أوضح كتاب جديد أن عدد الحيوانات المنوية يتناقص منذ عقود، والسبب الرئيسي هو المواد الكيميائية في البيئة التي تعطل النظام الهرموني للجسم، حسب ما نشره موقع Axios الأمريكي، الأربعاء 24 فبراير/شباط 2021.
الموقع أشار إلى أن القدرة على التكاثر تشكل أهمية أساسية بالنسبة للمستقبل القابل للاستمرار لأي كائن حي. وإذا كانت بعض المواد الكيميائية تدمر خصوبتنا على المدى الطويل، فقد ينتهي الأمر بالبشر كنوع مهدد بالانقراض.
انخفاض عدد الحيوانات المنوية في العالم الغربي
في عام 2017، شاركت عالِمة الأوبئة شانا سوان، بكلية طب ماونت سيناي، في كتابة تحليل تلوي شامل توصل إلى نتيجة مذهلة: انخفض إجمالي عدد الحيوانات المنوية في العالم الغربي بنسبة 59% بين عامي 1973 و2011.
جنباً إلى جنب مع انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، والمعدلات المتزايدة من سرطان الخصية، وخلل الانتصاب الوظيفي الذي يُترجم إلى زيادة بنسبة 1% سنوياً من التغيرات التناسلية السلبية للرجال، وفقاً لشانا.
إذ كتبت شانا الآن استنتاجاتها في كتاب جديد بعنوان ينذر بالخطر وعنوانه: "عدٌّ تنازلي: كيف يُهدد عالمنا المعاصر أعداد الحيوانات المنوية، ويُغير شكل تطور التكاثر للذكور والإناث، ويُعيق مستقبل الجنس البشري".
تقول شانا إنه إذا نظرت إلى منحنى عدد الحيوانات المنوية وسحبته إلى الأمام -وهو أمر محفوف بالمخاطر دائماً- فإنه يصل إلى الصفر في عام 2045، مما يعني أن الرجل المتوسط لن تكون لديه في الأساس حيوانات منوية قابلة للحياة.
يشير الموقع الأمريكي إلى أنه بالأرقام انخفض معدل الخصوبة العالمي -عدد الولادات لكل امرأة- من 5.06 في 1964 إلى 2.4 في عام 2018.
أما اليوم فإن نحو نصف دول العالم -وضمنها الولايات المتحدة- لديها معدلات الخصوبة دون مستوى الإحلال السكاني البالغ 2.1 ولادة. وبحلول عام 2050، من المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى ثلثي الدول.
عوامل كثيرة وراء التراجع
لكن هناك العديد من العوامل الأخرى المرتبطة بانخفاض معدلات الخصوبة والتي تبدو غير مرتبطة إلى حد كبير بعدد الحيوانات المنوية.
مثل ظهور وسائل منع الحمل، والتحول العالمي للتمدن، وتغيير التفضيلات الثقافية نحو الأسر الأصغر حجماً، وتأخير سن الإنجاب، وارتفاع تكاليف تربية الأطفال، كلها تلعب دوراً لدى معظم البشر في اتخاذ قرار إنجاب عدد أقل من الأطفال.
مع ذلك، ما تزال هناك فجوة حول العالم بين عدد الأطفال الذين يقول الناس إنهم يريدونهم وعدد الأطفال الذين لديهم بالفعل، مما يشير على الأقل إلى أن بعض الانخفاض في معدل الخصوبة ليس طوعياً تماماً.
كما تشير شانا في كتابها إلى تزايد معدلات الإجهاض وضعف الخصوبة حتى بين النساء الأصغر سناً على أنه علامات إضافية بيولوجية تلعب جنباً إلى جنب مع تلك الاجتماعية والاقتصادية.
وتلاحظ ارتفاع عدد الأولاد الذين يعانون تشوهات تناسلية واضحة، فضلاً عن انخفاض المسافة الشرجية التناسلية عند الذكور الرضع والظهور المبكر لعلامات البلوغ بين الفتيات.
ترتبط هذه النتائج بالتغيرات في الهرمونات أو الغدد الصماء، خاصةً الأندروجينات، والهرمونات الجنسية التي تدفع إلى تطوير الخصائص الذكورية بيولوجياً.
خاصةً المواد الكيميائية الموجودة في كل مكان
كما تشير شانا والعديد من زملائها بإصبع الاتهام نحو المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء في البيئة، وضمن ذلك الفثالات وبيسفينول أ، وهي المواد المعروفة باسم "المواد الكيميائية الموجودة في كل مكان"، بسبب انتشارها في أشياء مثل البلاستيك والمبيدات الحشرية ومستحضرات التجميل وحتى في إيصالات أجهزة الصراف الآلي.
كما لاحظت شانا نفسها، فهناك عوامل أخرى مؤثرة تضعف خصوبة الذكور والإناث تتخطى فكرة المواد الكيميائية البيئية، من ضمنها تدخين التبغ والماريجوانا وارتفاع مستويات السمنة.
ما يجعل ضعف الخصوبة أمراً حقيقياً
فيما دق عدد متزايد من المؤسسات العلمية ناقوس الخطر بشأن المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء، وتتبنى شانا قضية قوية، مفادها أنَّ ضعف الخصوبة أمر حقيقي وتتجاوز أسبابه المشكلات الصحية المنفصلة أو خيارات نمط الحياة.
تقارن شانا صراحةً ما تعتبره أزمة خصوبة بتغير المناخ، وهو تهديد عالمي آخر كان من الصعب مكافحته، لأن أسبابه أيضاً غير مرئية إلى حد كبير وتظهر على نطاق زمني طويل.
مثلما يضيف ثاني أكسيد الكربون المتراكم في البيئة على مدى عقود، زخماً لتغير المناخ، فقد يتراكم الضرر الذي يلحق بالتكاثر البشري، مع بدء كل جيل جديدٍ الحياة بخصوبة متدهورة بشكل متزايد.
هي تشير إلى أن البشر -على الرغم من أعدادهم الكبيرة- يمكن القول إنهم يُوافقون بالفعل ثلاثة من المعايير الخمسة للأنواع المهددة بالانقراض: تدمير بيئتهم، وعدم كفاية الآليات التنظيمية، وعوامل من صنع الإنسان تؤثر على استمرار وجوده.
خلاصة القول، بحسب ما كتبته شانا، "لا يمكن أن تستمر الحالة الحالية للمسألة الإنجابية فترة أطول دون تهديد بقاء الإنسان".