طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يوم الإثنين 1 مارس/آذار 2021 الدول المانحة التبرع بسخاء لتجنب مجاعة واسعة النطاق في اليمن، وذلك خلال كلمته في افتتاح مؤتمر افتراضي يهدف لجمع 3.85 مليارات دولار لتمويل عمليات الإغاثة في البلد الغارق بالحرب.
إذ قال غوتيريش في كلمته أمام ممثلين عن نحو 100 دولة وجهة مانحة عبر الشاشة: "أناشد جميع المانحين أن يمولوا نداءنا بسخاء لوقف المجاعة التي تخيم على البلاد"، مضيفاً: "كل دولار مهم". وتابع: "خفض المساعدات هو بمثابة عقوبة إعدام لعائلات بأكملها".
مؤتمر مانحين لليمن
في حين تنظّم الأمم المتحدة المؤتمر بالشراكة مع سويسرا والسويد بهدف حث دول مانحة على التبرع لجمع 3.85 مليارات دولار سريعاً ومنع حدوث "مجاعة واسعة النطاق" في اليمن الذي يشهد نزاعاً مدمراً على السلطة منذ أكثر من ست سنوات.
بينما قُتل وأصيب عشرات الآلاف من المدنيين في النزاع المتواصل منذ سيطرة الحوثيين المدعومين من إيران على العاصمة صنعاء في 2014، فإنّ القتال تسبّب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة ووضع ملايين السكان على حافة المجاعة.
ينعقد المؤتمر في وقت يتصاعد النزاع مع محاولة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران السيطرة على مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة المعترف بها دولياً في الشمال، فيما تتكّثف الهجمات ضد السعودية الداعم العسكري الأكبر للحكومة.
المجاعة تضرب اليمن
غوتيريش في كلمته وفق تقرير فرانس برس، قال إن المجاعة ستثقل كاهل اليمن. الجميع في سباق إذا ما أراد منع الجوع والمجاعة من إزهاق أرواح الملايين. مضيفاً: "ليست هناك من مبالغة في وصف شدة المعاناة في اليمن".
كما اعتبر أنه "بالنسبة لمعظم الناس، أصبحت الحياة في اليمن الآن لا تطاق. وتمثّل الطفولة في اليمن نوعاً خاصاً من الجحيم. هذه الحرب تبتلع جيلاً كاملاً من اليمنيين. يجب أن ننهيها الآن ونبدأ بالتعامل مع عواقبها على الفور".
بحسب الأمم المتحدة، سيواجه أكثر من 16 مليون شخص من بين 29 مليوناً الجوع في اليمن هذا العام، وهناك ما يقارب من 50 ألف يمني "يموتون جوعاً بالفعل في ظروف تشبه المجاعة".
كذلك، تحذّر وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن 400 ألف طفل تحت سن الخامسة يواجهون خطر الموت جرّاء سوء التغذية الحاد في 2021، في زيادة بنسبة 22% عن العام 2020.
كانت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية جمعت العام الماضي 1.9 مليار دولار من أصل 3.4 مليار دولار كان يحتاجها البلد الفقير.
تراجع توزيع المواد الغذائية
في المقابل فقد أدّى نقص التمويل في 2020 إلى وقف 15 من 41 برنامجاً إنسانياً رئيسياً في اليمن، حسبما أفادت الأمم المتحدة في نهاية سبتمبر/أيلول 2020 فيما تراجعت نسبة توزيع المواد الغذائية وأُوقفت الخدمات الصحية في أكثر من 300 مرفق صحي.
من جانبه قال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أوك لوتسما في مقابلة مع وكالة فرانس برس الأحد إن الحرب تحول اليمن إلى "دولة غير قابلة للحياة". مضيفاً: "عوامل التنمية تبخرت على مدار الحرب" وأصبح اليمن يشهد "أسوأ أزمة تنموية في العالم".
في المقابل ففي يوم الجمعة حذرت 12 منظمات إنسانية من بينها "سايف ذي تشيلدرن" و"المجلس النرويجي للاجئين" من "كارثة" في حال استمرار تخفيض التمويل.
إذ أوضحت المنظمات في بيان مشترك أن "التخفيضات الشديدة في المساعدات أدت إلى تعميق معاناة الناس"، مشيرة إلى أن "هناك ستة ملايين شخص، بينهم ثلاثة ملايين طفل من دون مياه نظيفة وخدمات صرف صحي خلال جائحة عالمية" في إشارة إلى فيروس كورونا.
من ناحية أخرى ينعقد المؤتمر المرتقب على وقع تحرّكات للإدارة الأمريكية الجديدة لإعادة الحرب في أفقر دول شبه الجزيرة العربية إلى مسار الدبلوماسية، خصوصاً بعدما أنهت دعمها للتحالف العسكري الذي تقوده السعودية في هذا البلد منذ 2015 دعماً للحكومة المعترف بها.
لكن الاجتماع يلتئم كذلك على وقع تصعيد عسكري كبير على الأرض مع مقتل مئات من المتمردين والقوات الموالية للحكومة في معارك طاحنة قرب مدينة مأرب، آخر معاقل السلطة في شمال اليمن، وتكثيف الحوثيين هجماتهم ضد السعودية.
كانت محافظة مأرب وعاصمتها المدينة التي تحمل الاسم ذاته بمثابة ملجأ للكثير من النازحين الذين فروا هرباً من المعارك.
مخيمات تستقبل مليوني شخص
تشير الحكومة إلى أنّ مخيّمات محافظة مأرب وعددها نحو 139 استقبلت نحو 2.2 مليون شخص من بين 3.3 مليون في أنحاء اليمن. وتجبر المعارك الأخيرة عائلات في الكثير من المخيمات على الفرار نحو مخيمات أخرى.
قبيل انطلاق المؤتمر، التزمت الإمارات الجمعة بتقديم 230 مليون دولار.
في حين قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن لوكوك في بيان: "نحن على مفترق طرق في اليمن. يمكننا اختيار طريق السلام أو السماح بانزلاق إلى أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود".