مأرب ذات الأهمية الاستراتيجية.
وأطلقت قوات الحوثي صاروخاً عابراً للحدود على منشأة تابعة لشركة أرامكو السعودية في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، الخميس 4 مارس/آذار، وفقاً لمتحدث باسم قوات الحوثي.
جماعة الحوثي في اليمن
ومنذ بداية الحرب، يصر الحوثيون على أن مجموعتهم تسعى إلى مناهضة التخلف الاقتصادي والتهميش السياسي في اليمن، وإتاحة قدر أكبر من الحكم الذاتي للمناطق ذات الأغلبية الحوثية في البلاد، وتعتمد جماعة الحوثي غالباً على الصواريخ قصيرة المدى، والأسلحة الصغيرة والخفيفة، وبعض الطائرات بدون طيار الصغيرة، فيما يستعين التحالف الذي تقوده السعودية ويدعم الحكومة بضربات جوية ضد الميليشيات والأهداف المدنية.
يُذكر أن كلاً من السعودية والإمارات برّرتا تدخلهما في اليمن، الذي بدأ خلال الأيام الأولى للحرب، بالاتهامات الموجهة لإيران -وهي خصم إقليمي- بالتدخل في النزاع عبر تسليح جماعة الحوثي، وقد دحض معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام والأمم المتحدة، جزئياً، هذه الادعاءات.
فيما قالت مؤسسة السلام العالمي في تقرير يلخص ما توصّل إليه معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام الدولي والأمم المتحدة: "بينما لا يُستهان بإمدادات الأسلحة الإيرانية، فإن المصادر الرئيسية للأسلحة من الحوثيين كانت محلية وحصلت عليها الجماعة من فصائل الجيش اليمني التي دعمتها، ومن حلفائها السابقين الموالين لصالح، فضلاً عما تم الاستيلاء عليه من أسلحة، والمعدّات الحربية التي جرى تجميعها محلياً".
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، الأربعاء 3 مارس/آذار، المزاعم الأمريكية الأخيرة التي تشير إلى تأجيج إيران "نيران الصراع" في اليمن، وانتقد واشنطن لبيعها أسلحة للتحالف الذي تقوده السعودية، ووصف دورها في الحرب بأنه "تجارة دماء".
مفاوضات بين الحوثي وواشنطن
وفي وقت سابق، أفادت وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مصدرَين وصفتهما بـ"المُطلعين"، بأن مسؤولين أمريكيين كباراً عقدوا أول اجتماع مباشر مع مسؤولين من جماعة الحوثي اليمنية بسلطنة عمان، وذلك في إطار مساعي الإدارة الأمريكية الجديدة لوضع نهاية للحرب اليمنية المستمرة منذ ست سنوات.
وسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء في عام 2014 كما يسيطرون على معظم المناطق السكنية، ويقاتل تحالف بقيادة السعودية الحوثيين بدعم غربي ضمني منذ عام 2015، في حرب قُتل فيها عشرات الآلاف، وتسببت فيما تصفها الأمم المتحدة بأكبر أزمة إنسانية في العالم.
كما يتفاوض السعوديون والحوثيون بشكل مباشر وتحت رعاية الأمم المتحدة، منذ أكثر من عام، بهدف التوصل إلى هدنة.
تسعى السعودية، في محادثات وقف إطلاق النار، إلى الحصول على ضمانات بشأن أمن الحدود وكبح نفوذ إيران، وقال المصدران إن مستوى التمثيل السعودي في المحادثات الافتراضية ارتفع في الآونة الأخيرة.
الرياض تريد إقامة منطقة عازلة داخل اليمن على طول الحدود. ويريد الحوثيون إنهاء الحصار على ميناء الحديدة اليمني ومطار صنعاء.
وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، فستتم إحالته إلى مبعوث الأمم المتحدة غريفيث؛ للتجهيز لمحادثات سلام أوسع نطاقاً، تشمل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والتي تدعمها السعودية، والمتمركزة حالياً في عدن، وفق ما أكده مصدر مطلع في حديثه مع الوكالة.
جدير بالذكر أن تركيز الحرب قد تحوَّل صوب منطقة مأرب المُنتِجة للغاز، حيث قُتل المئات في هجوم للحوثيين، في أشد المعارك فتكاً منذ عام 2018.
يحدث هذا، في الوقت الذي تتحدث فيه تقارير، الأربعاء 3 مارس/آذار، عن اشتباكات عنيفة حول مأرب ومدينة تعز، التي تدور حولها أيضاً معارك شرسة.