قدّم مجموعة من الأفغان شهادات صادمة عن ازدهار تجارة الكلى بين فقراء أحد أحياء مدينة هراة غرب البلاد، وكشفت صحيفة The Telegraph البريطانية، أنه في تلك الضاحية الفقيرة يمتلك ما لا يقل عن 32 شخصاً ندوبا على شكل خطوط تمتد على جانب بطونهم.
هذه الخطوط هي ما تبقى من أثر العمليات الجراحية، وهؤلاء الشباب ليسوا سوى جزء بسيط من أولئك الموجودين في الحي والذين يحملون العلامات نفسها، حسب تقرير الصحيفة الذي نُشر الثلاثاء 23 فبراير/شباط 2021.
تجارة الكلى مزدهرة وتفترس الفقراء
قال إبراهيم حكيمي، وهو شيخ محلي، إن جميع الرجال دفعهم الفقر واليأس إلى بيع إحدى الكليتين، في تجارة غير مشروعة مزدهرة تفترس فقراء المدينة.
فيما قال رجال من المدينة، إن تجارة الكلى أصبح شريان الحياة المالي للأشخاص الأكثر حاجة في مدينتهم. فقد تضافر الفقر مع يأس أولئك الذين يحتاجون إلى عمليات زرع كلى، لخلق سوق سوداء مزدهرة.
رغم ذلك، يمكن أن تحمل تجارة الكلى تكلفة باهظة بالنسبة للمانحين، الذين يجدون في بعض الأحيان أنهم تاجروا بصحتهم وقدرتهم على العمل مقابل بضعة آلاف فقط من الجنيهات.
فقد انتشرت شائعات عن مثل هذه التجارة في جميع أنحاء المدينة على الحدود الإيرانية لسنوات، لكن الكشف بوسائل الإعلام في وقت سابق من هذا الشهر، عن حجم التجارة المزعومة أحدث صدمة. وبدأت السلطات المحلية تحقيقاً.
لكن عيادة زرع الأعضاء التي تحتل بؤرة عمليات تجارة الكلى المزعومة، نفت ارتكاب هذا الفعل واتهمت الناس بالكذب بشأن الدفع مقابل كليتهم.
يُزعم أن تجارة الأعضاء قد ترسخت في بلد ينزلق أكثر إلى دائرة الفقر، على الرغم من مساعدات التنمية السخية من أمريكا وحلفائها في العقدين الماضيين.
العديد ممن قالوا إنهم باعوا الكلى نزحوا من مقاطعاتهم الأصلية بسبب الجفاف والحرب، ولجأوا إلى هراة حيث يكسبون رزقهم كعمال باليومية.
امرأة حامل باعت كليتها لإنقاذ زوجها
إذ قال نجيب الله (32 عاماً)، من منطقة فارياب ويعيش في مخيم للنازحين شمال شرق هراة، إنه قرر بيع كلية مقابل 300 ألف أفغاني (4 آلاف دولار)، بسبب ديون تراكمت عليه بعد زواجه. فبموجب العادات المحلية، أُجبر على دفع مهر العروس لزوجته، وسيؤدي عدم تسوية الدين مع أسرتها إلى حدوث نزاع.
بينما قالت امرأة تدعى خوري غول، في المخيم نفسه، إنها باعت كلية، العام الماضي، لإنقاذ زوجها أمير الدين، من محصلي ديون طالبان. وكانت قد جمعت 290 ألف أفغاني (3 آلاف و 800 دولار)، مما ضمِن حرية زوجها، لكنها لم تسدد ديونه بالكامل.
أوضحت خوراي جول: "كنت حاملاً لمدة 50 يوماً في اليوم الذي أعطيت فيه كليتي. لم أخبر الأطباء بأنني حامل، لأنه كان علي القيام بذلك".
كما أضافت أنها لم تكن تعرف الشخص الذي أِعطيت له كليتها، لكنه من أفغانستان، ثم أوضحت قائلة: "لقد أجريت اختبارات الدم من قبل، وفي وقت لاحق اتصل بي الأطباء وطلبوا مني القدوم وإعطاء كليتي لشخص، فذهبت إلى هناك وأعطيت الكلية".
بينما قال عمرو الدين، زوج خوراي جول: "تم نقلي إلى جبل بسبب الديون، ولم يكن أمام زوجتي خيار سوى الذهاب إلى مستشفى لقمان الحكيم لبيع كليتها".
من جهتها، قالت وزارة الصحة العامة الأفغانية، إن تجارة الكلى وبيع وشراء الأعضاء غير قانوني، وستتم مقاضاة المستشفيات المتورطة في عمليات زرع الأعضاء غير القانونية ويمكن إلغاء تراخيصها.
الاتهامات تُوجه لمستشفى واحد
زعم جميع الذين قالوا إنهم باعوا كلاهم، إن عملية الزرع أُجريت في مستشفى لقمان الحكيم الخاص بالمدينة.
إذ أجرى المرفق المثير للجدل أول عملية زرع كلى ناجحة لالبلاد في عام 2016، ومنذ ذلك الحين أجرى أكثر من ألف عملية من هذا القبيل.
فيما قال المانحون، إنه معروف جيداً كمكان تنشط فيه تجارة الكلى ويمكن العثور فيه على العملاء الذين يدفعون مقابل الحصول على الكلى، وأحياناً عبر وسطاء بين المشترين والبائعين. وقد نفى المستشفى بشدة، تورطه في أنشطة غير قانونية أو غض الطرف عن تجارة الأعضاء.
بينما قال الموظفون إنهم لا يستطيعون التعليق على المزاعم حتى اكتمال تحقيق حكومة المقاطعة، فقد أخبروا أيضاً صحيفة The Telegraph البريطانية بأن الناس كانوا يكذبون بشأن تلقي أموال مقابل تبرعات بالكلى.
لكنه ينفي الاتهامات بتجارة الكلى
أضاف الموظفون، إن الناس إما كانوا يروون قصصاً لوسائل الإعلام حول تجارة الكلى على أمل الحصول على مساعدات حكومية، وإما كانوا يرددون اتهامات ينشرها منافسون تجاريون.
كما ادعى الدكتور فريد أحمد إعجاز، كبير الأطباء في المستشفى، أن الندوب التي شاهدتها الصحيفة كانت نتيجة عمليات أخرى، مثل التهاب الزائدة الدودية، وقال إن التبرع بالكلى كان إلى حد كبير يحدث بين أفراد الأسرة.
مع ذلك، عند سؤالهم عما إذا كانت هناك تجارة قد تتم في المستشفى، بدا أن المسؤولين يعترفون بإمكانية ذلك.
المسؤولون لا يتعاطفون مع الضحايا
يبدو أيضاً أن المسؤولين المحليين لا يتعاطفون كثيراً مع أولئك الذين يزعمون أنهم باعوا الأعضاء.
قال محمد عاصف كبير، نائب رئيس دائرة الصحة بالمقاطعة التي تحقق في المزاعم: "أغلب الحالات من أقارب أو إخوة أو آباء، وبعضها تبرعات. ربما تكون المشكلة أن معظم الناس نازحون داخلياً. وربما يعتقدون أن الحكومة ستساعدهم وتعطيهم شيئاً".
محمد تيموري (26 عاماً)، الذي قال إنه باع كليته العام الماضي، نفى أنه هو أو الآخرون كانوا يكذبون. وقال: "أي طبيب عادل لن يفعل ذلك. إنهم يذبحون البشر من أجل المال".