قبل أن ينعقد البرلمان للتصويت بمنح الثقة للحكومة الجديدة، سلّم رئيس الوزراء الليبي المكلف عبدالحميد الدبيبة، الخميس 4 مارس/آذار 2021، تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية الجديدة للبلاد إلى رئاسة مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق برئاسة عقيلة صالح.
حيث قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء المكلف، في بيان، إن "رئيس حكومة الوحدة الوطنية المسمى، قام بتسليم تشكيلة الحكومة مرفقة بالأسماء المقترحة لتولي الحقائب الوزارية، للسادة في هيئة رئاسة مجلس النواب"، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تأتي "التزاماً بخارطة الطريق المحددة في الاتفاق السياسي، وبالإجراءات المحددة لتسليم تشكيلة الحكومة قبل عقد مجلس النواب جلسة منح الثقة في 8 مارس/آذار الجاري 2021، بمدينة سرت (شمال وسط)".
من جهته، أكد الناطق باسم مجلس النواب في طبرق، عبدالله بليحق، أن "جلسة مناقشة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية ستكون في موعدها المُعلن سابقاً بتاريخ 8 مارس/آذار الجاري"، متوقعاً حضور كل أعضاء مجلس النواب المنعقد في طرابلس إلى جلسة مناقشة منح الثقة للحكومة، دون مزيد من التفاصيل.
كان عقيلة صالح قد دعا، في 27 فبراير/شباط الماضي، إلى عقد جلسة لمجلس النواب في الـ8 من مارس/آذار الجاري، بمدينة سرت؛ لمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.
فيما لم يصدر أي إعلان رسمي حول ذلك من رئاسة مجلس النواب في طرابلس، حتى الساعة الـ18.30 ت.غ.
يشار إلى أنه منذ سنوات، يشهد البرلمان الليبي انقساماً بين نوابه؛ حيث يدعم نواب يجتمعون في العاصمة طرابلس (غرب) الحكومة الحالية المعترف بها دولياً، بينما يساند نواب آخرون يجتمعون في طبرق، قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تنازع الحكومة على الشرعية والسلطة.
توحيد شقَّي مجلس النواب
جدير بالذكر أنه ضمن المساعي الدولية والإقليمية لحل الأزمة الليبية، جرت خلال الأشهر الماضية، محاولات لتوحيد شقَّي مجلس النواب، إلا أنها لم تنجح حتى اليوم، في تحقيق نتائج حقيقية على الأرض.
سبق أن قال الدبيبة، الخميس 25 فبراير/شباط 2021، إنه قدَّم لمجلس النواب مقترحاً بحكومة وحدة وطنية، داعياً المجلس إلى ترسيخ المصالحة التي تقوم على أساس ما أفرزه ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عُقد في جنيف، مؤخراً.
الدبيبة أكد في مؤتمر صحفي بطرابلس، أنه أخذ في الاعتبار "التوزيع العادل" بين غرب وشرق وجنوب البلاد في تشكيلته الوزارية ومقترح معايير الحكومة الجديدة الذي قدمه إلى مجلس النواب، مؤكداً أنه تم اعتماد مبدأ التشاور مع أعضاء لجنة الحوار السياسي وأعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة قبل اختيار تشكيلة الحكومية الجديدة.
المصالحة بين جميع الأطراف الليبية
وعبَّر الدبيبة عن رغبة حكومته في ترسيخ المصالحة بين جميع الأطراف الليبية المتحاربة، مؤكداً أنه لا يريد استثناء أي طرف من الدولة، مشيراً إلى أن حكومته تضم وزراء من التكنوقراط يمثلون كل فئات ومناطق ليبيا.
يشار إلى أنه في حال عدم تأمين النصاب المطلوب للتصويت على الثقة في البرلمان، فسيعود الأمر إلى الموفدين الليبيين الـ75 إلى جنيف، لمنح الثقة للحكومة.
كانت الحكومة التابعة لمجلس نواب طبرق، برئاسة عبدالله الثني، قد وجهت كتاباً إلى جميع الوزارات والهيئات والإدارات التابعة لها أعلنت فيه تأجيل إحالة أسماء مندوبيها المشاركين في توحيد مؤسسات الدولة، مؤكدةً أنها اتخذت هذه الخطوة إلى "حين اتضاح ملامح العملية السياسية الجديدة التي ترعاها بعثة الأممية".
جاء ذلك رداً على ما أعلنه أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، على حسابه في تويتر، عن قرب الإعلان عن توحيد مؤسسات وإدارات ومصارف وأجهزة تابعة للدولة.
فيما شدّد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيش، على "ضرورة التكاتف من أجل تشكيل الحكومة الليبية"، داعياً إلى عقد جلسة رسمية موحدة لمجلس النواب لإجراء تصويت منح الثقة بشأن الحكومة المقترحة، على وجه السرعة.
كانت اللجنة العسكرية المشتركة "5+5" قد وافقت على طلب مجلس النواب الليبي عقد جلسة منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية في مدينة سرت، متعهدة بتوفير الحماية اللازمة لها.
ملتقى الحوار الليبي
يُذكر أنه تم انتخاب الدبيبة (61 عاماً)، في 5 فبراير/شباط، رئيساً للوزراء للفترة الانتقالية بليبيا، وذلك من جانب المشاركين في الحوار الذي أُطلِقَ في نوفمبر/تشرين الثاني، بين الأفرقاء الليبيين في سويسرا برعاية الأمم المتحدة.
إلا أنه أمام الدبيبة مهلة حتى 19 مارس/آذار الجاري، للحصول على ثقة مجلس النواب قبل أن يبدأ المهمة الصعبة المتمثلة بتوحيد المؤسسات وقيادة المرحلة الانتقالية حتى الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول.
ومنذ انتخابه، كثف الدبيبة لقاءاته وتنقلاته، من أجل تشكيل فريق يحل محل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، التي تشكلت في 2016 بطرابلس (غرب) والمعترف بها من قِبل الأمم المتحدة.
بذلك تُطوى صفحة مرحلة انتقالية بدأت مع اتفاق الصخيرات في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني، لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية بالبلاد.
والنزاعات على السلطة أغرقت البلاد في الحرب منذ أبريل/نيسان 2019، على خلفية تدخُّل أجنبي مع هجوم أطلقه حفتر في محاولة للسيطرة على طرابلس.
منذ فشل القوات الموالية لحفتر في الاستيلاء على طرابلس، جرت محاولات وساطة عديدة. ودخل وقف إطلاق النار بوساطة من الأمم المتحدة، حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول، وما زال مطبَّقاً إلى حد كبير.